ترمب تذرَّع بخوفه على مصير صفقة عسكرية مع الرياض وتردد في التصعيد بسبب خاشقجي.. وثيقة مسرَّبة تكشف خداع الرئيس الأميركي

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/30 الساعة 06:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/30 الساعة 08:02 بتوقيت غرينتش
ترمب يخشى من ضياع صفقة عسكرية مع الرياض بسبب خاشقجي/ رويترز

قالت وكالة رويترز إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب كثيراً ما يتحدث عن أنه سوف يستطيع توفير ما يقارب الـ500 ألف وظيفة للشعب الأميركي، إذا نجح في تمرير صفقة الأسلحة التي تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار والتي تفاوض عليها مع السعودية العام الماضي، وقد زاد هذا الحديث بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

لكن رويترز كشفت أنها حصلت على وثيقة داخلية من مؤسسة لوكهيد مارتن تتحدث عن أن عدد الوظائف المرتقب من الصفقة المزعومة مع السعودية سيكون أقل بكثير، وقدرت الوثيقة التي حصلت عليها الوكالة بأقل من ألف وظيفة وقد تسلم سلعاً بقيمة نحو 28 مليار دولار ضمن الصفقة.

وتتوقع لوكهيد بدلاً من ذلك أن الصفقة قد تخلق قرابة عشرة آلاف وظيفة جديدة في السعودية، بينما ستُبقي ما يصل إلى 18 ألف موظف أميركي بالفعل مشغولين إذا تمت الصفقة بأكملها، وهي نتيجة يقول خبراء إنها غير مرجحة.

وقال شخص مطلع على تخطيط مؤسسة رايثيون، إنه إذا تم تسليم الطلبية للسعودية، فإن ذلك سيساعد على تثبيت نحو عشرة آلاف وظيفة أميركية، لكن عدد الوظائف الجديدة التي ستخلقها الصفقة سيمثل نسبة صغيرة من هذا الرقم.

ترمب حريص على الصفقة العسكرية

كان دونالد ترمب قال في تصريح سابق، تعليقاً على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، إنه لا يرغب في ضياع "صفقة ضخمة" لبيع أسلحة بمبلغ 110 مليارات دولار، يقول إنها ستوفر 500 ألف فرصة عمل أميركية، وهو رقم يقول الخبراء إنه "مُبالَغ فيه بشكل كبير".

وتسرع إدارة ترمب وصناعة الدفاع الأميركية الخُطى لإنقاذ الصفقات الفعلية القليلة ضمن حزمة أسلحة للسعودية قيمتها 110 مليارات دولار جرى الترويج لها كثيراً، مع تنامي المخاوف بشأن دور قيادة المملكة في مقتل الصحافي البارز جمال خاشقجي.

ووزعت رابطة الصناعات الجوية على المسؤولين التنفيذيين بشركات الصناعات العسكرية نقاطاً معينة للتحدث بشأنها تركز على أهمية مبيعات الأسلحة لحلفاء الولايات المتحدة.

وتأمل الشركات في الحفاظ على الصفقات المبرمة مع السعودية، في ظل وجود مواعيد تسليم قريبة في 2019 و2020 تنفيذاً لتعهدات قُدمت خلال زيارة ترمب في مايو/أيار 2017.

وأرسلت رابطة الصناعات الجوية إلى متعاقدين في مجال الصناعات العسكرية "نقاط طوارئ بشأن مبيعات السلاح للسعودية" في الأيام القليلة الماضية، وأصدرت تعليمات للمسؤولين التنفيذيين للتشديد على أن وقف مبيعات الأسلحة قد يقلص قدرة الولايات المتحدة على التأثير على الحكومات الأجنبية.

ومن شأن هذه النقاط أن تساعد المسؤولين التنفيذيين في الترويج لآرائهم عندما يتحدثون إلى موظفيهم ومورِّديهم ووسائل الإعلام والمسؤولين بالحكومة والمسؤولين المنتخبين.

وتقول رسالة رابطة الصناعات الجوية إن مقتل خاشقجي "أثار حواراً مهماً عن علاقة الولايات المتحدة مع السعودية" وتسرد إجابتين قصيرتين حول ما إذا كانت الصناعة تواصلت مع الحكومة الأميركية بشأن خاشقجي ونطاق مبيعات الأسلحة للسعودية العام الماضي، وذلك قبل أي إجابة باستفاضة على "سؤال الوظائف".

لكن الإجابة التي تبلورت في أربع نقاط مهمة لا تذكر الأعداد التي تحدث عنها ترمب أو أي تقديرات أخرى لفرص العمل المحتملة، وتتطرق بدلاً من ذلك إلى "التأثير الاقتصادي"، وتشرح كيف أن مبيعات الأسلحة تعزز العلاقات العسكرية والسياسية.

