هل يتكرر سيناريو انقلاب عبود في السودان؟ الاحتجاجات تتواصل والبشير يُهدد باستدعاء الجيش

بينما تتواصل الاحتجاجات الشعبية، هدد الرئيس البشير باستدعاء الجيش حتى لا تسقط الدولة بيد العملاء؛ والبعض يتساءل: هل يتكرر سيناريو انقلاب عبود قبل 60 عاماً؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/09 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/09 الساعة 12:17 بتوقيت غرينتش
Sudanese President Omar Hassan al-Bashir gestures as he addresses the crowd during his visit ahead of the Darfur referendum, in Al-Fashir, North Darfur, Sudan April 1, 2016. REUTERS/Mohamed Nureldin Abdallah

في خطاب مُفاجئ وغير مسبوق لوّح الرئيس السوداني عمر البشير بتسليم السلطة لقوات الجيش السوداني أثناء حضوره حفلاً عسكرياً في مدينة عطبرة شمالي البلاد.

وحسب وكالة الأنباء السودانية (سونا)، فإن الرئيس السوداني حضر التمرين الختامي لمهرجان الرماية العسكري العام الـ(55) رفقة عدد من القيادات السياسية والعسكرية، وخاطبهم بهذه المناسبة مشيداً بالوضع الذي وصلت إليه القوات المسلحة السودانية من حيث التسليح والتدريب، ولم يخلُ خطابه من حديث عن الأوضاع الأمنية والمظاهرات التي تعم البلاد، حيث احتوى على تهديدات قوية لمن سمّاهم العملاء والخونة وضعاف النفوس الذين يسعون للتخريب.

وقال البشير في تصريح لافت إنه لا يمانع تسليم السلطة للجيش بدلاً من تسليمها لهؤلاء العملاء، وهو الأمر الذي أعاد للأذهان ما فعله الأميرالاي عبدالله خليل، رئيس وزراء السودان السابق، قبل نحو 60 عاماً، حينما سلَّم السلطة لوزير الدفاع الفريق إبراهيم عبود حتى لا ينجح الحزب الاتحادي الديمقراطي في ضم السودان إلى الجمهورية العربية المتحدة التي كانت تضم مصر وسوريا .

#شاهد | البشير: الجيش عندما يتحرك لاستلام السلطة فإنه سيتحرك لأجل الوطن وليس العملاء

Gepostet von ‎الجزيرة – السودان‎ am Dienstag, 8. Januar 2019

أعقب حديث البشير خطاب لرئيس الأركان السوداني الفريق أول كمال عبدالمعروف حسين الذي تحدث عن وحدة صف الجيش خلف القيادة من أجل الأمن والاستقرار والحفاظ على سلامة المواطنين، مؤكداً وعي الجيش بما سمّاه معاناة الوطن مما يتعرض له من مؤامرات تحاك ضده وتستهدف زعزعة أمنه واستقراره.

من جانب آخر خرج نائب الرئيس السوداني السابق علي عثمان محمد طه في لقاء على فضائية 24 المحلية معلناً وجود ما وصفه بالكتائب الاستراتيجية للنظام، وهي مستعدة لخدمة النظام بكل الأشكال من تسيير دولاب الدولة وحتى التضحية بالأرواح متى ما تم استدعاؤها، وقد لقيت هذه التصريحات استهجاناً واضحاً من قبل وسائل التواصل الاجتماعي.

من جانب آخر تستمر المظاهرات في مختلف أنحاء البلاد دون وجود أي أفق لحل سياسي يستجيب لمطالب المحتجين. وقد شهدت مدينة القضارف يوم الثلاثاء المظاهرة الأكبر منذ أسابيع بعد حالة من الهدوء النسبي عقب قرار الرئيس السوداني فرض حالة الطوارئ على المنطقة المجاورة لإثيوبيا، والمشهورة بإنتاجها الزراعي، خصوصاً محصول السمسم.

وقد دعا تجمع المهنيين، أكبر التنسيقات، لمظاهرة اليوم الأربعاء في أم درمان، وتقديم مذكرة للبرلمان السوداني تطالب بتنحي الرئيس البشير، بينما دعا الحزب الحاكم وحلفاؤه إلى ما سموه المظاهرة المليونية لسلام السودان في الساحة الخضراء بالخرطوم، والتي يتوقع أن يخاطبها الرئيس السوداني عمر البشير.

كما تداول نشطاء على وسائل التواصل ما زعموا أنه خطابات تسلمتها جهات حكومية لحشد الموظفين وتنظيم مظاهرات داعمة للرئيس البشير. بينما زعم نشطاء آخرون أن هناك خطة لحشد طلاب المدارس لهذه الفعالية.

وتواصل "عربي بوست" مع عدد من مديري المدارس الذين أنكروا تلقيهم أي أوامر بحشد الطلاب لهذه الفعالية، مؤكدين انشغال المدرسين والطلاب بالإعداد لامتحانات الشهادة (الأساسية) وامتحان الشهادة (الثانوية).

