اختطفه «داعش» ولندن رفضت دفع فدية لاستعادته.. مصير مجهول لصحفي بريطاني ظهر في فيديوهات دعائية للتنظيم

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/06 الساعة 20:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/06 الساعة 20:29 بتوقيت غرينتش

بعد مرور أكثر من 6 سنوات على اختطافه في سوريا عن طريق داعش ، قال مسؤول حكومي بريطاني، الثلاثاء 5 فبراير/شباط 2019، إن هناك اعتقاداً بأن الصحفي البريطاني جون كانتلي لا يزال على قيد الحياة.

وحسب صحيفة The New York Times الأمريكية، فقد ظهر كانتلي في كثير من الفيديوهات الدعائية التي ينتجها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لكن آخر هذه الفيديوهات بُث قبل أكثر من عامين.

وأخبر وزير الأمن البريطاني بين والاس، الثلاثاء الماضي، الصحفيين خلال إحاطة إعلامية لوزارة الداخلية بأن كانتلي يُعتقد أنه ما زال على قيد الحياة، لكنه لم يفصح عن كيفية حصول الحكومة على معلومات عن وضعه.

اختطاف واحتجاز ومطالب بالفدية

احتجز تنظيم داعش كانتلي في سلسلة من المواقع قبل نقله إلى سجن بجوار منشأة لإنتاج النفط بالقرب من مدينة الرقة السورية، حيث كان بين 23 أسيراً من بلاد الغرب مُحتجزين داخل زنزانتين، ومُقسمين حسب الجنس.

وإذا ما زال على قيد الحياة سيكون واحداً من عدد قليل قد يكونون قادرين على الحديث عما حدث للسجناء الآخرين في المعتقلات الموجودة تحت الأرض التي احتُجزوا فيها، بمن فيهم رهائن لا تعرف عائلاتهم إلا معلومات قليلة عن مصائرهم.

أُخذ كانتلي، وهو مصور مستقل، رهينة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، مع الصحفي الأمريكي جيمس فولي، الذي عمل مع وكالة GlobalPost ووكالة Agence France-Presse. فبعد أن غادرا مقهى إنترنت في مدينة بنش السورية، قادا السيارة متجهين إلى تركيا، لكن مسلحين أجبروهما على الوقوف قبل 25 ميلاً من الحدود واختطفوهما.

أُطلق سراح أغلب الأوروبيين المحتجزين، وكان من بينهم مواطنون فرنسيون وإسبان، مقابل فديات بملايين اليوروهات دفعتها حكوماتهم.

لكن بريطانيا والولايات المتحدة ضمن قليل من البلاد التي تلتزم بسياسة صارمة تقضي بعدم دفع الأموال مقابل الرهائن، إذ تقولان إن القيام بذلك يعني تمويل الجماعات الإرهابية والتشجيع على مزيد من عمليات الاختطاف.

لكن رفض بعض الدول جعل تنظيم داعش يُعدمهم

وعندما اتضح أن الدولتين لن تدفعا مقابل إطلاق سراح مواطنيها، بدأ المسلحون في قتلهم. فبدأوا بفولي، الذي قُطعت رأسه بسكين في 2014، وهي عملية قتل عُرضت في فيديو مروع بثه تنظيم داعش.

وقُتل في المجمل 3 أمريكيين و3 بريطانيين بنفس الطريقة. إذ بعثت تسجيلات عمليات القتل موجات الصدمة حول العالم، ودفعت إدارة أوباما للتدخل في صراع حاولت تجنبه.

نجا كانتلي من هذا المصير، واستُغل بدلاً من ذلك في الفيديوهات الدعائية للتنظيم -والمحتمل أنه فعل ذلك بعد تعرضه لضغوط- ليبث "سلسلة من المحاضرات" ينتقد فيها الاستجابة الغربية للتنظيم.

ظهر كانتلي في أحد هذه الفيديوهات يرتدي بدلة برتقالية، ويتحدث عن مصائر رفقائه في الزنزانة. وفي فيديوهات أخرى، ظهر مرتدياً ملابس مدنية وقُدِّم باعتباره مراسل حرب يمسك بميكروفون، لكنه بدا شاحباً وهزيلاً، ما يشير إلى تعرضه لسوء معاملة من جانب مختطفيه.

