لجأت روسيا إلى تحصين نفسها ضد العقوبات الأميركية، عبر إقدامها على بيع الديون الحكومية الأميركية وشراء الذهب بدلاً منها، والذي وصل إلى 37% منذ عامين.
إذ أظهرت بيانات رسمية أنَّ البنك المركزي الروسي زاد حجم احتياطيه من الذهب بقرابة 29 طناً في يوليو/تموز 2018، وهي الزيادة الشهرية الأعلى في احتياطي الذهب منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، بحسب تقرير لشبكة CNN الأميركية.
وسبق أن أضاف البنك المركزي إلى أرصدته 20 طناً في مايو/أيار 2018، و17 طناً أخرى في يونيو/حزيران 2018. وارتفع احتياطيه من المعدن النفيس بنحو 37% منذ بداية عام 2016، وهو الآن يقدر بنحو 76 مليار دولار.
روسيا تستعد للعقوبات الأميركية
وتزامنت مشتريات البنك المركزي الروسي من الذهب مع انخفاضٍ حاد في حجم الديون الحكومية المستحقة للبنك من الولايات المتحدة، والتي تراجعت في الفترة بين مارس/آذار ومايو/أيار 2018 إلى 14.9 مليار دولار فقط. وتُمثل سندات الخزانة الأميركية الآن 17% فقط من الاحتياطات لدى البنك المركزي الروسي.
وقال يوجين تشاوسوفسكي، كبير محللي منطقة أوراسيا في شركة Stratfor للاستشارات الأمنية، إنَّ عمليات شراء الذهب تستهدف خفض المخاطر التي قد تتعرض لها روسيا بإبقاء جزء كبير من احتياطياتها بالدولار، في وقتٍ ما زالت فيه علاقاتها مع الولايات المتحدة متوترة.
وقد تشعر موسكو أيضاً بالقلق من أنَّ العقوبات قد تمنعها من بيع سندات الخزانة الأميركية في المستقبل، أو قد تحظر على البنوك الروسية استخدام الدولار في تعاملاتها.
وقال تشاوسوفسكي: "روسيا مهتمة بإبقاء اقتصادها قدر الإمكان بمعزل عن الدولار الأميركي؛ تحسباً لعقوباتٍ أميركية أشد صرامة".
وقال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أوائل أغسطس/آب 2018، إنَّ بلاده قد تواصل بيع الدَّين الأميركي (سندات الخزانة الأميركية) رداً على العقوبات الأميركية.
وأضاف سيلوانوف: "خفَّضنا إلى حدٍ كبيرٍ استثمارنا في الأصول الأميركية. وفي الواقع، أضحى الدولار الذي يُعتبر هو العملة الدولية، أداة دفع محفوفة بالمخاطر".
ورغم عدم رد البنك المركزي الروسي الأربعاء 22 أغسطس/آب 2018، على طلبات للحصول على تعليقٍ على الأمر، فقد قال في وقتٍ سابق إنَّه يتطلع إلى تنويع محفظته.
وتقدَّمت روسيا في وقتٍ سابق من هذا العام (2018) لتحتل المركز الخامس بقائمة الدول المالكة لأكبر احتياطيات من الذهب متخطيةً الصين، وفقاً لمجلس الذهب العالمي. ولا تزال الولايات المتحدة صاحبة أكبر احتياطيات من الذهب على الإطلاق برصيد 9 آلاف طن.
وتزايد الضغط الاقتصادي على روسيا منذ عام 2015، عندما فرضت عليها الدول الغربية عقوباتٍ بسبب تدخُّلها في أوكرانيا.
وفُرضت عقوباتٌ إضافية هذا العام (2018) بعدما ربطت بريطانيا الكرملين بمحاولة اغتيال عميل مزدوج روسي سابق. واستهدفت الولايات المتحدة عدة أشخاص وشركات روسية بعقوبات، وفَرضت تعريفاتٍ على واردات الصلب والألومنيوم الروسية.
موسكو تستعد للسيناريو الأسوأ
وقال محللون إنَّ تخزين الذهب يشير إلى أنَّ موسكو تتوقع معاناةً إضافية من جراء فرض عقوباتٍ جديدة.
وقال وليام جاكسون كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة لدى شركة Capital Economics الأميركية: "يُبرز (تخزين موسكو الذهب) الطريقة التي تزايدت بها المخاوف بشأن تصعيدٍ في العقوبات ضد روسيا، وأنَّ العقوبات المتواضعة نسبياً المفروضة عليها يمكن أن تكون لها آثار كبيرة غير مباشرة؛ لأنَّ المؤسسات والمستثمرين بدأوا في محاولة استباق الخطوات المقبلة".
وتهاوت قيمة الروبل الروسي من 55 روبل مقابل الدولار في فبراير/شباط 2018، إلى مستوىً متدنٍّ هذا الأسبوع، بلغ 70 روبل للدولار.
ويُعيد البنك المركزي الروسي بناء الاحتياطيات الأجنبية في أعقاب أزمةٍ بالعملة شهدها في عامي 2014 و2015، عندما استهلك البنك نحو 150 مليار دولار في محاولته لتعزيز الروبل. ويبلغ إجمالي احتياطياته الآن 458 مليار دولار، وهو مقدار لا يزال أقل مما كان عليه قبل الأزمة بنحو 66 مليار دولار.
اقرأ أيضا
لماذا تفرض أميركا عقوبات على كل من روسيا وتركيا وإيران في آنٍ واحد؟.. هذه الخطوة ستفيد الدول الثلاث!