من جانب آخر تضرب حالة من الحيرة والانقسام حزب المؤتمر الشعبي (الإسلامي)، أحد أكبر شركاء الحزب الحاكم في عملية الحوار الوطني التي تمت منذ ثلاث أعوام، حيث لم ينضم الحزب إلى 23 حزباً من أحزاب الحوار الوطني التي أسست جبهة التغيير مقدمة مبادرة سياسية تتضمن تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتنحية الرئيس البشير، كما لم ينضم الحزب إلى تجمع الأحزاب التي أعلنت تأييدها للرئيس البشير والتي تنوي التظاهر في الساحة الخضراء.

وقد أفادت مصادر لـ"عربي بوست" بأن اجتماعاً استثنائياً تم في بداية الاحتجاجات حضره الأمين العام للحزب، الدكتور علي الحاج، وأن ذلك الاجتماع فشل في الخروج بموقف موحّد ضد أو مع الحراك الاجتماعي، وانتهى الأمر بترك المجال والحرية لأعضاء الحزب الشعبي بالمشاركة الفردية في الحراك إن أرادوا.

موقف إقليمي مؤيد للرئيس السوداني وموقف دولي باهت

اختار عدد من القوى الدولية الكبرى الصمت على تطورات ما يحدث في السودان في ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في البلاد قبل أن تكسر صمتها يوم أمس الثلاثاء عبر بيان موقّع من دول الترويكا (بريطانيا، أمريكا، والنرويج) بالإضافة إلى كندا، عبرت فيه عن تفاجئها من التقارير التي تتحدث عن حالات قتل وإصابات وسط المتظاهرين في السودان، وحثت الحكومة السودانية للتحقيق ومحاسبة الجناة، محذرة من عواقب تأثير هذه الأحداث على العلاقات بين هذه دول الأربع وبين الحكومة السودانية إن تمادت في القمع.

بينما أكدت مصر على لسان الرئيس السيسي دعمها لاستقرار السودان في مقابلة أجراها مع مساعد الرئيس السوداني الحسن الميرغني منذ أيام. وامتنعت وسائل الإعلام المصرية عن بث أخبار وتقارير عن تطورات الوضع في السودان رغم اهتمامها السابق بالشأن السوداني الذي وصل إلى حد التراشق اللفظي بينها وبين الإعلام السوداني قبل عام عندما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن حكومة السودان منحته حق إدارة جزيرة سواكن الاستراتيجية في البحر الأحمر بغرض تحويلها لمقصد سياحي.

أما السعودية وحليفتها الإمارات فاختارتا الصمت، لكن هناك أقوال تدعي بأن موقفهما الخفي هو دعم النظام في الخرطوم، إذ تحدث حساب "مجتهد" الشهير على موقع تويتر عن عزم الدولتين منح حكومة الخرطوم إمداداً نفطياً لمدة عام.

أما دولة قطر فقد أعلنت استعدادها لدعم السودان على لسان أميرها، حسب ما نقلت وكالة الأنباء السودانية عن تفاصيل مكالمة هاتفية بين الشيخ تميم بن حمد والرئيس السوداني عمر البشير.

بينما الحكومة التركية لم تعلن موقفاً واضحاً لدعم حكومة الخرطوم، فقد أوردت وكالة الأناضول التركية الرسمية تصريحاً لنائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي يدعم فيه ما يصفها بالحكومة الشرعية في الخرطوم عند لقائه بالسفير السوداني في أنقرة بالأسبوع الأول من الاحتجاجات.

أما دول الاتحاد الأوروبي فما تزال صامتة خوفاً من تفجّر الأوضاع في البلاد والتي تحظى بدعم أوروبي للتصدي للهجرة غير الشرعية.

وقد نُشرت دراسة للمركز العربي لدراسة السياسات (مقرّه الدوحة) يوم الثلاثاء تتحدث عن الموقف الدولي من احتجاجات السودان، وخلصت إلى أن النظام السوداني يحظى بدعم دولي غير فعّال، فالدول التي تدعمه لم تسانده اقتصادياً حتى الآن، وأن الكلمة الفصل في بقاء النظام السوداني أو رحيله هي بيد الجيش الذي ما زال متماسكاً خلف النظام، وهو القوة الوحيدة التي بإمكانها إرغام الرئيس على التخلي عن السلطة. كما أن الجيش هو الوحيد القادر على إدارة مرحلة ما بعد النظام  بصيغة توافقية تشمل حواراً وطنياً جديداً ودستوراً وانتخابات تمهّد لمرحلة تحول ديمقراطي، إلا أن الشروط (الموضوعية) للتدخل لم تتوافر بعد لضمان الوصول لهذه النتيجة.

تحميل المزيد