سيارة تجاوزته وشاهدها تهوي كانت سبباً في إنقاذه.. المغربي الذي نجا من موت محتم يكشف اللحظات الأخيرة قبل انهيار جسر إيطاليا

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/16 الساعة 07:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/16 الساعة 07:26 بتوقيت غرينتش
The collapsed Morandi Bridge is seen in the Italian port city of Genoa, Italy August 15, 2018. REUTERS/Stefano Rellandini

"كل شيء مرَّ أمامي كأنه فيلم سينمائي هوليوودي، لم أكن أصدق حقيقة ما يقع على مرأى ومسمع منّي، لكن الجسر الضخم كان فعلاً ينهار بما عليه من السيارات والشاحنات"، هكذا وصف المغربي إدريس عفيفي لحظات انهيار جسر "موراندي" بجَنوة الإيطالية، متوقفاً على بُعد أمتار قليلة من حافة تؤدي مباشرة نحو موت مُحتّم.

ساعات قليلة فقط على مغادرته المستشفى بعد إصابات على مستوى الظهر ألزمهُ بموجِبِها طبيبُه المعالج بالراحة لمدة 7 أيام، وافق الشاب المغربي على سَرد حقيقة ما وقع يومها على الجسر المُنهار، مؤكداً أن الطقس العاصِف والأمطار شديدة الغزارة كانت تنبئ بشيء سيئ، "لم أشاهد طيلة مكوثي بإيطاليا أمطاراً غزيرة كما في ذلك اليوم، كان الجو عاصفاً ومخيفاً".

لحظات قبل الكارثة

هذه الصورة انتشرت في كل أنحاء العالم
هذه الصورة انتشرت في كل أنحاء العالم

العاصفة القوية والأمطار الشديدة جعلت إدريس البالغ من العمر 39 سنة والمنحدر من مدينة سطات، وسط المغرب، مُتنبِّهاً لما يقع حوله، قبل أن يشاهد صاعقة تضرب القوس المعدني الضخم الذي يشد هيكل الجسر، قبل أن يسقط بثقله الهائل عليه وتهوي بالجسر وبما عليه من سيارات وشاحنات نحو هاوية سحيقة.

مشاهد مؤلمة كرَّر الحديث عنها مرات عدة خلال حديثه لـ "عربي بوست"، لافتاً إلى أن العناية الإلهية هي مَن أنجته من موت مُحقَّق؛ حيث كان على بُعد أمتار قليلة فقط على الجزء المحطّم من الجسر.

صورة جابت العالم

تمكن السائق المغربي عفيفي إدريس من التوقف في الوقت المناسب.
تمكن السائق المغربي عفيفي إدريس من التوقف في الوقت المناسب.

ما لا يعرفه الكثيرون ممن تابعوا الحادث المميت، أن الشاحنة الخضراء التي كانت مُتوقِّفة على بعد أمتار قليلة من الحافة، وفق الصور الأولى الموثِّقة للفاجعة، كانت ستسقط لولا أن سيارة تجاوزتها لتخفف الشاحنة من سرعتها، يقول عفيفي: "كانت الشاحنات تسير بسرعة لا تتجاوز 60 كيلومتراً، وكانت الشاحنة الخضراء أمامي تليها سيارتان خفيفتان، عمدت سيارة إلى تجاوز تلك الشاحنة، زادت سرعة السيارة التي سقطت مع انهيار الجسر فيما توقفت الشاحنة مستعملة المكابح بقوة بالغة".

تجاوزته سيارة فأنقذت حياته
تجاوزته سيارة فأنقذت حياته

عُلوُّ مقصورة السائق عفيفي، الذي كان يقود شاحنة من الحجم الكبير "رموك"، هو ما خوَّل له رؤية ما سمّاه "الفيلم السينمائي" بوضوح أمامه، قبل أن يعمد إلى الرجوع أمتاراً إلى الوراء؛ حيث أوقف الشاحنة وخرج منها بسرعة، تاركاً داخلها كل شيء؛ ليسارع إلى تحذير باقي السيارات القادمة بسرعة وغير المُدركة لما حدث من الاستمرار نحو طريق الموت.

كان لتحذيرات إدريس وباقي السائقين الناجين من الحادث ممن علموا بما حدث نتائج إيجابية على حياة باقي مستعملي الطريق؛ حيث توقَّفت السيارات وخرج أصحابها ممن احتموا بنفق يؤدي مباشرة للجسر، يتابع المتحدث قائلاً: "تجمع مئات الأشخاص داخل النفق في انتظار رجال الشرطة وفرق الإنقاذ".

تخوّفات من انهيار باقي الجسر

أعادت الشرطة الإيطالية السيارات المتواجدة على طول 50 متراً الأولى من الجسر، إلا أنها لم تتمكن من التقدم نحو شاحنة إدريس والشاحنة الخضراء وعدد من السيارات التي بقيت عالقة، مخافة انهيار الجسر بسبب أدنى حركة عليه.

إدريس الذي ترك وثائقه وكامل أغراضه داخل الشاحنة، لم يتمكن لحد الساعة من استرداد شيء منها، حاملاً مفاتيحه وهاتفه الجوال، غادر عفيفي الشاحنة مُسرعاً قبل أن يصدم بابها ظهره، أما الشاحنة الخضراء التي جابت صورتها العالم فقد تركها صاحبها مشغلة في حالة توقف، وفق ما أكده عفيفي لـ "عربي بوست".

حزينٌ على ضحايا حادث الانهيار البالغ عددهم 42، وفق حصيلة غير نهائية، يحكي إدريس أن القوس سحق السيارات التي كانت تسير على 200 متر المنهارة من الجسر قبل أن ينهار بهم 100 متر نحو الأسفل.

نحو 30 شخصاً لقوا مصرعهم في الحادث.
نحو 30 شخصاً لقوا مصرعهم في الحادث.

وفي وقت ما زالت فيه فرق الإنقاذ تواصل البحث عن ضحايا الجسر المنهار، أعلن محمد خليل، القنصل العام المغربي بتورينو، عدم تسجيل أي ضحية مغربية في حادث انهيار الجسر.

ليست المرة الأولى التي يصادف فيها إدريس عفيفي حادثة سير بحكم عمله كسائق مهني للشاحنات من الحجم الكبير، إلا أن حادث يوم الثلاثاء المنصرم بمدينة جنوة كان الأشد إيلاماً وقسوة، وفق وجهة نظره، خاتماً كلامه لـ "عربي بوست" بالتأكيد على أن ما وقع قدرٌ لا مفر منه، قائلاً: "نظرتي للحياة سليمة، والحمد لله على الألطاف الإلهية التي كتبت لي سُبُل النجاة".


اقرأ أيضاً

مغربي توقف في الوقت المناسب فنجا من كارثة إيطاليا.. هكذا سقط العشرات 100 متر بسياراتهم في انهيار جسر عمره 50 سنة

تحميل المزيد