أميركا على مشارف «حرب أهلية»!.. The Times: شبكات التواصل الاجتماعي تقود المعركة مع اقتراب الانتخابات

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/29 الساعة 16:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/29 الساعة 16:35 بتوقيت غرينتش
44 عضو سابق بمجلس الشيوخ يحذرون من أزمة دستورية/ رويترز

قال نيال فيرغسون، زميل كبير في معهد هوفر البحثي للسياسات الأميركية العامة بجامعة ستانفورد الأميركية، إن الولايات المتحدة الأميركية مقبلة على حرب أهلية بسبب الانتخابات التجديدية القادمة.
وقال فيرغسون في مقال له منشور بصحيفة The Times البريطانية، تعليقاً على اقتراب الانتخابات النصفية الأميركية، إن واشنطن مقبلة على ساعة قيامة جديدة سوف يتم نشر موعدها تحت عنوان "دقيقتين إلى فروت سمتر"، في إشارةٍ إلى حصن سمتر الذي شهد معركةً داميةً بين الولايات المتحدة والولايات الكونفدرالية، أدت إلى نشوب الحرب الأهلية الأميركية.

لكنه تساءل في مقالته، قائلاً: "إلى أي مدى تقترب الولايات المتحدة من ذلك النوع من المذابح المهلكة، التي بدأت حينما فتحت القوات الكونفدرالية النار على أشهر حصون كارولينا الجنوبية في أبريل/نيسان عام 1861؟".

نيال فيرغسون حاول استدعاء مثال فيزيائي للتدليل على الحالة السياسية التي وصلت إليها البلاد في ظل الاستعداد للانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية.

وقال في مقالته: في بداية الحرب الباردة، قدمت الفنانة زوجة الفيزيائي ألكسندر لانغسدورف صورةً بعنوان "ساعة القيامة". ظهرت الصورة في نشرة Bulletin of the Atomic Scientists لتوضيح مخاوف العديد من الفيزيائيين، ومنهم من أسهموا في صنع القنبلة النووية، من إمكانية اقتراب كارثةٍ ناجمةٍ عن التكنولوجيا للغاية. يشير منتصف الليل في صورة "ساعة القيامة" إلى الكارثة النووية التي ستحل بالعالم.

ولسنواتٍ طويلةٍ، ظلَّ القرار في يد محرر النشرة، يوجين رابينوفيتش، لتحديد أين تشير عقارب "ساعة القيامة". بعد وفاته، تولَّت المهمة لجنةٌ تجتمع مرتين سنوياً لتعديل وضع عقارب الساعة.

في أثناء الحرب الباردة، كان وضع عقارب الساعة أقرب ما يمكن من منتصف الليل خلال الفترة بين عامي 1953 و1959؛ إذ وصلت إلى دقيقتين قبل منتصف الليل.

اعتقد العلماء أيضاً أن الفترة بين عامي 1984 و1987 كانت حرِجةً للغاية، فقد وصل وضع الساعة إلى قبيل منتصف الليل بـ3 دقائق 4 سنواتٍ متتاليةٍ.

كل ما مضى يشير إلى عدم واقعية تحليلات "ساعة القيامة". وبغض النظر عن عدد العلماء المرموقين الذين اشتركوا فيها، يتفق علماء اليوم في أن أخطر لحظات الحرب الباردة كانت أزمة الصواريخ الكوبية.

لكن "ساعة القيامة" أشارت خلال عام 1962، إلى قبيل منتصف الليل بـ7 دقائق، وعادت إلى الخلف في العام التالي لتصل إلى 11:48 مساءً. في الواقع، يعتقد العلماء النوويون حالياً أننا عدنا مع الأسف إلى دقيقتين قبل النهاية بتوقيت "ساعة القيامة".

حرب ثقافية تدور على شبكات التواصل الاجتماعي

نيال فيرغسون شرح وجهة نظره في المقال، وقال إن هناك نوعاً من الحرب الأهلية الثقافية تدور رحاها بالفعل على شبكات التواصل الاجتماعي. مع اقتراب الانتخابات النصفية الأميركية التي تبعد ما يقارب الأسبوع من الآن، تزداد هذه الحرب حدةً (لقد استمتعت بشدةٍ بهذيان تأنيب ضمير أستاذ جامعة إيموري الذي قرَّرَ إدانة نفسه بسبب أفكاره الجنسية الإجرامية. لا بد أنه استمتع بثورة ماو الثقافية).

