عائلة طبيب أمريكي مختفٍ في سوريا تناشد ترامب التدخل لإعادة والدها

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/21 الساعة 15:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/21 الساعة 21:25 بتوقيت غرينتش

لا تزال عائلة طبيب أمريكي مختفي في سوريا تجهل مصير والدها، الذي تقول بأنه اختفى قبل عامين خلال زيارته إلى دمشق، شأنه في ذلك شأن الكثير من الأمريكيين المحتجزين في الخارج، والذين وعد الرئيس دونالد ترامب بإعادتهم إلى بلادهم.

حسب صحيفة New York Times الأمريكية، تقيم عائلته في الولايات المتحدة، ولا تعرف شيئاً عن مكانه، أو من يعتقله، أو إن كان يتناول دواء السكر الذي يحتاجه أو حتى إن كان على قيد الحياة. إذ أنَّهم لم يتحدثوا إليه منذ أن أخبرهم أنَّه ذاهبٌ في رحلةٍ سريعة من لبنان إلى دمشق لزيارة بعض الأقارب في فبراير/شباط 2017، ولم يحمل معه في حقيبة سفره أكثر من بعض ملابس النوم.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن مجد كم الماز، الذي يبلغ من العمر الآن (61 عاماً)، كان قد وصل إلى دمشق منذ أقل من يومٍ عندما أوقفته نقطة تفتيش تابعة للنظام، وفقاً لسائق سيارة الأجرة الذي أقلّه حول العاصمة السورية. وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي وردت فيها عنه أي أخبار.

وعود ترامب بتحرير الأمريكيين المحتجزين خارج البلاد

وشأنهم شأن العائلات الغربية الأخرى التي تملك أقاربَ اعتُقلوا أو أُخِذوا رهائن خلال الحرب الأهلية الدموية التي طال أمدها في سوريا، اختارت عائلة كم الماز في البداية عدم التحدث علناً حول اختفائه، والضغط من أجل إطلاق سراحه.

نصح مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخارجية الأمريكية عائلة أمريكي مختفي في سوريا بعدم تصعيد القضية، لكنَّهما لم يحرزا سوى تقدم بسيط في مسألة العثور عليه، وباتت العائلة الآن ترغب في إثارة القضية، على أمل لفت انتباه الرئيس ترامب، وحضّه على المشاركة بنفوذه في الجهود الرامية إلى إطلاق سراح كم الماز.

وضع ترامب ضمن أولوياته الشخصية قضية تحرير الأمريكيين المحتجزين خارج البلاد، وساعدت إدارته في تأمين الإفراج عن العديد من المعتقلين والرهائن، وضمنهم آية حجازي، وهي عاملة إغاثة مصرية احتُجزت بالقاهرة؛ وجوشوا هولت، وهو مبشر مرموني احتُجز في فنزويلا؛ وأندرو برونسون، القس الأمريكي الذي قبع بالسجون التركية طوال عامين.

وفي مقابلةٍ، قالت مريم كم الماز، وهي واحدة من أولاد كم الماز الخمسة: "أليس رئيس الولايات المتحدة واحداً من أقوى الرجال في العالم؟ نحن نؤمن بأنَّه قادر على ذلك. ونأمل أن ينظر الرئيس ترامب في أصولنا، ليتحقق من أنَّنا أمريكيون، نحن مواطنون أمريكيون، ووالدي رجل أمريكي، ولا بد من إعادته إلى وطنه".

لكنَّ التفاوض بشأن إعادة أمريكي مختفي في سوريا يشكل تحديات كبيرة

إذ قطعت الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد اندلاع الحرب، التي أودت بحياة آلاف السوريين وشردت عدداً أكبر من اللاجئين.

وتتمثل القناة الوحيدة شبه الرسمية لأمريكا مع النظام السوري في مثل تلك المسائل بسفير الجمهورية التشيكية في دمشق، الذي يعمل وسيطاً دبلوماسياً بين البلدين. وتعاملت الولايات المتحدة أيضاً مع الرئيس بشار الأسد باعتباره منبوذاً على الصعيد العالمي، واتهمت حكومته بارتكاب فظائع، ودعته إلى التنحي.

أول من أبلغ عن قضية كم الماز كان صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.

وإلى جانب كم الماز، ثمة عددٌ قليل من الأمريكيين الآخرين المعتقلين في سوريا، مع أنَّ هوية واحد منهم فقط معروفة علناً، وأوستن تايس، الصحفي المستقل الذي اعتُقل في نقطة تفتيش خارج دمشق منذ عام 2012، والذي ناشد والداه أيضاً ترامب كي يتدخل لإطلاق سراحه.