وشوهد آخر مرة في فيديو اُلتقط خلال معركة تحرير مدينة الموصل من أيدي التنظيم في ديسمبر/كانون الأول 2016. وفي المشهد الذي عرض هجوماً قتل فيه المسلحون مجموعة من الجنود العراقيين داخل مدرعات، ظهر كانتلي وهو يسير بين الأشلاء، ويسخر في لحظة ما من الموتى.

وقال في الفيديو عندما كان يمر بجوار خوذة ملقاة على الأرض: "كانت هذه تعود إلى جندي عراقي. لا أعتقد أنه سيحتاجها الآن، أليس كذلك؟". ولكنه لم يظهر منذ ذلك الحين، واعتقد كثيرون أنه ميت.

غير أن مصير الصحفي البريطاني يبقى مجهولاً

يُحاصَر تنظيم داعش، الذي سيطر في أوج قوته على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا، في موقع مساحته 1.5 ميل داخل قرية باغوز التي تقع في وادي نهر الفرات شمال شرق سوريا.

أول من أمس الثلاثاء، قال مسؤولون تابعون لإحدى الميليشيات المدعومة أمريكياً يقودها الأكراد وتخوض معارك للسيطرة على ذلك المعقل، إنهم لا يعرفون إذا كان كانتلي حياً أم لا، لكنهم أكدوا أن تنظيم داعش كان يحتجز رهائن آخرين، بمن فيهم عشرات من جنود الميليشيا نفسها.

يعني ذلك توقف عملية السيطرة على المنطقة، نظراً إلى أن قادة الجيش يكافحون للتوصل إلى طريقة تمكنهم من المضي قدماً بدون تعريض حياة الرهائن أو المدنيين المحاصرين داخل ذلك الجيب لأي خطر.

مع الإعلان عن قرار سحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا، ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول إلى هزيمة التنظيم، لكنه بعد ذلك بدَّل ذلك التأكيد هو ومسؤوليه وأرجأ عملية الانسحاب. وصف ترامب وأعضاء في إدارته التنظيم بأنه "هُزم" و"أُبيد"، و"طُمست آثاره تماماً" وأنه "في حالة احتضار".

وصل تنظيم داعش إلى أدنى مستويات انحداره تقريباً بجميع المقاييس: سواء الرقعة التي يسيطر عليها، والهجمات التي ينفذها، وعدد المقاتلين الأجانب الذين يجندهم. لكن محللين يدرسون التنظيم يشيرون إلى أنه لا يزال أقوى بكثير مما كان عليه في اليوم الذي سحبت فيه الولايات المتحدة قواتها من العراق في 2011.

حوالي 40% من البريطانيين لا يزالون رفقة داعش

قال قائد القيادة المركزية الأمريكية، جوزيف فوتيل، في شهادة أمام مجلس الشيوخ إن "مكاسب المعارك الضروس يمكن تأمينها فقط من خلال الحفاظ على الوضع الهجومي اليقظ ضد تنظيم داعش المشتت والمنعزل بدرجة كبيرة، والذي يحتفظ بالقادة والمقاتلين والوسطاء والموارد".

وقد قال مسؤولون بريطانيون إنه من بين حوالي 900 مواطن بريطاني يُعتقد أنهم سافروا إلى منطقة الصراع في سوريا، على افتراض الانضمام إلى تنظيم داعش، مات حوالي 20% منهم، وعاد حوالي 40%، أما البقية فلا تزال هناك.

ويقول المحللون الغربيون إن ما يصل إلى 30 ألف مقاتل سابق في التنظيم لم يُقتلوا ولم يُأسروا، وأن كثيرين منهم لا يزالون في المنطقة إما مختبئين أو أنهم عادوا، حسبما يبدو، إلى ممارسة حياتهم المدنية. أما المسألة المهمة التي لم تجد إجابة حول أمن المنطقة، فتتعلق بما سيفعله هؤلاء إذا عاد التنظيم.

قال وزير الأمن البريطاني في إحاطة أمس إن مقاتلي التنظيم كانوا يواصلوا البحث عن ملاذات آمنة في ليبيا، والصومال، وأفريقيا جنوب الصحراء. وأضاف أن التنظيم كان "ينحدر انحداراً هائلاً لكنه لم يختفِ من الوجود".

تحميل المزيد