“سارق الأضواء” و”رسول من الجحيم”.. قصة الرجل الغامض الذي ظهر مع الزعيم الكوري الشمالي ووزير الخارجية الأميركي 

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/19 الساعة 08:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/19 الساعة 10:45 بتوقيت غرينتش

خلال الاجتماع الأخير في بيونغ يانغ بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، سرق رجل ذو شعر أبيض كان يجلس بين الرجلين، الأضواء وتساءل الآلاف عنه، حتى وصفته الصحف الكورية الجنوبية  "سارق الأضواء".

من هو إذاً هذا الرجل الأميركي/الكوري ذو الشعر الأبيض الجالس على الطاولة مع بومبيو وكيم في 9 مايو؟، ذاك الشخص الذي يبتسم ويضحك مع كيم وبومبيو، والذي ظهر على الصفحة الأولى لصحيفة رودونج في كوريا الشمالية وعلى القناة التلفزيونية الحكومية.

من هو الرجل الغامض؟

وكان هذا الرجل الغامض، موضع تكهنات كثيرة في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية.

وبحسب تقرير لصحيفة the Washington Post، الأميركية، تبين أن الرجل الغامض هو أندرو كيم، رئيس مركز البعثة الكورية في وكالة المخابرات المركزية، وقد لعب دوراً محورياً في عملية تخطيط القمة بين الرئيس ترمب وكيم جونغ أون، المقرر عقدها في سنغافورة في 12 يونيو/حزيران.

وعلى الرغم من أن كوريا الشمالية ترفع من مطالباتها قبل انعقاد القمة، إذ هددت يوم الأربعاء بإلغائها إذا واصلت إدارة ترمب الإصرار على نزع أحادي للسلاح النووي من جانب كوريا الشمالية فقط. إلا أن البيت الأبيض قد صرح بأنه يواصل استعداداته لهذه القمة.

ينظر العديد من المحللين إلى هذه التهديدات باعتبارها سياسة حافة الهاوية المعتادة المتبعة من قبل كوريا الشمالية، ويشككون في أن الكوريين الشماليين  سيعرقلون عقد القمة.

وكنتيجة لدوره المركزي في التحضيرات لهذه القمة، يظهر أندرو كيم الآن للمرة الأولى على الساحة الدولية -ويكاد يكون ظهوراً غير مرحب به- بسبب القدر الكبير من القصص التي تدور عنه، ولاحظ العديدون أيضاً لون شعره الأبيض، وهذا أمر جديد في بلد حيث يحافظ الرجال عادة وبشكل مريب على لون الشعر الأسود حتى عندما يصبحون في الثمانين من العمر.

"العميل 007 الكوري الأصل"، هكذا ظهر العنوان الرئيسي على موقع القناة A، على الإنترنت.

كما وصفته صحيفة Dong-A Ilbo " الكوري الأميركي المتخفي الذي يقدم موجزاً عن كوريا الشمالية لترمب كل صباح"، بحسب الصحيفة الأميركية.

وبحسب بيان صحفي صدر في ذلك الوقت، شكلت وكالة المخابرات المركزية مركز البعثة الكورية في مايو/أيار الماضي وذلك "لتسخير كامل الموارد والقدرات والسلطات للوكالة لمواجهة التهديد الصاروخي النووي والباليستي الذي تفرضه كوريا الشمالية".

وقال البيان "وقع الاختيار على ضابط مخضرم في وكالة المخابرات المركزية ليكون المدير المساعد الجديد في كوريا ويترأس أيضاً مركز البعثة". ومع ذلك، لم يذكر البيان اسم الضابط. ورفضت وكالة المخابرات المركزية التعليق على هذا المقال.

أكّد مسؤولو حكومة كوريا الجنوبية هذا الأسبوع تكهنات وسائل الإعلام، بأن الرجل الغامض الذي يظهر في صور لقاء بومبيو مع كيم جونغ أون هو بالفعل أندرو كيم، الذي ولد ونشأ في كوريا الجنوبية وأقام شبكات وعلاقات هامة هناك.

كان اسمه الكوري وقتذاك هو كيم سونغ-هيون، وذهب إلى مدرسة سيول الثانوية المرموقة، والتي تخرج منها أيضاً سوه هون، رئيس وكالة الاستخبارات في كوريا الجنوبية، وتشونغ إيوي يونغ، مستشار الأمن القومي في كوريا الجنوبية، بحسب الصحيفة الأميركية.

وبحسب مسؤول استخباراتي سابق لصحيفة Chosun Ilbo، هو أيضاً ابن عم تشونغ ويناديه باسم "ajosshi" -وهو مصطلح الكوري مألوف يطلق على الرجل الذي بلغ منتصف العمر-  بدلاً من أن يناديه بلقبه في الأماكن والأحداث غير رسمية.

