تجد الحكومة الفرنسية نفسها في سباق مع الوقت لإيجاد مخرج لحل أزمة السترات الصفراء ، هذا التحرك لفرنسيين عاديين احتجاجاً على سياسة إيمانويل ماكرون الضريبية والاجتماعية، بعد أعمال العنف الخطيرة التي واكبت الاحتجاجات في باريس .
لكن في الوقت الذي قدمت فيه الحكومة الفرنسية "تنازلات" بإعلانها إجراء مفاوضات مع ممثلين عن "السترات الصفراء"، أكدت تقارير إعلامية فرنسية أن المتظاهرين قرروا مقاطعة المحادثات التي كانت مبرمجة مع الحكومة الثلاثاء 4 ديسمبر/كانون الأول 2018.
أزمة السترات الصفراء تضع الحكومة الفرنسية في موقف محرج
واستقبل رئيس الوزراء الفرنسي، إدوار فيليب، الإثنين 3 ديسمبر/كانون الأول 2018، رئيسة بلدية باريس، آن إيدالغو، وبعدها قادة الأحزاب السياسية الفرنسية الرئيسية، ومن المتوقع أن يلتقي، الثلاثاء 4 ديمسبر/كانون الأول 2018، ممثلي "السترات الصفراء".
لكن اثنين من مندوبي أزمة السترات الصفراء أكدا لوكالة الأنباء الفرنسية، أن ممثلي الجناح المعتدل بحركة الاحتجاج لن يشاركوا في المحادثات مع رئيس الوزراء، بعد أن تلقوا تهديدات بالانتقام من المتشددين. وقالا إن قرار عدم المشاركة في المحادثات مع فيليب، الثلاثاء، يعود إلى "أسباب أمنية".
والحكومة التي تواجه دعوات جديدة للتعبئة والتظاهر، السبت 8 ديسمبر/كانون الأول 2018، وبدء تحرك احتجاجي طلابي، لم تنجح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، في إقامة حوار مع "السترات الصفراء" لوقف هذا التحرك غير المنظم.
وامتنع ماكرون، الذي عاد الأحد من الأرجنتين، عن الإدلاء بأي تصريحات بخصوص أزمة السترات الصفراء ، بعدما عاين الأضرار الجسيمة التي لحقت بنصب قوس النصر والمناطق المجاورة له في باريس، جراء أعمال تخريب.
وأرجأ الرئيس الفرنسي زيارته الرسمية لصربيا يومي الأربعاء والخميس 5 و6 ديسمبر/كانون الأول 2018، "بسبب الوضع الحالي" في فرنسا، كما قال نظيره الصربي ألكسندر فوتشيتش.
في ظل اختيار الرئيس إيمانويل ماكرون التزام الصمت
وعنونت صحيفة "لو فيغارو": "فرنسا تحت الصدمة تنتظر إجابات" في حين عرضت صحيفة "ليبراسيون" على صفحتها الأولى وجه ماكرون "يغمره" اللون الأصفر. وكتبت "لوموند" أن "على ماكرون نزع فتيل الأزمة".
وأعلن أوليفييه فور، السكرتير الأول للحزب الإشتراكي، بعد لقاء رئيس الوزراء: "حتى الآن لم نتلقَّ رداً". وقال لوران فوكييه، زعيم المعارضة اليمينية ("الجمهوريون"): "لا يمكن أن يبقى الرئيس صامتاً".
وخفضُ الضرائب من التدابير التي قد تُتخذ لإرضاء المتظاهرين ووقف أزمة السترات الصفراء .
والإثنين 3 ديسمبر/كانون الأول 2018، أعلن وزير الاقتصاد برونو لومير: "يجب تسريع خفض الضرائب. ولتحقيق ذلك، يجب تسريع خفض النفقات العامة. وإننا مستعدون لسلوك هذا النهج".
وحذر برونو كوتري، الباحث بمركز الأبحاث السياسية في جامعة "سيانس بو"، من "أنه كلما مر الوقت كان الثمن السياسي باهظاً".
واستدرك: "لكن، يمكننا أن نطرح تساؤلات عن قدرة الحكومة على استيعاب ما يحصل"، ملمحاً إلى أنه سيكون من الصعب ردم الهوة التي تفصل بين الحكومة والمحتجين.
بينما وزيره للاقتصاد أعرب عن استعداد الحكومة لخفض الضرائب
أعرب وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، عن استعداد حكومة بلاده لخفض الضرائب والنفقات العامة؛ تلبية لمطالب حركة "السترات الصفراء".
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده لومير، الإثنين، في وزارة الاقتصاد بالعاصمة باريس، تحدث فيه عن الأوضاع الاقتصادية والاحتجاجات في بلاده.
وأكد الوزير الفرنسي حسب ما نقلته وكالة الأناضول "استعداد الحكومة لتسريع خفض الضرائب والنفقات العامة"، بما يضمن وقف أزمة السترات الصفراء .
وأشار لومير إلى أن احتجاجات "السترات الصفراء" أثرت بشكل حاد على اقتصاد البلاد، وأن العديد من القطاعات تضررت من الاحتجاجات.
ولفت في هذا الإطار إلى أن أضرار قطاع النقل والشحن وصلت إلى 400 مليون يورو، في حين انخفضت حجوزات الفنادق بنسبة تتراوح بين 15 و20%.
وأكد أن مبيعات المطاعم انخفضت بنسبة تترواح بين 20 و50% خلال 15 يوماً، علاوة عن انخفاض مبيعات شركتي "رينو" و"بيجو"، دون أن يذكر النسبة.
جلسات محاكمة سريعة لمعتقلي الاحتجاجات في باريس
مشاهد السبت التي نُشرت في أنحاء العالم كافة، لا تزال تحتل حيزاً كبيراً، الإثنين 3 ديسمبر/كانون الأول 2018، بالصحافة الدولية في حين يرتسم بالأفق يوم جديد من التحرك السبت 7 ديسمبر/كانون الأول 2018.
والإثنين، استمع النواب إلى وزير الداخلية كريستوف كاستانير ووزير الدولة لوران نوني، لشرح طريقة تعامل الحكومة مع أعمال الشغب، خاصة بعد تعرضها لانتقادات من قِبل نقابات الشرطة.
وطلبت نقابات الشرطة، الإثنين، لقاء ماكرون، لعرض "خطورة الوضع" عليه، وليضع استراتيجية لحفظ النظام العام تكون مناسبة في حالة حصول تحرك جديد. وسيستقبلهم، الثلاثاء 4 ديسمبر/كانون الأول 2018، وزير الداخلية.
في الأثناء، تواصل أزمة السترات الصفراء ، خصوصاً قطع الطرقات في الأرياف.
وخلال الأسبوعين الماضيين، ارتفع عدد الضحايا إلى 4 مع وفاة امرأة مسنَّة في مرسيليا بعد إصابتها بقنبلة مسيلة للدموع، على هامش الحوادث.
ويستعد القضاء لمحاكمة موقوفي السبت بعد حوادث باريس. وسيحاكَم 57 موقوفاً على الأقل (من أصل 378)، الإثنين، أمام محكمة باريس الجنائية.
ويواجه الموقوفون تهم ارتكاب "أعمال عنف ضد أشخاص يتولون السلطة العامة"، و"أعمال تخريب ضد أملاك ذات منفعة عامة"، و"التجمع بغية ارتكاب أعمال عنف"، و"حمل سلاح"، وهي جرائم يعاقَب عليها بالسجن مدةً تتراوح بين 3 و7 سنوات، بحسب ما أوضحه المدعي العام.