توصلت إيران ومجموعة المفاوضات المكونة من ست دول إلى اتفاقية تاريخية عُرفت باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في يوليو/تموز 2015، وهي الاتفاقية التي أنهت 12 عاماً من الجمود والأزمات الناتجة عن برنامج طهران النووي. وُقع الاتفاق في فيينا بعد حوالي عامين من المحادثات المكثفة، وحجَّمت الاتفاقية من البرنامج النووي الإيراني بما يضمن لبقية العالم عدم قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية، في مقابل رفع العقوبات عنها.
تبدو خطة العمل الشاملة المشتركة في جوهرها صفقة واضحة، تقبل إيران بموجبها القيود المفروضة على برنامجها النووي، مقابل خروجها من قيد العقوبات التي أحاطت باقتصادها لعقد سبق الاتفاقية. وبموجب الاتفاقية، أوقفت إيران ثلثي أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها، وشحنت 98% من اليورانيوم المخصب، إضافة إلى ملء مفاعل إنتاج البلوتونيوم بالخرسانة، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
كما قبلت طهران بالرقابة الصارمة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أقرت لعشر مرات، آخرها في فبراير/شباط الماضي، بامتثال طهران لشروط الاتفاقية. وفي المقابل، رُفعت العقوبات عن إيران في يناير/ كانون الثاني من عام 2016، لتصبح طهران على صلة بالأسواق العالمية من جديد، بحسب الصحيفة البريطانية.
ما هي الدول المشتركة في الاتفاقية؟
وضمت المحادثات النووية مع إيران الست قوى العظمى، وهي المجموعة المعروفة بـ5+1، والتي تضم الأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن: الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا. كما انضوى الاتفاق تحت مظلة أحد قرارات مجلس الأمن الذي دمجه في القانون الدولي. وافق أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر آنذاك على الاتفاق بالإجماع.
لماذا يرغب ترمب بالتخلص من هذه الاتفاقية؟
وبحسب الصحيفة البريطانية، أدى فوز ترمب في الانتخابات الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2016 إلى التشكيك في مصير الصفقة. إذ وعد ترمب قبيل انتخابه "بتفكيك الاتفاق الكارثي مع إيران"، وبالرغم من اعتقاد الكثيرين بأنه قد يلجأ لتنفيذ الاتفاق بشكل أكثر صرامة أو لتشديد العقوبات الراهنة، فإن هذا من شأنه أن يدفع طهران إلى انتهاك الاتفاقية أولاً أو تجاهلها.
وفي يناير/كانون الثاني، رفع ترمب على مضض مجموعة من العقوبات المفروضة على إيران على النحو الذي طالب به الكونغرس كل 120 يوماً، لكنه قال، "هذه فرصة أخيرة"، وطالب "الدول الأوروبية بالانضمام إلى الولايات المتحدة في إصلاح العيوب الفادحة في الصفقة". يواجه ترمب هذه المرة الموعد النهائي الذي حدده الكونغرس في 12 مايو/أيار، لكنه صرح في تغريدة يوم الاثنين بأنه سيعلن قراره بحلول يوم الثلاثاء.
يعتقد ترمب أن الاتفاقية ما هي إلا صفقة سيئة، عاجزة عن معالجة سلوك إيران الإقليمي أو التعامل مع برنامجها الصاروخي. ويؤيده في ذلك مجموعة من صقور إيران في دائرته الداخلية، مثل مستشار الأمن القومي، جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو.
ويقول النقاد أيضاً إن هذا مثال آخر على تفكيك ترمب لإرث باراك أوباما – إذ كانت الصفقة الإيرانية هي إنجازه المميز في السياسة الخارجية.
لماذا يريد آخرون الحفاظ عليها؟
باستثناء الولايات المتحدة، يرغب جميع شركاء المفاوضات الآخرين لمجموعة 5 + 1 في الحفاظ على الاتفاقية. فعلى حد تعبير بوريس جونسون، وزير خارجية المملكة المتحدة، الذي زار واشنطن العاصمة للضغط على ترمب للتراجع عن إفساد الاتفاق، "من بين جميع الخيارات المتاحة لدينا لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي، فإن هذا الاتفاق يقدم أقل قدر من المساوئ".
وبعد أن كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن حزمة من الوثائق التي ادعى أنها تظهر احتيال إيران على الاتفاقية، دافعت الدول الأوروبية عن موقفها، قائلة إن الوثائق تؤكد على أهمية الحفاظ على الاتفاقية.