أعلن الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، أمام حشد ضم الآلاف من أنصاره، الأربعاء 9 يناير/كانون الثاني 2019، أنه سيبقى بالسلطة، في حين تجمَّع محتجون على بُعد بضعة كيلومترات، مطالبين إياه بالتنحي، بسبب الأزمة الاقتصادية.
وتحدى البشير معارضيه بأن يهزموه في صندوق الانتخابات، وألقى باللوم على قوى أجنبية -لم يسمها- في تأجيج الاحتجاجات شبه اليومية، المستمرة منذ أسابيع، بسبب نقص الخبز والعملة.
وقال البشير، الذي استهل خطابه وختمه بالرقص على موسيقى وطنية وهو يلوح بعصاه في الهواء: "إحنا بنأكّد تداول السلطة مرحب، لكن طريق واحد والقرار قرار الشعب السوداني، قراركم أنتم من خلال صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة".
تظاهرت ضده
وعبر نهر النيل في أم درمان، ردد مئات المتظاهرين هتاف "حرية حرية"، في حين أُغلقت عدة طرق رئيسة. وفي وقت سابق، وبالتوقيت نفسه تقريباً الذي كان البشير يتحدث فيه، استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع، لتفريق احتجاج قريب ضم أكثر من 200 شخص.
وقال محتج، يبلغ من العمر 43 عاماً، طلب عدم نشر اسمه: "نعاني لتوفير احتياجاتنا الأساسية اليومية.. سنواصل الاحتجاج حتى تسقط حكومة البشير".
وذكر شهود أن الشرطة طاردت المتظاهرين في الشوارع الجانبية التي أعادوا فيها تنظيم أنفسهم لاستئناف الاحتجاج. وأضاف الشهود أن المئات أغلقوا طريقاً رئيساً.
وأظهر مقطع فيديو، نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي وتحققت منه "رويترز"، مجموعة من المحتجين وهُم يحملون لافتات ويرددون هتاف: "الشعب يريد إسقاط النظام"، وهو الهتاف الذي اشتهر خلال احتجاجات الربيع العربي في 2011.
وبدأت الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الخبز ونقص العملة، يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، في مدينة عطبرة بشمال البلاد، وامتدت بعد ذلك وتحولت إلى احتجاجات ضد البشير.
وفاز البشير، وهو قائد سابق بالجيش أطاح الحكومة المنتخبة عام 1989، في انتخابات متعاقبة، وصفها معارضوه بأنها لم تكن حرة وغير نزيهة.
"الحرب والتمرد"
اعتلى البشير، الأربعاء 9 يناير/كانون الثاني 2019، مسرحاً مفتوحاً في الساحة الخضراء بالخرطوم، وأبلغ أنصاره أن أعداء أجانب يحاولون كسر السودان.
وقال خلال التجمع الذي نظمه حزبه الحاكم: "كان المسعى لكسر السودان، وكانت الحرب والتمرد، وحاربونا وغزونا وقصفونا، حتى جوا داخل الخرطوم، وحاصرونا اقتصادياً، حتى يركّعوا السودان، وعاوزين (يريدون) يذلونا بشوية قمح ودولارات وبترول، ونحن كرامتنا أغلى من الدولار".
وتقول السلطات السودانية إن 19 شخصاً على الأقل، بينهم اثنان من أفراد الأمن، قُتلوا بالاحتجاجات، في حين تقول منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش إن العدد مِثلَي هذا الرقم.
ويقول شهود إن أفراد الشرطة يستخدمون الذخيرة الحية وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وانزلق السودان إلى أزمة اقتصادية منذ أن استقل الجنوب بعد استفتاء في 2011، حاملاً معه جزءاً كبيراً من موارد البلاد النفطية.
وتفاقمت الأزمة منذ العام الماضي (2018، عندما شهدت البلاد بعض الاحتجاجات فترة قصيرة على نقص الخبز.
ورفعت الولايات المتحدة عقوبات تجارية، كانت مفروضة منذ 20 عاماً على السودان، في أكتوبر/تشرين الأول 2017، لكن الكثير من المستثمرين يتجنبون البلد الذي لا يزال مدرجاً على قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب. وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال بحق البشير لاتهامه بالإشراف على الإبادة الجماعية في دارفور، وهي تهمة ينفيها الرئيس السوداني.