الآن بدأت إحدى أضخم المحاكمات في ألمانيا لأجلهم.. فضيحة تعذيب لاجئين مغاربة أمام القضاء بعد تحقيقات 4 أعوام

بدأت واحدة من أكبر المحاكمات في ألمانيا، في قاعة تتسع لـ30 متهماً و45 محامي دفاع، حول فضيحة تعرُّض طالبي لجوء للتعذيب والإذلال والإهانة وسلب الحرية

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/10 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/10 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش
Mandatory Credit: Photo by SASCHA STEINBACH/EPA-EFE/REX (9970691n) A general view during the 'Burbach refugee camp' trial at the Siegerlandhalle in Siegen, Germany, 08 November 2018. The public prosecutor's office accuses 32 defendants of 54 cases of deprivation of liberty, assault, coercion and theft. Because of space constraints, the trial took place at the Siegerlandhalle. Trial concerning humiliation and ill-treatment of refugees in Burbach, Siegen, Germany - 08 Nov 2018

بدأت يوم الخميس 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، واحدة من أكبر المحاكمات في ألمانيا، في قاعة معرض تم تحويلها إلى قاعة محكمة لتتسع لـ30 متهماً و45 محامي دفاع، حول فضيحة كانت قد تكشّفت عام 2014، عن تعرُّض طالبي لجوء للتعذيب والإذلال والإهانة وسلب الحرية، من قبل حراس أمن تابعين لشركة خاصة في مأوى بورباخ، قرب مدينة سيغن، بولاية شمال الراين فستفالن.

ويبلغ عدد صفحات تحقيقات النيابة قرابة 34 ألف صفحة، هي حصيلة 4 أعوام من التحقيق في الجرائم الحاصلة بين ديسمبر/كانون الأول 2013، وسبتمبر/أيلول 2014 تقريباً.

بين التنفيذ والتستر على الجريمة

لم ينفذ جميع المتهمين، بمن فيهم مدير المأوى حينذاك، اعتداءات على اللاجئين، بل تم اتهام بعضهم بعدم التبليغ أو السكوت حيال هذه الممارسات، رغم معرفتهم بما يجري هناك من اعتداءات.

واستغرقت قراءة الادعاء العام للتُّهم أمام هيئة محكمة سيغن الإقليمية، الخميس، ساعة ونصف الساعة، تحدَّث فيها الادعاء عن 53 قضية، المتهمون فيها هم حراس أمن وموظفو رعاية اجتماعية ومدير المأوى وموظفان، مسؤولون عن حكومة منطقة أرنسبرغ، بحسب موقع "شبيغل أونلاين".

وكانوا يهدفون بإنشائهم "غرف مشاكل" إلى احتجاز وضرب اللاجئين بالهراوات على رؤوسهم، عقاباً على تصرفات كشرب الكحول أو التسبب بمشاكل، كي يتفادوا استدعاء الشرطة، والقيام بتنفيذ العدالة بأنفسهم. ودفع اللاجئون في حالتين المال كي يتم إطلاق سراحهم من "غرف المشاكل".

وأوضح رئيس النيابة كرستيان كوهلي، أن المسؤولين في المأوى كانوا يريدون مهام شرطية قليلة قدر الإمكان لديهم، كي يظهروا هم والشركة المشغلة لمأوى "يوربيان هومكير" بصورة جيدة.

وكان المأوى يعج بقرابة 600 من طالبي اللجوء حين وقوع الاعتداءات، فيما هو فارغ حالياً، تركته الحكومة على سبيل الاحتياط لقدوم عدد كبير من اللاجئين للبلاد.

الحراس يبررون جرائمهم

ونقل تلفزيون "في دي إر" عن حراس الأمن تبريرهم حتى الآن وأمام المحكمة أفعالهم، بأنه كان يتوجب عليهم اتخاذ إجراءات عنيفة لجعل المأوى تحت السيطرة.

فيقول أحدهم ويدعى شتيفن كيسليش، إنه تم احتجاز أشخاص مخمورين أو تحت تأثير المخدرات هناك، وكانوا يتسبَّبون بالمشكلات مع المقيمين الآخرين في المأوى، موضحاً أن ذلك لم يكن سرياً، بل كانت إدارة المأوى على علم بذلك، وكذلك الشرطة.

وكانت تتم معاقبة من يدخن داخل المأوى بالحبس الانفرادي ليوم، ويعاقب المتورطين في مشاكل من اللاجئين بالحبس 5 ساعات داخل "غرفة مشاكل".