وأخبر مستشار رئاسي قابل أندرو كيم في عدة مناسبات للصحفيين هنا، بشرط عدم الكشف عن هويته في محادثتهم الخاصة قائلاً  "إن أندرو كيم مواطن أمريكي، لكن لديه علاقات عائلية ومدرسية في كوريا الجنوبية، وأنا شخصياً أعتقد أن عاطفته لكوريا الجنوبية عميقة للغاية"، بحسب الصحيفة الأميركية.

كوريا الجنوبية هي المكان الذي تزدهر فيه العلاقات والشبكات الشخصية، وخاصة تلك التي نشأت  في المدرسة.

دور كيم في القمة التاريخية المرتقبة

قال جونغ هـ. باك، الذي عمل كمحلل للشأن الكوري في وكالة الاستخبارات المركزية حتى العام الماضي ويعرف أندرو كيم، "لهذا السبب، ستساعد روابط أندرو كيم في التحضير للقمة المقرر عقدها الشهر المقبل".

ورفض باك -الموجود حالياً في مؤسسة بروكينغز- الحديث عن أندرو كيم تحديداً، لكنه قال إن وجود شخص لديه صلات قوية مع المسؤولين الكوريين الجنوبيين "يوحي بأنه ربما يكون هناك مستوى رفيع من التنسيق، وهذا أمر جيد"، بحسب الصحيفة الأميركية.

ووافق تشا دو هايون، مستشار سابق في الاستخبارات الكورية الجنوبية هذا الرأي قائلاً "يمكن استخدام هذه العلاقات الشخصية للمساعدة في التوافق ومواكبة الأمور في مثل هذه المواقف".

وفقًا لتقارير محلية متعددة، انتقل أندرو كيم إلى الولايات المتحدة بصحبة والديه خلال سنته الأولى في المدرسة الثانوية. وأمضى معظم حياته المهنية -إن لم تكن كلها- في وكالة المخابرات المركزية، حيث خدم في موسكو وبكين وبانكوك، ثم عمل قائداً لمقر الوكالة في سول حتى تقاعده.

ومع ذلك، أعيد من تقاعده لأجل رئاسة مركز البعثة الكورية عندما افتتح العام الماضي، حيث كان بومبيو هو قائد وكالة المخابرات المركزية.

يُنظر إلى أندرو كيم إلى حد بعيد على أنه من المتشددين فيما يخص كوريا الشمالية، لدرجة أن الصحافة الكورية الجنوبية والصحافة اليابانية كانت تشير إليه باعتباره "ملاك الموت الذي نزل بكوريا الشمالية" أو "رسول من الجحيم"، بحسب الصحيفة الأميركية.

وقال مستشار رئاسي في كوريا الجنوبية، إن أندرو كيم  شارك في التخطيط لضربات تستهدف كوريا الشمالية العام الماضي.

وقال للصحفيين المحليين "عندما التقيت به، أدركت أن الولايات المتحدة تستعد بشكل جدي للخيارات العسكرية، وأن هذه لم تكن مجرد تهديدات فارغة من المتشددين تجاه كوريا الشمالية في الإدارة الأميركية، كانوا يقومون برسم نحو عشرين سيناريو لخطط عمل محددة، اعتماداً على تحركات كوريا الشمالية المختلفة".

من الحرب إلى التفاوض

وبحسب الصحيفة الأميركية، لكن وفي تحول مفاجئ عن التخطيط للضربات العسكرية، أصبح أندرو كيم هذا العام في قلب الجهود الدبلوماسية المفاجئة التي أدت إلى قمة الشهر الماضي بين الكوريتين، والإعلان عن الاجتماع المزمع عقده الشهر المقبل بين ترمب وكيم جونغ أون.

جاء أندرو كيم إلى كوريا الجنوبية في فبراير/شباط، في نفس الوقت الذي كان فيه نائب الرئيس الأميركي بنس هناك لحضور افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، كما قال مسؤول آخر في حكومة كوريا الجنوبية للصحفيين، ويرفض أيضاً الكشف عن هويته، وقال المسؤول إن الاجتماعات التي أجراها في تلك الزيارة مهدت الطريق لزيارة بومبيو الأولى لبيونج يانج، خلال عطلة عيد الفصح.

وتقول تقارير متعددة في كوريا الجنوبية، أن أندرو كيم رافق بومبيو -الذي كان لا يزال رئيساً لوكالة المخابرات المركزية آنذاك- في تلك الرحلة إلى بيونغ يانغ.

وفي رحلته الثانية إلى بيونغ يانغ، قام بومبيو -الذي  كان قد أصبح وزيراً للخارجية في ذلك الوقت- باصطحاب أندرو كيم معه، مفضلاً إياه على متحدث بالكورية من وزارة الخارجية.

بطرق شتى، فإن هذا الشخص الذي كان يوماً ما كورياً ولكنه الآن أميركي، يعتبر مثالياً لهذه الوظيفة  حسب تشا، مستشار الاستخبارات السابق. "إن العميل الأميركي الكوري هو شخص يتحدث نفس اللغة التي نستخدمها، ولكن بصفته مواطناً أميركياً، فهو متحرر من ذاك الشعور بالمديونية تجاه كوريا".

تحميل المزيد