كيم يستفز ترمب قبل أيام من اللقاء التاريخي.. يستضيف أحد “أسوأ مرتكبي المجازر في الكوكب” والقمة التي أعيد إحياؤها مهددة

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/05 الساعة 09:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/05 الساعة 09:16 بتوقيت غرينتش

سيصبح رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أول من يلتقي نظيره الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، في بيونغ يانغ، بحسب وسائل إعلام حكومية كورية شمالية، بالرغم من سعي الأخير لتصحيح علاقاته مع الولايات المتحدة.

وأوضحت المصادر أن ذلك يأتي في إطار استمرار "كيم" في التواصل مع "أعداء واشنطن"، في وقت يستعد فيه الزعيم الكوري الشمالي للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في سنغافورة، يوم 12 يونيو/حزيران 2018.

ولم تحدد بيونغ يانغ موعد الزيارة، كما لم يؤكدها النظام السوري، إلا أن تقريراً لصحيفة The New York Times، نشرته أمس الأول الأحد 3 يونيو/حزيران، أفاد بأن وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية نقلت عن الأسد قوله، إنَّه كان يعتزم إجراء الزيارة إثر تلقي أوراق اعتماد سفير بيونغ يانغ الجديد لدى بلاده، مون جونغ-نام، في 30 ديسمبر/كانون الأول 2017.

وأضافت أن رئيس النظام السوري جدَّد التأكيد على إجراء الزيارة، دون تحديد موعد.

لماذا؟

ليس من الواضح ما إذا كان الأسد جاداً في وعده، إلا أن إذاعة كوريا الشمالية للخبر في هذا التوقيت أثارت استغراب مراقبين أميركيين، بحسب The New York Times.

وينقل التقرير عن "ديفيد ماكسويل"، المدير المساعد في مركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون، أنَّ السفير "مون" ربما يكون قد أساء فهم الأسد، أو ربما يكون مساعدوه قد نقلوا له ما اعتقدوا خطئاً أنَّ الرئيس السوري قد قاله.

وأعرب ماكسويل عن حيرته من إعلان كوريا الشمالية زيارةً محتملة إليها من جانب الرئيس السوري المتورِّط في حربٍ أهلية دموية، والمُدان من جانب الغرب لاستخدامه أسلحةً كيماوية ضد أبناء شعبه المدنيين.

وقال: "أحاول بصعوبةٍ استيعاب الأمر، وأحاول تنحية تحيزي للغرب جانباً، والنظر إلى الأمر من منظور كيم جونغ أون، إذا كانوا يعتقدون أنَّها (الزيارة) تعزز شرعيتهم، فهم بالتأكيد لا يفهمون المجتمع الدولي جيداً، ولا كيف ستراها الولايات المتحدة".

بدورها، قالت سو مي تيري، رئيسة الشؤون الكورية في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن: "يرى الناس ذلك الأمر مريعاً؛ نظراً إلى أن كيم جونغ أون يسعى لإبراز نفسه في صورة رجل جيد، واستضافة الأسد -الذي يُعد أحد أسوأ مرتكبي المجازر في الكوكب في أول زيارة لزعيم أجنبي- ليست بالخطوة الدعائية الجيدة".

 ويرى آخرون أنَّ كوريا الشمالية خاطرت حين أعلنت زيارةً مُرتقَبَة للأسد، بإثارة غضب ترمب، ودفعه إلى إلغاء قمة سنغافورة مرة أخرى.

وقال بروس كلينغنير، المتخصص في الشؤون الكورية في مؤسسة هيريتيدج الأميركية في واشنطن: "يمكن أنَّ تتسبب زيارة الأسد في تعطيل القمة التي أُعيد إحياؤها حديثاً، أو على الأقل التخييم بظلالها عليها. فمن بين كل ديكتاتوري العالم الذين كان يمكن أنَّ يقابلهم كيم، اختار الديكتاتور الذي هاجمته الولايات المتحدة حديثاً، الذي يُكِنُّ له ترمب تحديداً مشاعر ازدراء".

وعلى الرغم من أنَّ ترمب ومسؤولين من كوريا الشمالية تمكنوا فيما يبدو من تهدئة الوضع، فإنَّ إعلان زيارة الأسد قد يكون مناورةً من كوريا الشمالية، لكسب أفضلية تكتيكية أخرى قبل القمة.

