انخفاض في اليورو واضطرابات سياسية واقتصادية في إيطاليا.. والعواصم الأوروبية تترقب بقلق.. ماذا يحدث في روما؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/29 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/29 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش

شهد الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء 29 مايو/أيار 2018، ردود فعل صاخبة إزاء إقدام الرئيس الإيطالي، سيرجو ماتاريلا، على تكليف "كارلو كوتاريللي" برئاسة الوزراء، في تجاوز للأغلبية اليمينية-الشعبوية في البرلمان، ما أثر سلباً على أداء الأسواق المالية على مستوى القارة، مع ارتفاع القلق إزاء تصاعد الاضطراب في روما، وتأثيره على بقية العواصم الأوروبية.

وبلغ اليورو أدنى مستوى في ستة أشهر ونصف الشهر، اليوم الثلاثاء، منخفضاً لليوم الثالث على التوالي، في الوقت الذي تشهد فيه أسواق السندات الإيطالية عمليات بيع جراء تنامي المخاوف السياسية هناك، مما يدفع المستثمرين للتخلي عن العملة الموحدة.

والأسواق المالية يساورها القلق بشأن الانتخابات، التي قد تُجرى في أغسطس/آب، وقد تكون أشبه باستفتاء على دور إيطاليا في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، وربما تعزز موقف الأحزاب المشككة في اليورو أكثر.

وانخفض اليورو لما دون 1.16 دولار للمرة الأولى في ستة أشهر ونصف الشهر اليوم، متراجعاً 0.3%. ومقابل الفرنك السويسري انخفض اليورو بنفس النسبة إلى 1.1528 فرنك.

وتراجع اليورو ما يزيد على 4% منذ بداية الشهر، وهو بصدد تسجيل أكبر انخفاض شهري في أكثر من ثلاث سنوات، وفقاً لبيانات تومسون رويترز.

وأمس الإثنين، انضم يمين الوسط الإيطالي، إلى حركة "خمس نجوم" الشعبوية، في قرارها عدم منح الثقة في البرلمان للحكومة التي سيُشكلها "كوتاريللي"، المؤيد لسياسات التقشف الأوروبية، ما سيُفضي إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في الخريف المقبل.

جاء ذلك في بيان لـ"سيلفيو برلسكوني"، رئيس حزب فورتسا إيتاليا الذي يقود يمين الوسط، ورئيس الوزراء الأسبق للبلاد.

وقال برلسكوني: "موقفنا من منح الثقة لحكومة يقودها كوتاريللي، لن يكون سوى سلبي".

وأضاف: "لا خيار أمام يمين الوسط إلا أن يكون موحداً، وهذا ما سيكون في الانتخابات القادمة التي ستكون لنا فيها الغلبة".

ويأتي قرار يمين الوسط ليلحقه بحركة "خمس نجوم" الشعبوية، التي أعلنت في وقت سابق الإثنين، على لسان زعيمها، لويجي دي مايو، أنها ستقف في وجه حكومة كوتاريللي في البرلمان.

تكليف "كوتاريللي"

وكلف الرئيس الإيطالي سيرجو ماتاريلا، صباح أمس الإثنين، رسمياً الخبير السابق في صندوق النقد الدولي كارلو كوتاريللي بتشكيل حكومة جديدة، بعد فشل جوزيبه كونتي في مهمته.

والأحد 27 مايو/أيار، أعلن كونتي (أستاذ جامعي كان مرشح يمين الوسط و"خمس نجوم" لتولي رئاسة الحكومة)، فشل جهود تشكيل حكومة جديدة، بعدما رفض الرئيس، ماتاريلا، اسم الوزير المرشح لتولي حقيبة الاقتصاد، والذي بدوره يرفض "الإملاءات الأوروبية" ويشكك في عملة اليورو.

وقال كوتاريللي، في بيان تلاه بعد التكليف: "طلب مني الرئيس أن أتقدم إلى البرلمان ببرنامج، من شأنه أن يقود البلاد إلى انتخابات جديدة".

وتابع: "وفي حال عدم نيل حكومتي الثقة فسوف استقيل على الفور، وستكون مهمتها هي الإدارة العادية حتى إجراء الانتخابات بعد شهر أغسطس/آب المقبل".