بالطبع، ليست الحرب الثقافية حرباً واقعيةً مثل الحرب التجارية التي شنَّها دونالد ترمب على الصين. ومع ذلك، انضمَّت أنباء الأسبوع الماضي حول القنابل الأنبوبية البدائية إلى عشرات الانتقادات التي تُوجَّه للرئيس، بالإضافة إلى تلميح كلٍّ من باراك أوباما، وهيلاري كلينتون، والملياردير جورج سوروس، والممثل روبرت دي نيرو، إلى نبوءات جديدة بحربٍ أهليةٍ أميركيةٍ ثانية.

وأشاد الجميع بالقبض على رجلٍ من فلوريدا يدعى سيزر سايوك ويبلغ من العمر 56 عاماً، الجمعة 26 أكتوبر/تشرين الأول، بصيحات "لقد نلنا منك". كانت شاحنته مغطاةً بملصقاتٍ مؤيدةٍ لترمب مكتوب على أحدها "CNN مثيرة للاشمئزاز".

صرَّح مراسلٌ من واشنطن، قائلاً: "ترمب وراء هذا". أتعجَّب من ذلك. لا تعجبني الانتقادات المعتادة للإعلام الذي يتبع الموجات السائدة والتمجيد أحياناً للانتقادات الساحقة. ولكن، هل يصل الأمر إلى علاقةٍ مباشرةٍ بمختل ينشر مجموعة من القنابل منزلية الصنع؟

وقال الباحث الأميركي ان الغريب في الأمر، أن الصحفي نفسه، في يونيو/حزيران 2017، لم يلتفت إلى تغريدة "ساندرز وراء هذا" عقب إطلاق جيمس هودجكنسون النار على العضو الجمهوري بالكونغرس ستيف سكاليز و3 آخرين وإصابتهم، وكان جيمس مؤيداً يسارياً لبيرنارد ساندرز. يمكنك أن تقول إن خطاب ساندرز لم يكن تحريضياً كخطاب ترمب، ولكن هذه فروقٌ طفيفةٌ.

في عام 2016، وصف ساندرز ترمب بأنه "خطيرٌ للغاية وغير أميركيٍ"، واتهمه بالتعصُّب الأعمى. وفي يوليو/تموز من هذا العام، وصف ترمب بـ"رئيسنا الأحمق".

مجزرة الأمس بِكَنيس في بيتسبرغ تزيد الأمور سوءاً. ترمب ليس معادياً للسامية، ولكن بعض عناصر اليمين المتطرف تسيء إلى اليهود بشكلٍ مُتكرِّر. ولكن هناك أيضاً معادون للسامية في اليسار المتطرف.

لا يمكن إنكار أن الأشخاص من جانبي الانقسام السياسي يتخذون نهجاً متطرفاً في الحوار، حتى وإن أصرَّ اليسار دائماً على أن الجانب السياسي الآخر أسوأ.

وتساءل نيال فيرغسون: يبدو واضحاً أن هناك اتجاهاً لزيادة العنف السياسي الأميركي. وفقاً للمعايير الأوروبية، فإن هناك عدداً مخيفاً من الأسلحة الفتاكة في أيدي مدنيين. لكن، هل يصل الأمر لحربٍ أهليةٍ؟

ترويج الشائعات المخيفة

يمكن أن يُتَّهم بعض من يقدمون هذه الحجج بأنهم يروِّجون شائعات مخيفة. حينما يبوح روائيٌّ كندي بأحلامه عن اغتيال ترمب، وتمزيق الولايات المتحدة نفسَها، وهجرة الأميركيين إلى كندا، فلا تطيل التفكير في هذا. افعل الأمر نفسه إذا رأيت جندياً في البحرية الأميركية يدير محادثة تُظهِر رغبة مؤيدي الحزب الجمهوري في استقلال ولاياتهم في حال حاولت الإدارة الديمقراطية المستقبلية نزع أسلحتهم.