ورجَّح جوناثان بولاك، الزميل البارز في معهد بروكنغز، أنَّ كوريا الشمالية تسعى لإرسال رسالة مفادها أنَّ "لديها خيارات أخرى متنوعة".

أوجه الشبه بين الأسد وكيم

الأسد وكيم لديهما الكثير من النقاط المشتركة، بحسب التقرير؛ فكلاهما وريثٌ لعائلة حاكمة في دولتين لطالما أظهرتا عدم احترام للنظام السياسي الدولي، مُتحجِّجتين بأنَّه متحيزٌ ضدهما لصالح أعدائهما، ويمتلكان كذلك اهتماماً مشتركاً بتطوير أسلحة قوية.            

واتهم خبراء في الأمم المتحدة كوريا الشمالية بإرسال مواد إلى النظام السوري، ربما تكون قد استُخدِمَت في إنتاج أسلحة كيماوية في الحرب الوحشية التي يخوضها ضد المعارضة منذ عام 2011.   

وأضافوا -في تقريرٍ للأمم المتحدة- أنَّ هذه المواد كانت جزءاً من 40 شحنة على الأقل أرسلتها كوريا الشمالية إلى سوريا، في الفترة ما بين عامي 2012 و2017 ربما تكون قد استُخدِمَت في أغراض مدنية أو عسكرية، على حد سواء.

وشوهد كذلك تقنيون من كوريا الشمالية يعملون في منشآت للصواريخ والأسلحة الكيماوية في سوريا.

جديرٌ بالذكر أنَّ ترمب أمر مرتين بشنِّ غارات جوية ضد سوريا، لمعاقبة الأسد على هجوم كيماوي مزعوم ضد المدنيين السوريين، قائلاً إنَّ الرئيس السوري ارتكب "جرائم يرتكبها وحش".

وارتبطت بيونغ يانغ ودمشق طويلاً بعلاقاتٍ وثيقة تعود إلى عهد الزعيم كيم إل سونغ، مؤسس كوريا الشمالية. ولم تكن الشحنات التي أشار إليها تقرير الأمم المتحدة سوى أحدث مثالٍ على التعاون الواضح بين البلدين في مجال التسليح، بحسب الصحيفة الأميركية.

وفي عام 2007، أغارت طائرات حربية إسرائيلية على منشأة نووية داخل سوريا، اعتقدت المخابرات الإسرائيلية أنَّ كوريا الشمالية تساعد في تزويدها بالإمكانات اللازمة.

ودعمت كوريا الشمالية أيضاً سوريا في الحرب العربية-الإسرائيلية، في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1973، إذ أرسلت قواتٍ تشمل طيارين وجنوداً لإطلاق الصواريخ.

حراك دبلوماسي كوري شمالي

 عقب سنوات من العزلة، سعى كيم بشراسةٍ لتعزيز العلاقات الدبلوماسية لبلاده في الشهور الأخيرة، ففي الأسبوع المنصرم في العاصمة بيونغ يانغ، استضاف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في أول لقاء لمسؤول روسي رفيع مع الزعيم الشاب.

 ومنذ نهاية شهر مارس/آذار من العام الجاري 2018، التقى كيم مرتين بالرئيس الصيني شي جين بينغ. وفي أبريل/نيسان، عبر كيم المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين لمقابلة نظيره الكوري الجنوبي مون جيه-إن. واجتمع الرئيسان مرةً أخرى نهاية الأسبوع الماضي.

وقبل أسبوعين، أدلت كوريا الشمالية بتصريحاتٍ عدائية ضد الولايات المتحدة، تسببت بإلغاء القمة قبل عودة الإعلان عن المضي نحو عقدها.

وبدا أنَّ تلك التصريحات ردٌّ على تصريحاتٍ حادة من جون بولتون، مستشار ترمب للأمن القومي، قال فيها إنَّ بلاده يجب أنَّ تتبع النموذج الليبي في مفاوضاتها مع كوريا الشمالية لنزع سلاحها النووي؛ إذ وافقت ليبيا على إرسال كافة موادها النووية خارج البلاد.

تحميل المزيد