وحسب نتائج الانتخابات التي جرت في الرابع من مارس/آذار الماضي، فلن ينال كوتاريللي ثقة البرلمان بسبب معارضة يمين الوسط و"خمس نجوم"، وسيكون على الناخبين العودة إلى صناديق الاقتراع في الخريف المقبل.

فقد حصلت "خمس نجوم" على 32.66% من مقاعد مجلس النواب، وعددها 630، وعلى 32.22% من مقاعد مجلس الشيوخ، وعددها 320.

كما تمكن يمين الوسط بقيادة برلسكوني من تحقيق نسبة 37% في النواب و37.49% في الشيوخ، وهو الائتلاف الذي يشارك فيه كل من حركة "رابطة الشمال" اليمينية المتطرفة وحزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف.

ردود فعل في أوروبا

أدانت "مارين لوبان" زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية (يمين متطرف) ما اعتبرته "انقلاباً" و"فاشية مالية" للاتحاد الأوروبي في إيطاليا.

وكتبت على تويتر إن "الاتحاد الأوروبي والأسواق المالية يصادران مجدداً الديمقراطية"، معتبرة أن "ما يجري في إيطاليا هو انقلاب وسطو مؤسسات غير شرعية على الشعب الإيطالي".

وأضافت: "إزاء إنكار للديمقراطية، سيتعاظم غضب الشعوب في كل مكان من أوروبا!".

بدوره حذّر الزعيم السابق لحزب الاستقلال البريطاني (يوكيب)، اليميني، على تويتر، من "الغضب الكبير" للناخبين الإيطاليين.

وقال النائب الأوروبي البريطاني: "سيشعر الناخبون الإيطاليون بالغضب إن عرقلت المؤسسات تعيين وزراء جدد. آن الأوان لانتخابات جديدة وأصوات جديدة" (للمعارضين للمؤسسات).

وأضاف: "إذا ورثت إيطاليا ماريو مونتي جديداً، ورئيس وزراء جديداً مؤيداً للاتحاد الأوروبي، توقعوا غضباً كبيراً".

في المقابل أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بسيرجو ماتاريلا، الذي أثبت "شجاعة" و"حساً كبيراً بالمسؤولية".

وأضاف ماكرون "أجدد صداقتي ودعمي للرئيس ماتاريلا، الذي لديه واجب أساسي يقوم به، هو ضمان استقرار المؤسسات والديمقراطية في بلاده، وهذا ما يفعله بكثير من الشجاعة وبحس كبير بالمسؤولية".

وقال ستيفن سيبرت، المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن "احترام الديمقراطية الإيطالية والمؤسسات الديمقراطية، يستلزم ترقب أي حكومة ستقود البلاد، وأي أفكار سيعرضها على شركائه الأوروبيين".

وأضاف "لا تزال الحكومة الألمانية مستعدة للعمل بشكل وثيق وفعال مع الحكومة الإيطالية، هذا موقفنا الأساسي".

من جانبه، دعا المفوض الأوروبي المكلف الموازنة، غونتر أوتينغر، شركاء منطقة اليورو إلى التحرك لإقناع الناخبين الإيطاليين بأهمية العملة الواحدة، عبر ممارسة "تأثير إيجابي على عملية اتخاذ القرارات" في إيطاليا، بحسب تصريحات أدلى بها على هامش اجتماع عام للمسيحيين الديمقراطيين الألمان في برلين، كما قالت وكالة الأنباء الألمانية.

هبوط في البورصات الأوروبية

هبطت الأسهم الأوروبية للجلسة الثانية على التوالي، اليوم الثلاثاء، مع عزوف المستثمرين عن المخاطرة، بسبب تجدد المخاوف من تفكك منطقة اليورو، في ظل شروع إيطاليا في حملة انتخابية جديدة، قد تصبح استفتاء على عضويتها في منطقة اليورو.

ونزل المؤشر الإيطالي الرئيسي إلى أدنى مستوياته في تسعة أشهر في التعاملات المبكرة، منخفضاً 1.6% بحلول الساعة 07:25 بتوقيت غرينتش.

وامتدَّ التوتر في إيطاليا إلى أسواق أخرى بجنوب منطقة اليورو، حيث تضرَّرت أيضا أسهم البنوك الإسبانية والبرتغالية، إضافة إلى قطاع التجزئة في بريطانيا.

تحميل المزيد