لكن نيال فيرغسون طالب الجميع بأن يعيروا اهتمامهم للمؤرخ فيكتور بيفيز هانسون، الزميل في معهد هوفر، حين يُحذِّر قائلاً: "إننا على شفا حربٍ أهليةٍ حقيقيةٍ". كذلك لآراء ريحان سلام من مجلة National Review، الذي يتحدث كتابه الجديد عن حتمية الإصلاح الشامل للهجرة، وإلا فسوف تتفكَّك الولايات المتحدة وتنهار. أتعامل أيضاً بجديةٍ مع آراء بيتر تورشين، الذي يناقش منذ فترةٍ أن المؤشرات العديدة لعدم الاستقرار السياسي (لا سيما عدم المساواة) ستصل إلى ذروتها بحلول عام 2020، ما سيجعل الولايات المتحدة "مُعرَّضةً بشدةٍ للاضطرابات العنيفة".

دلَّل هانسون على آرائه بأن التوترات الناتجة عن العولمة، والإنترنت، واليسار الجامعي، والهجرة غير الشرعية أدت إلى انقسامٍ أيديولوجيٍّ وأيضاً جغرافي. لا يُذَكِّره الجو العام غير الصحي بأحداث خمسينيات القرن التاسع عشر فقط؛ بل يُذَكِّره أيضاً بالقرن الخامس قبل الميلاد، حينما مزق "التوازن" (أي الصراع الداخلي) ولايات المدينة اليونانية العتيقة.

ومع ذلك، قال نيال فيرغسون إنه يميلُ، مثل زميله موريس فيورينا، إلى وجهة النظر المتفائلة بأن معظم الأميركيين العاديين يجدون أن الحرب الثقافية مُجهِدة. وكما ذكر الأسبوع الماضي، فإن الأدلة تشير إلى أن اليمين المتطرف واليسار المتطرف هما من الأقليات المزعجة. سوف يضيع أيُّهما دون الآخر، لكنهما يُشوِّشان على الجميع.

ومع ذلك، يطرح هانسون، الذي يرى أنه يمكن تجنب المزيد من الاستقطاب، نقطةً حاسمة. يُظهِر التاريخ مراراً أن "الأقليات الصغيرة المتحمسة وأحياناً المتصارعة يمكن أن تصعّد من حدة التوترات، وتبطل المعارضة، وترغم الأغلبية الصامتة على الموافقة على العنف، أو على الأقل على عدم رفضه".

وقال نيال فيرغسون: سمعت الأسبوع الماضي مقارنةً، هي الأكثر إثارةً للقلق، بين الانتخابات الرئاسية لعام 2020 ونظيرتها عام 1860. أشار المحاور إلى أن أبراهام لينكولن فاز بسباقٍ رباعي عام 1860. يقول حاكم أوهايو، جون كاسيتش، إنه إذا دخل السباق مرشح وسطي مستقل، وإذا رشَّحَ الديمقراطيون تقدمياً (مثل كمالا هاريس، أو أي شخص آخر)، وسعى ترمب لإعادة انتخابه، فربما نحظى بوضعٍ مشابه.

لذلك ووفقاً لنيال فيرغسون، فإن المدلولات ليست مريحة. بالنسبة لانتخابات 1860، كان من الواضح أنه لا يوجد مجالٌ لتقارب وجهات النظر في قضية العبودية. تبع انتصار لينكولن سريعاً انفصال 7 ولاياتٍ جنوبيةٍ وتشكيل الكونفدرالية.

وختم نيال فيرغسون مقاله بالقول: من الصحيح أنه لا توجد مشكلة واحدة في الحرب الثقافية الحالية. ومن الصحيح أيضاً أن توقيت الحرب الأهلية على "ساعة القيامة" يميل إلى كونه 11:08 أكثر من كونه 11:58. ولكن حينما أخبركم بمن أعاد إلى انتباهي تشابه الوضع الحالي مع الوضع عام 1860، ستدركون سبب قلقي: لقد كان ستيف بانون (المسؤول الإعلامي والسياسي الذي عمل 7 أشهر في فريق ترمب بالبيت الأبيض).

تحميل المزيد