بينما يؤدي المسلمون شعائر صلاة الظهر في مسجدين بمدينة كرايست تشيرتش في نيوزيلندا، الجمعة 15 مارس/آذار 2019، أقدم مسلحون على فتح النار على المصلين، ما تسبب في سقوط 40 ضحية وإصابة عدد آخر.
أحد المسلحين بث عملية القتل المروعة في مسجد النور بواسطة كاميرا غو برو عبر موقع فيسبوك، على حساب على منصة التواصل الاجتماعي له علاقة بالقتال الذي يطلق عليه برينتوت تارانت.
المهاجم الذي يبلغ من العمر 28 عاماً، يبدو أنه من المعادين للمهاجرين، حيث عبّر في حسابه على تويتر، عن غضبه من "الغزاة المسلمين" الذين يحتلون الأراضي الأوروبية.
كما أنه يؤمن أيضاً بتفوق العرق الأبيض، حيث يعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "رمزاً للهوية البيضاء المتجددة"، على الرغم من أنه لا يعتبره صانع سياسة أو زعيماً، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية.
سر الأغنية التي كان يسمعها
ولعل المثير في هذه الجريمة، الأغنية التي كان يسمعها منفذ الهجوم أثناء البث المباشر للجريمة، حين كان يقود سيارته لتنفيذ جريمته البشعة وهي أغنية صربية تعود إلى معركة حساسة بين الخلافة العثمانية والأوروبيين.
هذه الأغنية ارتبطت بمعركة فيينا التي وقعت عام 1683، والتي كانت بداية نهاية سيطرة الخلافة العثمانية على أوروبا.
فالمعركة وقعت في 12 سبتمبر/أيلول عام 1683، بين الجنود العثمانيين والأوروبين في العاصمة النمساوية فيينا التي حوصر فيها الجنود العثمانيون لمدة شهرين.
وكسرت هذه المعركة أسبقية الدولة العثمانية في أوروبا، إذ مثلت المعركة نهاية السيطرة الدولة العثمانية وتوسعاتها في جنوب الشرق الأوروبي.
وانتصرت القوات البولندية الألمانية – النمساوية بقيادة ملك بولندا يوحنا الثالث سوبياسكي ضد جيش الدولة العثمانية بقيادة الصدر الأعظم (الوزير) قرة مصطفى باشا قائد القوات العثمانية.
رسائل على الأسلحة
كما كتب القاتل على الأسلحة التي عثر عليها عبارات بشأن معركة فيينا، وكذلك وضع عبارات عنصرية على سلاحه هاجم فيها الدولة العثمانية والأتراك، حسب ما أظهر مقطع الفيديو الذي بثه بنفسه عبر الإنترنت.
ومن بين العبارات العنصرية التي كتبها منفذ المذبحة، على سلاحه "Turcofagos" وتعني بالعربية "آكل الأتراك"، وكذلك: "1683 فيينا" في إشارة إلى تاريخ معركة فيينا التي خسرتها الدولة العثمانية ووضعت حداً لتوسعها في أوروبا، كما كتب على سلاحه الذي نفذ به المذبحة: "اللاجئون، أهلاً بكم في الجحيم".
من بين العبارات التي كتبها المجرم على سلاحه:
– Turcofagos التركي الفجّ
– 1683 فيينا: حيث معركة فيينا التي خسرتها الدولة العثمانية ومثلت نهاية توسعها في أوروبا
– وقف تقدم الأمويين الأندلسيين في أوروبا
– اللاجئين، أهلا بكم في الجحيم، الجولات السياحية 732 #Christchurch#نيوزلندا pic.twitter.com/SeLPFsWlTL— Khair Eddin Aljabri (@Khair_Aljabri) March 15, 2019
ولعل هذا ما يبرر الإدانة التركية السريعة للجريمة كأول دول إسلامية تدين الجريمة البشعة على حساب رئيسها رجب طيب أردوغان بتويتر ويصفها بالهجوم الإرهابي.
