الخبراء متشائمون والمصدِّرون يلغون صفقاتهم.. كيف أثرت الأزمة الاقتصادية التركية على الاقتصاد الألماني؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/18 الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/18 الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش
Turkish President Erdogan meets with German Chancellor Merkel in Berlin

قالت صحيفة Bild الألمانية إن الأزمة الاقتصادية التركية مسَّت الاقتصاد الألماني ، حيث تقلَّصت الصادرات الألمانية تجاه تركيا، وألغى العديد من المصدِّرين الألمان صفقاتهم معها في ظل أزمة الليرة التركية .

ووفقاً للهيئة الألمانية للإحصاء، تراجعت الصادرات الألمانية تجاه تركيا خلال شهر سبتمبر/أيلول بنسبة 33%، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، لتبلغ قيمتها 12 مليار يورو.

وأوضحت الصحيفة الألمانية أنه لم تشهد الصادرات الألمانية تراجعاً بهذا الشكل منذ الأزمة المالية لسنة 2009، ويُعزى ذلك إلى انهيار العملة التركية.

خلال الصيف الماضي، انخفضت قيمة الليرة التركية إلى مستوى قياسي لتبلغ 6.50 للدولار الواحد. في المقابل، ارتفعت قيمة الواردات التركية، التي كانت قيمتها النقدية قد تراجعت بنسبة 40% منذ بداية العام. بعدها تعافى سعر صرف الليرة التركية ليبلغ 5.50.

عند انهيار العملة التركية، في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، سجلت الصادرات الألمانية تجاه تركيا تراجعاً في عام 2018 ككل. ففي الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2018، تراجعت الصادرات الألمانية تجاه تركيا تحديداً بنسبة 4.1% لتبلغ قيمتها 15.2 مليار يورو.

في المقابل، سجل إجمالي الصادرات الألمانية تجاه كل الدول ارتفاعاً بنسبة 3.5% خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2018.

ما مدى خطورة الأزمة الاقتصادية التركية على ألمانيا؟

قلَّصت الأزمة الاقتصادية التركية حجم الصادرات الألمانية إلى تركيا إلى الثلث، فما موقف الخبراء الألمان من ذلك؟

ليس هناك بوادر تحسن في الأفق، فعلى الرغم من أن الصادرات التركية لا تمثل إلا 2% من إجمالي الصادرات الألمانية، فإن تراجع الصادرات الألمانية الموجهة إلى تركيا لا يُعتبر أمراً جيداً، وذلك وفقاً لأستاذ علم الاقتصاد القومي لدى كلية المالية وإدارة الأعمال بفرانكفورت، هورست لوشل.

وأورد لوشل لصحيفة "Bild" أن "معدل النمو كان سلبياً خلال الربع الأخير من العام الحالي، نتيجة تراجع التجارة العالمية. ونخشى أن تزيد الأزمة التركية من صعوبات الاقتصاد الألماني".

"أصبحت البضائع الألمانية باهظة بشكل أكبر"

قدم الأستاذ لدى المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية، غابرييل فيلبرماير، توضيحات بشأن الخسائر التي تكبَّدها الاقتصاد الألماني، حيث قال إن "تراجع الصادرات الألمانية ناتج عن الأزمة الاقتصادية التركية حيث شهدت أسعار الصرف اضطراباً، مما أدى إلى انهيار قيمة العملة التركية بشكل كبير، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار البضائع الألمانية".

لا يتوقع فيلبرماير أن تتحسن الأوضاع، حيث أفاد أن "نسب الفائدة في تركيا ارتفعت، وهو ما من شأنه أن يُحدث مشاكل على مستوى تمويل عمليات الشراء والاستثمار. وعموماً، أصبحت فرص تعافي الاقتصاد التركي صعبة. ومن المنتظر أن تتقلص الاستثمارات في مجال صناعة الأسلحة، نظراً لأن المستقبل الغامض من شأنه أن يقلص الاستثمارات على المدى الطويل".

أدت أزمة الليرة التركية إلى ارتفاع التضخم، ووفقاً للمعهد التركي للإحصاء، ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية خلال أكتوبر/تشرين الأول، بشكل كبير لم تشهده تركيا منذ سنة 2003، أي منذ 15 سنة، وذلك بنسبة 25.4% مقارنة بالعام الماضي. وفي شهر سبتمبر/أيلول، بلغ معدل التضخم 24.5%.

كما أن أزمة الليرة التركية لم تؤثر فقط على الاقتصاد الألماني

أثارت المخاوف بشأن الأزمة الاقتصادية التركية ومخاطر انتقال العدوى إلى أوروبا القريبة، قلق المستثمرين بعد أن تراجعت الليرة في شهر أغسطس/آب 2018، إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار الأميركي، حسب تقرير لـ CNN الأميركية.

انخفضت العملة التركية بنسبة 17% مقابل الدولار، ما يعكس مجموعة من المخاوف، من ضمنها التوترات مع الولايات المتحدة وعدم رغبة السلطات التركية في رفع أسعار الفائدة.

وتحولت مخاوف المستثمرين بعد أزمة الليرة التركية إلى عافية البنوك التركية، التي توجد فيها أموال أوروبية طائلة.

وأفادت "فايننشيال تايمز" بأن البنك المركزي الأوروبي قلق بشأن تعرُّض بنوك منطقة اليورو للانكشاف، بسبب انخفاض الليرة. ورفض البنك المركزي الأوروبي التعليق.

لكن هناك من هو متفائل بمستقبل الليرة التركية

قال لويس كوستا، الخبير الاستراتيجي في شركة Citigroup، لصحيفة Financial Times البريطانية، إن الأسواق تستجيب بشكل إيجابي أيضاً لـ "التوقعات بالمزيد من الاستقرار في الحساب الجاري للبلاد".

وأضاف كوستا: "على الرغم من أننا نشعر بالقلق بسبب الأزمة الاقتصادية التركية وبشأن تدفقات حساب رأس المال، فإننا نعتقد أن الاتجاه الحالي بشأن سداد التزامات الشركات بالعملات الأجنبية، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قد يسمح للمستثمرين بالتركيز بشكل أقل على تدفق رأس المال".

يُقِرُّ كلٌّ من ماتيس وكوستا بأن على المستثمرين أن يستمروا في توخي الحذر إزاء أزمة الليرة التركية . وقال ماتيس: "يجب أن نضع في اعتبارنا أن تصاعد اتجاه تجنُّب المخاطر على مستوى العالم قد يحدُّ من نطاق هذا الارتداد".

تحميل المزيد