شاركت نائبة مسلمة سُنّية بالبرلمان اللبناني في قداس السَّنة الجديدة بإحدى الكنائس المارونية الكاثوليكية. وتُعَدُّ هذه المشاركة نوعاً من المجاملات الشائعة بين الطوائف الدينية الـ18 في البلاد. وعندما كانت كاميرات التلفزيون تنقل الصورة من داخل الكنيسة، اقتربت النائبة من الكاهن وحصلت على مباركته، دون أن تشارك في طقس المناولة، حسبما نقلت وكالة Bloomberg الأميركية.
ملتزمون بعدم تحويل خلافاتنا إلى اختلافات..
قداس السلام في كنيسة مار الياس انطلياس. pic.twitter.com/tltHRQnsSo— Rola Tabsh رولا الطبش جارودي (@Rolatabshmp) January 1, 2019
وسرعان ما تحول هذا الحدث، الذي قُصِد منه إظهار التسامح، إلى اشتباكٍ شرس على الشبكات الاجتماعية، تُؤجِّجه الطائفية المتأصلة التي تعوق تقدُّم لبنان بعد 3 عقود من انتهاء الحرب الأهلية. فلا يزال لبنان بعد 8 أشهر من إجراء الانتخابات، بلا حكومة، ولديه مليارات الدولارات من المساعدات غير المستغَلة، في ظل ازدياد التوتر. وأدى تدهور الاقتصاد وتأخر تشكيل الحكومة، إلى إضراب بعض العمال الجمعة 4 يناير/كانون الثاني 2019.
وقد أشاد البعض بالنائبة رولا الطبش، العضوة بكتلة رئيس الوزراء المُكلَّف سعد الحريري، لمشاركتها في قداس "السلام والحب" الذي عُقِد بالأول من يناير/كانون الثاني 2019 في أنطلياس، وهي بلدة تقع شمال بيروت، في حين انتقدها آخرون، لخيانتها دينها.
#الطبش تشارك في قداس… وتؤكد التزام الشريعة الاسلامية بعد الحملةhttps://t.co/uwKlNWtgep
— OTV Lebanon (@OTVLebanon) January 3, 2019
وأعربت رولا في البداية عن دهشتها إزاء الانتقادات، قائلةً إنَّها ليست أول مسلمة تدخل الكنيسة، وإنَّ احترام شعائر الآخرين لا يلغي إيمانها بدينها. لكنَّ هذا لم يُسكِت معارضيها. لذا زارت لاحقاً دار الفتوى، وهي أعلى سلطة سُنّيّة بلبنان، وظهرت في الصور التي التُقِطَت لها وهي تصغي بإنصات، وشعرها الأشقر مُغطّىً بوشاحٍ أبيض، إلى شرح للمبادئ الإسلامية.
وقالت النائبة في بيانٍ، إنَّها أكَّدت التزامها الإسلام، واعتذرت طالبةً العفو من الله، وهو الأمر الذي أثار موجةً أخرى من الانتقادات من جانب أولئك الذين دعموا زيارتها الكنيسة.
فكتبت ديما صادق، مذيعة الأخبار ومقدمة أحد البرامج السياسية، على "تويتر": "هل تعتذرين لأنَّك دخلتِ أحد بيوت الله؟! ما زلتُ لا أصدق أنَّ في بلدي من يعتذر من الله علناً، لأنَّه دخل كنيسة!".
ويُشكِّل المسيحيون والسُنّة والشيعة، كلٌّ على حدة، نحو ثلث سكان لبنان، وينص اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، التي امتدت بين عامي 1975-1990، على تمثيل المسيحيين والمسلمين في الحكومة بنسب متساوية.
وقال سامي نادر، رئيس مركز المشرق للدراسات الاستراتيجية في بيروت: "تعوق الطائفية ظهور دولة مدنية، وتعرقل سير المؤسسات بشكلٍ سليم، وتعوق الحوكمة الرشيدة، والديمقراطية. ما دامت هناك طائفية في لبنان، فإنَّه لن يزدهر".