وتقول الوثيقة: "عندما نبيع المنتجات الأميركية للحلفاء والشركاء نستطيع أن نضمن ألا يتمكن أعداؤنا من أن يحلُّوا محلنا في علاقاتنا السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية"

ليس واضحاً من أين جاء ترمب بهذا الرقم

ليس واضحاً كيف توصل ترمب إلى أن الصفقة ستوفر 500 ألف فرصة عمل؛ حيث إن الشركات الخمس الكبرى في مجال الصناعات العسكرية، التي تصنع كل قطعة تقريباً من صفقة مبيعات الأسلحة للسعودية لا يعمل بها سوى 383 ألف شخص.

وتشير وثائق اطلعت عليها رويترز ومقابلات مع مصادر في صناعة الدفاع على دراية بصفقة السلاح إلى أن ما يتراوح بين 20 ألفاً و40 ألف عامل في صناعة الدفاع الأميركية يمكن أن يشاركوا في الإنتاج الموجّه إلى السعودية إذا نُفذت الصفقة التي تصل قيمتها إلى 110 مليارات دولار بالكامل.

والموظفون الحاليون يكونون بطبيعة الحال أكثر خبرة ومهارة ويمكن نقلهم بسهولة أكبر مقارنة بالموظفين الجدد الذين يحتاجون إلى استثمار كبير في سبيل تدريبهم.

ومن بين النقاط الرئيسية التي تلتفت إليها أي تكهنات بخصوص توفير الوظائف ما إذا كان سيتم تسليم كل الدفاعات الصاروخية والرادارات والسفن والدبابات والبرمجيات والقنابل وغيرها من العتاد المدرج في الطلبية السعودية.

وظائف سعودية مرتقبة

وأشارت مقابلات مع أشخاص مطلعين على خطط وتقديرات شركات دفاع أخرى كبيرة إلى أوجه تشابه مع خطط لوكهيد ورايثيون أي إضافات محدودة للعمالة التابعة لها وزيادة أكبر في السعودية.

ومنذ زيارة ترمب للمملكة العام الماضي لم يكن هناك نشاط اقتصادي كبير سوى عمل لوكهيد على 4 فرقاطات طلبتها السعودية.

وأظهرت وثائق اطلعت عليها رويترز أن الطلبية ستوفر قرابة 10 آلاف وظيفة في الموانئ السعودية لعمال الصيانة لكنها لن توفر سوى 500 وظيفة جديدة في الولايات المتحدة.

ويقول مسؤولون في عدد من شركات الدفاع الأميركية الكبرى إن الرياض طلبت الكثير من هذا العتاد العسكري لتطوير صناعات محلية جديدة وتوفير وظائف جديدة وخبرات محلية ضمن رؤية 2030 التي وضعها وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للحد من اعتماد المملكة على النفط.

وتستهدف السعودية توفير 40 ألف وظيفة في صناعة الدفاع بحلول عام 2030.

وتوجَّهت الأنظار إلى صفقة السلاح التي أعلن عنها ترامب في مايو/أيار 2017 بعد مقتل جمال خاشقجي الصحافي السعودي والكاتب في صحيفة واشنطن بوست في القنصلية السعودية بإسطنبول يوم الثاني من أكتوبر/تشرين الأول. وأثار الأمر غضباً عالمياً، وعملت الإدارة وشركات الدفاع على الحد من أي تأثير يمكن أن يهدد ما وصفها ترمب "بطلبية هائلة" و500 ألف وظيفة.

وقال مسؤولون في الصناعة إنه لولا الصفقة السعودية لكان ما لديهم من طلبيات أقل لكن ميزانيات الدفاع الأميركية التي تمثل أغلب مبيعاتهم والتأخر القياسي في تسليم طلبيات يشير إلى أن مخاطر تسريح العاملين ستظل محدودة حتى إذا لم تنفذ الطلبية السعودية.

غير أن هايدي جاريت بلتير، الزميلة الباحثة في معهد أبحاث الاقتصاد السياسي، قدرت أن إضافة ما بين 20 ألفاً و40 ألف وظيفة جديدة قد يتيح فرص عمل غير مباشرة في صناعات أخرى.

وأظهرت حسابات رويترز أن هذه الوظائف غير المباشرة قد تتراوح بين 64 ألفاً و128 ألفاً ليصبح إجمالي فرص العمل الجديدة المباشرة وغير المباشرة ما بين 84 ألفاً و168 ألفاً.

وقالت شركة لوكهيد، هذا الأسبوع، إنها لا تعرف متى يمكن التوقيع على اتفاق نهائي.

ويُنظر إلى السعودية على أنها حجر الزاوية لاستراتيجية إدارة ترمب لمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وهي من أكبر المستوردين للسلاح من الولايات المتحدة. وبلغت وارداتها 65 مليار دولار بين عامَي 2009 و2016 طبقاً لما أورده مكتب المحاسبة الحكومي الذي يراقب الأموال العامة، وسيكون وقف الشحنات إلى المملكة أمراً لا يمكن تصوُّره من جانب قطاع الصناعات العسكرية.

تحميل المزيد