ميركل تصارع لاحتوء أزمة قد تنسف حكومتها.. صدام مفتوح مع شركائها بسبب اللاجئين

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/14 الساعة 20:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/14 الساعة 20:41 بتوقيت غرينتش
German Chancellor Angela Merkel speaks during a news conference with Belgium's Premier Charles Michel (not pictured) in Berlin, Germany June 13, 2018. REUTERS/Michele Tantussi

انزلقت حكومة أنجيلا ميركل إلى صدامٍ مفتوح، في الوقت الذي تصارع فيه المستشارة الألمانية المُحنَّكة لاحتواء الجدل الدائر داخل تكتلها السياسي المحافظ حول سياسة اللجوء.   

حسب صحيفة The Financial Times فقد وضع الصدام ميركل في مواجهة مع هورست زيهوفر وزير الداخلية ورئيس الاتحاد الاجتماعي المسيحي، وهو الحزب البافاري الشقيق للاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل. لكنَّ هذه التوترات بين الحزبين تسلط الضوء على وجود  خلافٍ أكبر بين السياسات الألمانية ونظيرتها الأوروبية حالياً، في الوقت الذي يواجه فيه القادة الأوروبيون ثورةً شعبية بسبب ارتفاع أعداد اللاجئين الذين يتوافدون إلى القارة منذ 2015.

وكان من المقرر أنَّ يستعرض زيهوفر، الثلاثاء 12 يونيو/حزيران، خطةً لتشديد نظام اللجوء إلى ألمانيا، لكنَّه اضطر لإلغاء الحدث بعد أنَّ رفضت ميركل التصديق على إجراء واحد مهم تتضمنته حزمة الإجراءات التي طرحها الوزير. إذ يرغب زيهوفر في السماح للشرطة الألمانية على الحدود برفض عبور اللاجئين في حال كانوا مسجلين بالفعل لدى دولة أوروبية أخرى. بيد أنَّ ميركل قالت إنَّ هذه السياسة تأتي خلافاً لمسعاها لتطبيق حل أوروبي جماعي لمشكلة اللاجئين.   

تدخُّلها لم يعمل على تهدئة التوترات

وأعربت المستشارة الألمانية عن أملها في أنَّ يُحَل هذا الخلاف في الأسبوع الجاري، غير أنَّ تدخُّلها لم يساعد كثيراً على تهدئة التوترات، أو حتى إيقاف الحرب الكلامية بين داعميها ومسؤولي الحزب الذين يدعمون الموقف المتشدد لزيهوفر.

وحذر ماركوس بلوم الأمين العام للاتحاد الاجتماعي المسيحي الأربعاء 13 يونيو/حزيران من أنَّ حزمة الإجراءات التي طرحها زيهوفر للتعامل مع اللجوء تعد "قضيةً مصيرية لألمانيا. وأي شخص سيسلك منعطفاً خاطئاً في هذه المسألة سيرتكب خطيئة ضد بلده ويخاطر بمستقبل الوحدة (بين الاتحادين الاجتماعي المسيحي، والديمقراطي المسيحي) كحزب يمثل الشعب".  

في حين قال محللون ومسؤولون إنَّ النزاع بين ميركل وزيهوفر يُعَد تكراراً جزئياً لمشهد الجدل السياسي الذي أحاط بقرار المستشارة بقبول أكثر من مليون طالب لجوء من سوريا وأفغانستان ودول أخرى منكوبة في الفترة التي ضربت فيها أزمة اللاجئين أوروبا بين عامي 2015 و2016.

 يضيف تقرير The Financial Times: لطالما اعتبر منتقدو ميركل المحافظون من داخل حزبها أنَّ قرارها خطأٌ مصيري مهَّد الطريق أمام صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف. إذ نجح هذا الحزب العام الماضي 2017 في دخول البرلمان الاتحادي لأول مرة، بعد انتزاعه مئات الأصوات من ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي.

من جانبه، قال كارستن شنايدر، وهو مشرِّعٌ بارز في الحزب الديمقراطي الاجتماعي ورئيس كتلة الحزب داخل البرلمان: "لدي انطباع بأنَّ هذا السؤال يدور في جوهره حول من لديه السلطة داخل ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي. هذا تكرار للنزاع الذي اشتعل في 2015". ويُعد الحزب الديمقراطي الاجتماعي شريكاً صغيراً داخل الائتلاف الضخم لميركل، لكنَّه يكتفي حتى الآن بمراقبة الخلاف الدائر في معسكر المحافظين من على المقاعد الجانبية.

المخاوف من حزب البديل تزداد

وبالنسبة لزيهوفر والاتحاد الاجتماعي المسيحي، يشكل حزب البديل من أجل ألمانيا على وجه التحديد تهديداً سياسياً حاداً. إذ من المقرر أنَّ تعقد ولاية بافاريا انتخاباتها الإقليمية في العام الجاري 2018، وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أنَّ أداءً قوياً من جانب البديل من أجل ألمانيا يُمكِن أنَّ يُفقِد الاتحاد الاجتماعي المسيحي غالبيته الساحقة الثمينة في الولاية.

فيما حذر دانييل جونتر -رئيس وزراء ولاية شليسفيغ-هولشتاين الألمانية المُنتَمي إلى الاتحاد الديمقراطي المسيحي- الحليف البافاري لحزبه من عدم تصعيد النزاع. وفي حوارٍ مع مجلة دير شبيغل أمس الأربعاء، قال: "أنصح الجميع بعدم الدخول في مزايدة مع حزب البديل من أجل ألمانيا. وأعتقد أيضاً أنَّ الانتخابات الإقليمية الوشيكة لا يمكن أنَّ تكون سبباً للتغاضي عن كل شيء".

ولدى ميركل أيضاً حافزٌ قوي للتشبث برأيها، لا سيما لأنَّ أية خطوة أحادية الجانب لغلق الحدود الألمانية الآن يمكن أنَّ تُعتبر تخلِّياً عن الموقف الذي اتخذته في عام 2015. وأوضحت المستشارة أيضاً في الأيام الماضية أنَّها تريد صياغة نهج أوروبي موحد نحو سياسة اللجوء.

وتدعو خطتها إلى عدة أشياء من بينها تأسيس وكالة تابعة للاتحاد الأوروبي للاجئين لتولي طلبات اللجوء الفردية والتعامل مع المهاجرين في أثناء عبورهم إلى داخل أراضي الاتحاد الأوروبي. وحذرت ميركل في حديثٍ أجرته مساء أول أمس من أنَّ الجدل حول الهجرة "يُمكِن أنَّ يُلحِق ضرراً شديداً بأوروبا".

علامات:
تحميل المزيد