السياح الآسيويون في مصر في مرمى الاعتداءات الإرهابية.. نسبتهم ارتفعت خلال 2018 ومخاوف من تراجعها

كان السياح الآسيويون في مصر من أهم الفئات التي لعبت دورا في إحياء قطاع السياحة خلال 2018 بعد أعوام من ركوده بسبب ثورة 25 يناير والانقلاب العسكري الذي تلاها

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/31 الساعة 13:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/31 الساعة 13:09 بتوقيت غرينتش
الأهرامات في مصر/ Istock

لجأ عدد كبير من الشركات السياحية المصرية إلى أسواق ناشئة في آسيا لتنشيط قطاع السياحة المتداعي منذ سنوات في مصر، ورغم أن هذه السياحة تسمى "السياحة الرخيصة"، إلا أنها أحدثت انتعاشاً سياحياً ملحوظاً.

لكنّ عاملين في قطاع السياحة، المتأثر بفعل الاضطرابات السياسية المستمرة منذ الإطاحة بنظم حسني مبارك قبل 8 سنوات، يخشون أن يتأثر نشاطهم بالتفجير الذي استهدف حافلة سياحية في 28 ديسمبر/كانون الأول قرب الأهرامات وأودى بحياة ثلاثة سائحين من فيتنام ومرشدهم المصري.

وقال مسؤول في وزارة السياحة المصرية، طلب عدم ذكر اسمه، إنّ "مسؤولي تلك الشركات أعدوا برامج رخيصة تشمل 5-6ليالٍ، بالإضافة إلى تذكرة الطيران، بمبالغ لا تتعدى 700 أو 800 دولار، لاجتذاب سياح من دول شرق أوروبا وآسيا".

وشدد المسؤول على أن هذه السياحة بالإضافة إلى السياحة الداخلية ساهمتا في الحفاظ على القطاع من الانهيار قائلاً: "على الأقل كانت تسد مصاريف التشغيل".

وقال صاحب شركة سياحية مصرية فضّل عدم ذكر اسمه لـ "عربي بوست" إنّه "مع تراجع أعداد السياح من دول غرب أوروبا، لجأت العديد من الشركات إلى الأسواق الكورية والصينية والهندية".

وتابع: "وبدرجات أقل أسواق آسيوية أخرى مثل تايلاند وفيتنام والفيليبين". وأشار إلى أن ذلك "أحدث زخماً في القطاع السياحي وملأ فراغاً رغم أن هذه السياحة تعد سياحة رخيصة".

وقال الحاج علي السمّان الذي يدير بازاراً في خان الخليلي لـ "عربي بوست" إنّ "السياحة الآسيوية في الفترة الأخيرة كانت هي الوحيدة التي يمكن رؤيتها في الحسين".

وتابع: "أغلبهم صينيون وقليلاً ما يشترون، لكنهم أحدثوا حركة في الشارع السياحي بشكل ملحوظ جداً".

ويرى الباحث الاقتصادي محمود كمال أن السوق الآسيوية "سوق مهم للغاية، لكننا لا نعمل عليه بشكل جيد".

وتابع أنها "تسمى السياحة الرخيصة؛ لأن مستوى الدخل بها منخفض مثل مصر تقريباً. كما أنهم سياح لا ينفقون كثيراً خلال مدة إقامتهم" التي يرى أنها تعد طويلة نسبياً.

السياح الآسيويون لا يصرفون أموالا كثيرة على التسوق / iStock
السياح الآسيويون لا يصرفون أموالا كثيرة على التسوق / iStock

جذب السياح الآسيويين

وحلت الصين في المركز السابع لأكثر الدول إيفاداً للسياح، مسجلة نحو 300 ألف سائح بنسبة ارتفاع قدرها 85.2% مقارنة بالعام 2016.

وبلغت نسبة السياح الآسيويين نحو 9.6% من إجمالي السياح الوافدين لمصر ارتفاعاً من 5% فقط في العام 2016.

وهو ما ذكر مسؤول حكومي أنه يعكس "العمل الكبير الذي قامت به هيئة تنشيط السياحة والشركات السياحية في هذه الأسواق".

وفي أبريل/نيسان الفائت، أوضح رئيس هيئة تنشيط السياحة  الجديد المهندس أحمد يوسف أن خطته "ستكون قائمة على منهجية خلطة سياحية صحية تعتمد على جذب السائح ذي الإنفاق المرتفع، مع التركيز على التوسع فى الأسواق الجديدة فى آسيا وإفريقيا، لكسر قاعدة التركيز على أسواق محددة".

وأشاد تقرير لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة صدر في سبتمبر/أيلول الماضي بتعافي قطاع السياحة في مصر.

وقال التقرير إن القطاع السياحي في مصر "انتعش بقوة مقارنة مع الأعوام السابقة، وإن السياح عادوا للتوافد إلى مصر من أوروبا الغربية، ودول الأسواق الناشئة في وسط وشرق أوروبا، بالإضافة إلى الشرق الأوسط وآسيا".

 وأضاف التقرير أن "الجهود الترويجية" التي تقود الهيئات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالسياحة في أسواق جديدة كالسوق الآسيوية، ساهمت بشكل كبير في تعافي هذا القطاع، بالإضافة إلى عودة الثقة في مصر كمقصد للسياحة في المنطقة.