وكتب أردوغان: "أُدين بشدّة الهجوم الإرهابي على مسجد النور في نيوزيلندا، وعلى المسلمين الذين كانوا يؤدون عبادتهم هناك، ولعنة الله على الفاعلين".
وأضاف الرئيس التركي: "أتمنى الرحمة من الله لإخواننا الذين فقدوا حياتهم في الهجوم، والشفاء العاجل للجرحى".
وقف الزحف الإسلامي
وبالعودة إلى ما كتبه تارانت على حسابه بتويتر كما رصدته الصحيفة الأمريكية إذ قال إنه "رجل أبيض عادي من أسرة أسترالية من الطبقة العاملة ذات الدخل المتدني.. والدي من أصول إسكتلندية أيرلندية وإنكليزية.. كانت طفولتي عادية من دون مشاكل كبيرة.. ليس لدي اهتمام كبير بالتعليم ولم ألتحق بالجامعة، لأنه ليس لدي أدنى اهتمام بالدارسة في الجامعات"، وأضاف أنه رجل عادي قرر أن "يتخذ موقفاً لضمان مستقبل شعبي".
وقال في حسابه على تويتر "إن صدمة ما بعد أفعالي سيكون لها تداعياتها في السنوات المقبلة، وعلى الخطاب السياسي والاجتماعي وستخلق جواً من الخوف، والتغيير وهو المطلوب"، كما ذكرت الصحيفة الأمريكية.
واحتوت صفحته على تويتر على صور لمخازن ذخيرة، نقش عليها أسماء بطريقة مبعثرة، بما في ذلك أسماء اثنين من القتلة الذين استهدفوا المهاجرين والمسلمين.
كما ضمت تغريدات مثيرة ضد المسلمين ومعدل الولادات بينهم، وأحاديث عن "إبادة جماعية للبيض" وكذلك عن عدد من الهجمات الإرهابية.
وقال تارانت، الذي أعلن مسؤوليته عن إطلاق النار إنه جاء إلى نيوزيلندا للتخطيط والتدريب على الهجوم، وفقاً لما ذكرته "رويترز".
وأضاف أنه لم يكن عضواً في أي منظمة، لكنه تبرع للعديد من الجماعات القومية وتفاعل معها، رغم أنه تصرف بمفرده ولم تأمره أي جماعة بالهجوم.
الهدف إثارة الرعب لدى المسلمين
هذه الجريمة لا يمكن أن تكون عملاً اعتيادياً نظراً للدلالات التي ارتبطت بها من الأغنية التي كان يسمعها منفذ الهجوم إلى حالة البغض والكره الشديد إلى ما هو مسلم معتبراً أن ذلك يهدد العالم الغربي، كما أن منفذ الهجوم ليس نيوزيلندياً، خاصة وأن هذا البلد يوصف بالتسامح في التعامل مع المسلمين.
فقد يكون هدف القاتل هو إثارة الرعب في نيوزيلندا وإغلاق أبوابها أمام المسلمين الذي يهاجرون إليها ولعل ما ذكره في حسابه على تويتر يشير إلى ذلك.
رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن هي الأخرى ترى أن هذا القاتل اليمني ربما يهدف إلى بث الرعب في قلوب المهاجرين والذين يعود أغلبهم إلى دول إسلامية.
وكتبت رئيسة الوزراء عبر حسابها على تويتر: "هذا يوم أسود تعيشه نيوزيلندا.. الكثير من الأشخاص المتضررين مما حصل اليوم سيكونون من اللاجئين والمهاجرين. إن نيوزيلندا هي موطنهم"، مؤكدةً أن هذا عمل غير عادي وغير مسبوق.
ورفعت درجة التهديد الأمني لأعلى مستوى من المستوى المنخفض، وأكدت رفع درجة الاستعداد على الحدود وفي المطارات، كما دعت إلى أخذ الحيطة عند الذهاب للمساجد.