لقطة من فيديو تعذيب لاجىء مغربي
لقطة من فيديو تعذيب لاجىء مغربي

عرض أحكام مخففة على الذي يقر بارتكاب ما نُسب له

ومن المتوقع أن تستمر المحاكمة، التي ستتم مواصلتها في الـ14 من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، حتى منتصف شهر مايو/أيار 2019. وهناك تكهن بأن تمتد المحاكمة حتى العام 2020.

وعرضت المحكمة اتفاق إصدار حكم مخفف على من يعترف بالتهم المنسوبة إليه، وهكذا أبدى عدد منهم استعدادهم للقيام بذلك، وأقر اثنان منهم بالتهم، هما موظف الشؤون الاجتماعية "عبدالحميد"، وموظف الأمن "مارتن" بالفعل، في أول يوم محاكمة، وسيواجهان غرامات مالية وحكماً بالسجن مع وقف التنفيذ.

ومن المفترض أن تتم مقاضاة 8 متهمين آخرين، بينهم مدير المأوى في محاكمة منفصلة العام القادم.

صور وفيديو تعذيب طالبَيْ لجوء عربيَيْن فجَّرت الفضيحة

وبدأت الفضيحة بنشر صور وشريط فيديو، يبدو في أحدها حارس أمن وهو يضع حذاءه على رقبة طالب اللجوء التونسي مارون، يعتقد أنه تم احتجازه مدة 4 أيام في "غرفة مشاكل" في المأوى، وضربه وإذلاله.

ويُتهم حارس الأمن ماركوس بالمشاركة في تعذيب مارون.

وقال ماركوس في حوار سابق مع شبيغل، إن الكثير من المقيمين في المأوى كانوا مجرمين، وكثيراً ما كانوا مخمورين أو تحت تأثير المخدرات، وتندلع شجارات بينهم، مدعياً أن الأمر أصبح فوق طاقة بعض المسؤولين عن المأوى، فيما كان آخرون يسخرون من اللاجئين عبر مضايقتهم. وحمل الحراس صور الإهانات وفيديوهاتها، والإذلال لمجموعة "واتساب" سُميت "مشاكل المغرب"، بحسب الادعاء.

وورد في صحيفة الادعاء أن عدداً من موظفي الأمن دخلوا لغرفة التونسي مارون، لأن أحدهم رمى زجاجاً من النافذة، ورشّوا رذاذ الفلفل في وجهه، وسحبوه لـ "غرفة المشاكل 123″، حيث ثبّتوه وضربوه حتى أغمي عليه، ثم طلب ماركوس من أحد زملائه التقاط صورة له، يظهر فيها شخصان مبتسمين، يضع أحدهما ركبته على الضحية المقيّد، فيما يضغط ماركوس بحذائه على رقبته. ويُعتقد أن أحد الحراس سرق محفظته.

وذكر خبير أن معاناة مارون من اضطراب ما بعد الصدمة، جرّاء رحلة هروبه لألمانيا، ترسَّخت بعد ما تعرَّض له من اعتداءات داخل المأوى.

وأظهر شريط فيديو تم تداوله حينها طالب اللجوء الجزائري كريم، المتعرض للضرب من قبل حراس أمن، وهو يتساءل: لماذا يتم ضربه؟ فيُقال له هل يتوجب عليَّ ركلك في فمك؟ ثم يُطلب منه التمرغ في قيئه على فراش.

وذكرت شبيغل أنه يُفترض أن كريم عاد في ليلة من ليالي شهر أبريل/نيسان 2014، للمأوى وهو سكران، واحتج على احتجازه، ليقوم حارس أمن بلكمه في وجهه وبطنه، فتقيأ كريم، وما تبعه ظهر في الفيديو. وبقي كريم محتجزاً هناك مدة 5 أيام.

واعتبر محامي كريم، أندرياس تروده في حديث مع تلفزيون "في دي إر" أن ما تعرَّض له موكله تعسُّف محض، وأن ما حصل كان يشبه عالماً موازياً يتم فيه فرض عقوبات وفقاً لأوامر، في حين كان يتوجب بدء إجراءات وفقاً للقانون الجنائي.

وعرضت المحكمة على موظف الشؤون الاجتماعية عبدالحميد غرامة مالية مقابل اعترافه بأنه شارك في عقاب كريم بسماحِه بجعلِه يستلقي على قيئه.

ويعد كريم ومارون الوحيدين الذين رفعا دعوى حق شخصي ضد المتهمين.

علامات:
تحميل المزيد