ترامب وعد بسحب قواته من سوريا خلال شهر، لكنه تراجع وجعلها 4 أشهر.. ما السبب وراء ذلك؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/03 الساعة 15:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/03 الساعة 17:05 بتوقيت غرينتش
ترامب يريد الإبقاء على وجود عسكري في العراق لمراقبة نظام الملالي/ رويترز

قالت عدة مصادر مُطَّلِعة لشبكة CNN الأميركية، إنَّ مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أخبروا الرئيس دونالد ترامب، أنَّ أمره بسحب القوات الأميركية من سوريا في غضون 30 يوماً من المستحيل تنفيذه على أرض الواقع، دون مخاطر كبيرة على القوات الأميركية، وإنَّ الجدول الزمني الجديد للانسحاب، الذي يستغرق 120 يوماً لا يُعبِّر إطلاقاً عن الواقع واللوجستيات والوضع على الأرض.

وعلى الرغم من هذه الحقيقة، ينظر مسؤولو إدارة ترامب إلى الجدول الزمني الجديد باعتباره تمهُّلاً ومثالاً على تعقُّل الرئيس، بعد سماع الاستجابة السلبية من البنتاغون وحلفائه، مثل السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية، ليندسي غراهام، بحسب سي إن إن.

وقال ترامب لقناة Fox News الأميركية، الإثنين 31 ديسمبر/كانون الأول: "أنا قلت: كما تعلم، لم أقل قط إنني سأُعجِّل".

وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية للصحافيين، إنَّ الرئيس يمنح الجيش الآن عدة أشهر للانسحاب، بينما صرَّح غراهام للصحافيين، يوم الأحد 30 ديسمبر/كانون الأول: "أعتقد أنَّنا نبطئ وتيرة إتمام الأمور بطريقة ذكية… أعتقد أنَّنا في وضع توقُّفٍ مؤقَّت نعيد فيه تقييم أفضل طريقة لتحقيق هدف الرئيس، المُتمثِّل في جعل الأطراف الأخرى تدفع أكثر وتنخرط أكثر".

120 يوماً الحد الأدنى

وبحسب الشبكة الأميركية، يُعَدُّ الجدول الزمني الذي مُدته 120 يوماً، ووصفته تقارير باعتباره تباطؤاً، ليس تباطؤاً على الإطلاق، بل هو الحد الأدنى للإطار الزمني، الذي يحتاجه الجيش لتنفيذ هذا الأمر المفاجئ والمُعجَّل بطريقةٍ آمنة ومُنظَّمة.

وقال مسؤولٌ في البنتاغون لشبكة CNN، إنَّ الجدول الزمني الذي مدته 120 يوماً هو محاولة الجيش "لإرضاء الرئيس وليس قتل الجميع". وأضاف: "إذا سألتني، ربما ينبغي لهم استغراق وقتٍ أطول".

وبحسب الشبكة الأميركية فإن الحقيقة الكامنة وراء هذا الجدول الزمني هي أحدث مثال على ترنُّح مسؤولي الإدارة الأميركية في قرارٍ يعتقدون أنَّه خطأ مُدمِّر مُحتَمَل، من شأنه إثارة استجابة أكثر سلبية مما توقَّعه الرئيس، من بينها استقالات من وزير دفاعه جيمس ماتيس، الجنرال المتقاعد الذي خدم في سلاح البحرية، الذي يحظى باحترامٍ واسع، وكذلك من المبعوث الأميركي الرئاسي الخاص لحملة التحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بريت ماكغورك.

وترى تلك المصادر، التي تتحدَّث فقط من وراء الكواليس لتجنُّب إثارة غضب الرئيس و/أو مزيد من الفوضى داخل الإدارة الأميركية، أنَّ قرار ترامب الأصلي كان اندفاعياً متهوِّراً. إذ قال الرئيس الأميركي فجأةً، في مكالمةٍ هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنَّ الولايات المتحدة ستنسحب من سوريا في أقرب وقتٍ ممكن، ثم رفض إعادة النظر في قراره عندما ضغط عليه مستشارون من أجل فعل ذلك.

وقالت المصادر إنَّ مسؤولي البنتاغون عادوا وأخبروه أنَّه من المستحيل الانسحاب في مدةٍ أقل من 120 يوماً. وافق الرئيس بعد ذلك على مدة الـ120 يوماً، لكنَّه غرَّدَ على موقع تويتر قائلاً إنَّ القوات الأميركية يجري إعادتها "ببطء" إلى الوطن.