2018 عام عودة السياحة

واستأنفت أغلب الدول الغربية والشرقية رحلاتها إلى مصر، وعلى رأسها روسيا، إذ استقبل مطار القاهرة الدولي، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، أفواجاً سياحية قادمة من الصين والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وبولندا، لزيارة المعالم السياحية والأثرية في القاهرة الكبرى والمحافظات المصرية.

وكان عام 2017 قد شهد تخطّي عدد السياح الوافدين إلى مصر حاجز 8.3 مليون سائح، بعائدات تقدَّر بنحو 7.6 مليار دولار، وفقاً للأرقام التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بزيادةٍ قدرها 44% مقارنة بعام 2016، حيث بلغ عدد السياح 5.3 مليون سائح فقط.

 إلا أنّ هذا العدد لا يزال أقل بكثير من العدد القياسي للسياح الذين زاروا مصر عام 2010 الذي تجاوز 14 مليون سائح بعائدات تجاوزت 12 مليار دولار.

وتسبب إسقاط الفرع المصري لتنظيم الدولة الإسلامية لطائرة ركاب روسية بعد دقائق من إقلاعها من مطار شرم الشيخ في مقتل 239 شخصاً كانوا على متنها في اليوم الأخيرة من أكتوبر/تشرين الأول 2015. وهو ما تبعه ركود قاتل في القطاع السياحي الذي يمثل عصب الاقتصاد المصري.

ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد السياح القادمين إلى مصر خلال عام 2018، إذ قالت وزيرة السياحة المصرية رانيا المشاط في تصريحات إن "الوزارة تلقت تعليمات بعدم الإفصاح والإعلان عن الأعداد الحقيقية باعتبارها أمناً قومياً".

لكن المشاط قالت إن أعداد السائحين الوافدين إلى مصر تزايدت بنسبة 40%، خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2018، مضيفة: "لم نصل لتلك المستويات التي شهدتها البلاد في 2010، لكننا نتوقع أن نقترب من ذلك بحلول نهاية 2018".وقالت مجموعة ترافكو للسياحة المصرية، لـ "رويترز"، إنها رفعت أسعارها بمصر بين 30 و35% بداية من الموسم الشتوي الحالي.

وقال الرئيس التنفيذي للمجموعة إن مستوى الحجوزات السياحية، خلال موسم الشتاء الحالي، لقضاء العطلات في مصر واعد، خاصة من ألمانيا وإيطاليا وبولندا وأوكرانيا.

مخاوف حقيقية

يخشى مصطفى عبدالرحمن من عودة الركود إلى قطاع السياحة في مصر بعد حادث تفجير الحافلة السياحية قرب الأهرامات.

يعمل عبدالرحمن البالغ 37 عاماً في أحد الفنادق بمنتجع شرم الشيخ الساحلي في جنوب سيناء منذ أكثر من 15 عاماً، ولكنه قلق من "تدهور السياحة مرة ثانية، مثلما حدث بعد حادث الطائرة الروسية في أكتوبر/تشرين الأول 2015".

وقال الشاب ذو الطول الفارع: "بدأنا نشعر بعودة الحياة مرة أخرى إلى فنادقنا في شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان، بعد سنوات من الغرف والمطاعم المغلقة".

وتابع: "الآسيويون ملأوا فراغاً كبيراً بعد انحسار السياحة الغربية، ونأمل ألا يؤدي الهجوم الأخير لهروبهم من مصر خشية حدوث مزيد من الهجمات".

أما سمير حسن، صاحب شركة السياحة في مدينة الأقصر جنوب مصر، فبرغم تعاقده مع عدد كبير من الأفواج السياحية من جنسيات مختلفة في الشهرين المقبلين، لكنه يخشى أيضاً من تأثير حادث أتوبيس الهرم على نشاطه.

يقول حسن البالغ 46 عاماً في اتصال هاتفي مع "عربي بوست" إنّ "جميع العاملين بقطاع السياحة لاحظوا عودة السياح بأعداد كبيرة، ولكن مع سماع خبر تفجير الأتوبيس السياحي، وضعت يدي على قلبي، خوفاً من أي إلغاء".

ويرى مالك شركة السياحة، أن "نوعية السائحين القادمين إلى مصر مؤخراً، أفضل كثيراً من مثيلتها التي كانت موجودة في السنوات القليلة الماضية".

وأوضح أن "سياح آسيا وشرق أوروبا الموجودين بكثرة خلال السنوات الماضية كانوا يكتفون بالبرنامج فقط، ونادراً ما كانوا يصرفون أموالاً".

وتابع: "لكن هذا العام بدأنا في استقبال سياحة نية، بمعنى أن السائح يدفع أموالاً لتشغيل الصناعة بكل محتوياتها من مطاعم وبازارات ووسائل مواصلات".

من جانبه، يأمل مسؤول في وزارة السياحة ألا يؤثر حادث الهرم على السياحة في مصر، قائلا إنّ "العملية الإرهابية الخسيسة أظهرت أن الإرهاب ينحسر، كما أن الإرهاب ضرب أكبر عواصم أوروبا ولم تتأثر".

علامات:
تحميل المزيد