وُلد كم الماز بسوريا، لكنَّه هاجر إلى الولايات المتحدة منذ أن كان في السادسة، في أوائل الستينيات، بعد أن حصل والده على وظيفة لدى شركة تصنيع طائرات بجنوب كاليفورنيا.

فهو كان يريد فقط مساعدة أبناء بلدته التي وُلد فيها

وفي أثناء رحلته إلى دمشق لزيارة عائلته، استوقفته نقطة تفتيش تابعة لنظام الأسد، الذي عزز سيطرته تدريجياً على بلدٍ شرذمته الحرب الأهلية التي دامت أكثر من 7 أعوام. لا تعرف عائلة كم الماز سبب اعتقاله. فقد قالت عائلته إنَّه لم تكن له انتماءات سياسية فيما يتعلق بالحرب.

مارس كم الماز أمريكي مختفي في سوريا الطب النفسي السريري في فرجينيا وتكساس سنواتٍ طويلة، وقد سافر حول العالم مشكلاً عيادةً للصحة النفسية من رجلٍ واحد، وقدم علاجاً مجانياً من الصدمات النفسية للناجين من إعصار كاترينا، والتسونامي الذي ضرب إندونيسيا عام 2004، والحرب في جمهورية كوسوفو.

وأتى إلى الشرق الأوسط، للضلوع في العمل نفسه من أجل اللاجئين من أبناء بلدته التي وُلد فيها، وهدفه هو رؤية ومعالجة السوريين من طرفي الصراع في عياداتٍ فتحها بلبنان المجاور.

قالت ابنته: "لقد كان ملتزماً مساعدة جميع الأشخاص، دون الاهتمام إلى أي جانبٍ ينتمون. كأنَّه قد سمع نداءً لمساعدة السوريين بكل ما يستطيع، لما لسوريا من مكانة عزيزة على قلبه". مع ذلك، قالت عائلته إنَّ كم الماز، الذي يقع منزله في دالاس، قد تربى بالولايات المتحدة، واعتبر نفسه مواطناً أمريكياً تماماً.

وأضافت ابنته: "كان دائماً ما يقول: نحن أمريكيون، ونحن مدينون بردّ العطاء لهذا المجتمع، ولأنَّكم أمريكيون فأنتم تحبون بلادكم وتفعلون ما في وسعكم من أجلها".

قرر كم الماز زيارة دمشق، لأنَّ والد زوجته ما يزال مقيماً هناك، وفقاً لما قالته عائلته. وباعتباره مواطناً يحمل الجنستين، قد اتصل بالنظام السوري مقدماً، للتأكد من أنَّه لم يكن مطلوباً وغير مدرَج في القائمة السوداء بسوريا لأي سبب كان، وجاء رد النظام بأنَّه مصرح له زيارة البلاد، ذلك بحسب ما قالته عائلته.

وكانت لديه أسباب أخرى تجعله لا يخشى الرحلة

ففي السنوات الأخيرة، مع تداعي حركات المعارضة، استؤنفت رحلاتٌ منتظمة بين لبنان وسوريا، واعتبرت دمشق آمنة لاستقبال الزيارات لبعض الوقت.

وبعد أن اختفى فترة قصيرة، أخبر النظام السوري السفير التشيكي في البداية، بأنَّ كم الماز أمريكي مختفي في سوريا محتجز لديه، ونقل السفير الخبر بدوره إلى عائلته. ثم ترددت إليهم أخبارٌ من الأقارب والأصدقاء في دمشق بأنَّه محتجز في قاعدة المزة العسكرية بالعاصمة السورية، حيث يلقى المساجين ألوان العذاب وينفذ عليهم حكم الإعدام.

ثم نفى النظام السوري للسفير التشيكي احتجازه أمريكي مختفي في سوريا . ومنذ ذلك الحين، لم يدلِ النظام بأي كلمةٍ أخرى.

في بعض الأحيان، تحصل العائلة على معلوماتٍ من الأصدقاء والعائلة بدمشق. وبقدر ما كانت المعلومات عديمة الجدوى، فقد كانت أكثر مما تحصل عليه من المسؤولين الأمريكيين، الذين لم يحرزوا أي تقدمٍ رغم معاملتهم الحسنة، بحسب العائلة.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية، الأحد 20 يناير/كانون الثاني 2019، إنَّ الحكومة كانت على اتصالٍ دائم بعائلة كم الماز، وامتنعت عن الإدلاء بمزيدٍ من التعليقات أكثر من ذلك. لكنَّ أصعب ما في الأمر عدم معرفة أي شيءٍ عن حالته، وفقاً لابنته التي قالت إنَّ والدها كان يحب قضاء الوقت مع أحفاده الـ13. وأردفت: "لم نسمع صوته ولم نر صورةً له. ولا نعرف كيف هو وضعه".

علامات:
تحميل المزيد