ترامب رضخ لأردوغان

وقال مصدرٌ مُطَّلِع لشبكة CNN: "الفترة الأدنى المطلوبة لتنفيذ هذا القرار المتهوِّر يجري تصويرها الآن باعتبارها "متأنيةً ومدروسةً جيداً"، في حين أنَّها لا شيء من ذلك". وأضاف: "إنَّه استسلامٌ تام لتركيا، وتخلٍّ عن المقاتلين في سوريا، الذين يقاتلون داعش، ويحمون القوات الأميركية. لا يستطيع الجيش الأميركي الانسحاب بأمانٍ ببساطةٍ في مدة أقل من 120 يوماً".

ويصف مسؤولون في البنتاغون الجدول الزمني للانسحاب بأنَّه ينقسم بنسبة متساوية (50% : 50%) بين إجراءاتٍ لوجستية وأمنية. سيستغرق الانسحاب الفعلي من على الأرض لأعضاء الخدمات من البداية إلى النهاية حوالي شهر واحد فقط، لكن هناك حاجة إلى مزيدٍ من الوقت لنقل المعدات خارج ساحة القتال وتنسيق عمليات النقل الجوي.

وأشار أحد المصادر إلى الحجم الهائل من المعدات الحربية والذخائر التي تملكها الولايات المتحدة في سوريا، التي لا يمكن تركها في سوريا أو نقلها بسرعة.

وبالإضافة إلى الحقائق وراء قرار ترامب، يواصل مسؤولون عسكريون واستخباراتيون محاولاتهم لإقناع الرئيس بوجهة نظرهم، بأنَّ قرار الانسحاب ستكون له عواقب وخيمة، من بينها التسبُّب في عودة ظهور داعش.

وتساءل بعض المسؤولين عن السابقة التاريخية المماثلة للإعلان عن الانتصار، وإذا كان قد نجح انسحاب من هذا القبيل في أي وقتٍ مضى، بحسب الشبكة الأميركية.

وتتمثَّل إحدى النقاط البارزة، من بين نقاطٍ أخرى كثيرة، في أنَّ التحالف الدولي لهزيمة داعش سيجتمع في الأسابيع المقبلة في وزارة الخارجية الأميركية، باستضافة وزير الخارجية مايك بومبيو. سيواجه بومبيو بلا شك بعض الأسئلة الصعبة من ممثلي 73 دولة أخرى، وخمس كيانات مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، من ضمنها  شرح الكيفية التي اتَّخَذَت بها الولايات المتحدة مثل هذا القرار المثير المفاجئ، دون أيِّ مشاركةٍ جادة من الحلفاء، وضد تقييم وكالات الاستخبارات.

القرار قد يعيد داعش مرة أخرى

وليس هؤلاء الشركاء وحدهم من يشعرون بالقلق، بل إن مسؤولين في وزارة الأمن الداخلي الأميركية، ومسؤولاً رفيع المستوى في الإدارة الأميركية قالوا لشبكة CNN، إنَّهم قلقون للغاية من أنَّ قرار ترامب قد يفسح المجال لتنظيم داعش لإعادة تأسيس قواته مجدداً، ويخشون تأثير ذلك على المدى المتوسط ​​على الأمن الداخلي.

ويتشكَّك أيضاً مسؤولون في الإدارة الأميركية في عزم أردوغان والجيش التركي على هزيمة أي عنصر تبقَّى من داعش، أو قدرتهم على فعل ذلك. ويضيف المسؤولون أنَّ الهدف الحقيقي لأردوغان هو محاربة الأكراد، الذين كانوا يحاربون بالفعل داعش إلى جانب القوات الأميركية.

وقال المصدر، الذي على دراية بالمداولات، لشبكة CNN: "يقول ترامب إنَّ الولايات المتحدة جرى خداعها لفترةٍ طويلة، لكن في هذه الحالة تعرَّض ترامب للاستنزاف من جانب أردوغان. إذ وافق ترامب على الانخراط في برنامج ضد مصالح الولايات المتحدة، الذي لا يعتقد أيُّ مسؤول في جيشه أنَّه مُستحسَنٌ أو قابل للتنفيذ".

وأضاف المصدر: "هناك بعض الأشياء الغبية للغاية تجري، وإنَّه من الكذب القول إنَّ هناك خطةً من أيِّ نوع. لا توجد خطة".

علامات:
تحميل المزيد