نقلته سيارة سوداء ثم تخلص من أساور المراقبة ليهرب على متن طائرة خاصة.. المباحث الأميركية تحاول استعادة سعودي فرَّ من قبضتها

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/24 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/24 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
طالب سعودي متهم بقتل أميركية يفر إلى المملكة

يقول مسؤولون أميركيون إنَّهم يبذلون قصارى جهدهم لاستعادة شاب سعودي من المملكة إلى أميركا، بعد هروبه عن طريق ما يعتقد المحققون أنَّها وثيقة سفر مزورة على متن طائرة خاصة وبمساعدة قنصلية بلاده.

وبحسب صحيفة The Daily Mail البريطانية يتهم عبدالرحمن سمير نورا في جريمة قتل غير عمد لفالون سمارت (15 عاماً)، بعدما صدمها بسيارته من طراز لكزس ذهبية اللون حين انحرف عن طريقه على نحوٍ مُخالِف بهدف الالتفاف حول زحامٍ مروري، مُغفِلاً الفتاة التي كانت تعبر الشارع في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون في أغسطس/آب عام 2016.

اختفى قبل أسبوعين من مثوله أمام المحكمة

اختفى الشاب، الذي كان يرتاد كلية المجتمع بمدينة بورتلاند، في العاشر من يونيو/حزيران 2017 -قبل أسبوعين فقط من موعد مثوله أمام المحكمة- وأكَّدت الحكومة السعودية لضباط فيدراليين أميركيين في يوليو/أيلول الماضي، أنَّ نورا عاد إلى السعودية بعد سبعة أيام من اختفائه.

ولا تمتلك السعودية اتفاقية لتسليم المجرمين مع الولايات المتحدة.

وقال إريك والستروم، نائب رئيس الشرطة الفيدرالية في ولاية أوريغون لصحيفة Oregon Live: "نبذل كل ما بوسعنا لاستعادته". وأُطلِق سراح نورا في بورتلاند بأوريغون، بعدما دفعت القنصلية السعودية جزءاً من كفالته بقيمة 100 ألف دولار في 2016.

نقلته سيارة سوداء اللون ثم خلع سوار جهاز التعقب ليبدأ رحلة العودة إلى بلاده

وبحسب الصحيفة البريطانية فإنَّ المواطن السعودي، الذي كان يبلغ من العمر حينها 21 عاماً، حزم حقيبته وأقلّته سيارة خاصة سوداء اللون من طراز GMC Yukon XL أوصلته إلى فناءٍ به رمل وحصى، ثُمَّ خلع سوار جهاز التعقب الملفوف حول كاحله قبل أن يبدأ رحلته عائداً إلى بلاده. وكان نورا حصل على تصريحٍ من الضابطة المشرفة عليه بعد إطلاق سراحه، كاري كولبيرغ، للدراسة في جامعته بعد ظهيرة ذلك اليوم، لكنَّ السيارة لم تأخذه إلى هناك.

لكن على الرغم من وسيلة سفره الفاخرة إلى بلده والكفالة السخية التي دفعتها قنصليته له، لا يبدو أنَّ والدي نورا ذوي نفوذٍ.

فحسبما أفادت صحيفة Willamette Week المحلية، نقلاً عن تقرير صادر عن كاري، تعمل والدة نورا مُعلّمةً في رياض أطفال، ولدى والده نشاط تجاري في قطاع سيارات النقل.

وتدفع السعودية غالباً كفالات لمواطنيها المقبوض عليهم في الولايات المتحدة، بما في ذلك كفالة قيمتها مليونا دولار لزياد عابد، وهو طالب متهم بقتل مالك حانة في ولاية ميسوري في عام 2013، ودفعت السعودية بعدها في نفس العام كفالة قيمتها 5 ملايين دولار لأميرة سعودية متهمة بالاتجار بالبشر.

فالون سمارت (15 عاماً) صدمتها سيارة من طراز لكزس ذهبية اللون

لم تعلم كاري باختفائه إلا عندما عادت من رحلةٍ في عطلة نهاية الأسبوع، حيث لم يكن لديها تغطية لشبكة الهاتف المحمول أثناء الرحلة، وبعد التواصل مع مُدَّعي مقاطعة مالتنوما شون أوفرستريت، كان هناك تخوف من أن يكون نورا انتحر.

استخدموا كلاباً ذات حاسة شم قوية للبحث في متنزهٍ قريب وفي المكان الذي عُثِر فيه على جهاز التعقُّب الذي خلعه عن كاحله. ثُمَّ عزَّزت لقطات المراقبة للسيارة التي يُعتَقَد أنَّه فرَّ داخلها رواية هروبه طبقاً لسجل نظام تحديد المواقع "GPS".

وعثرت الشرطة على حقيبة معبأة بالملابس، وهاتف محمول، وحاسب آلي في منزله. وليس واضحاً السبب الذي جعله يترك هذه الأشياء.

ولم يظهر اسمه في أي رحلة طيران في أنحاء الولايات المتحدة أو كندا، ما دفع المحققين إلى الاعتقاد بأنَّ السعودية منحته وثيقة سفر باسمٍ مختلف لعبور الحدود.

رفضت القنصلية السعودية في لوس أنجلوس وواشنطن التعليق على تقرير صحيفة Oregon Live بشأن نورا.

ارتفعت كفالة نورا من 280 ألف دولار إلى مليون دولار نظراً لمخاطر هروبه. لكن هذا لم يمنعه من التملص من القانون، إذ دفعت القنصلية السعودية 100 ألف دولار من قيمة الكفالة فقط، أي دفعت الحد الأدنى اللازم للإفراج عنه وهو 10% من قيمة الكفالة.

الحكومة السعودية قد لا تدفع المبلغ المتبقي من الكفالة

وبما أنَّ القنصلية منحت نورا المال مباشرةً، فإنَّ هذا يعني أنَّ الحكومة السعودية غير مسؤولة عن المبلغ المتبقي من الكفالة. لكنَّ السلطات لم تعثر على الشخص المذكور للحصول على المال منه.ووفقاً للسجلات، استعانت الدولة بمحقِّقين خاصين للتعامل مع قضيته قبل اختفائه.

وكان قد اضطرَّ لتسليم جواز سفره حين دفع المبلغ يوم 11 سبتمبر/أيلول 2016، وظلَّ رهن الإقامة الجبرية بمنزل مُضيفته في الولايات المتحدة تيري ستانفورد، بينما أكمل دراساته في منحةٍ دراسيةٍ.

وقد قدَّمت السفارة السعودية دعماً مالياً لنورا في صورة دفعاتٍ شهريةٍ تبلغ حوالي 1800 دولار.

ووصفته مُضيفته، التي استضافت كثيراً من الطلبة الأجانب في بيتها، بأنَّه "أحد أطيب الأولاد الذين قابلتُهم في حياتي".

وقالت إنَّها قبل عامين كانت قلقةً بشأن "استقرار حالته النفسية" و"صحته المتدهورة"، إذ كان امتنع عن الأكل والاختلاط بالناس قبل موعد مثوله أمام المحكمة.

وكتبت في خطابٍ لمحاميه: "إنَّه يعاني بشدَّةٍ من الندم وآثار صدمته".

وقالت تيري ستانفورد كذلك إنَّ نورا بدأ تناول دواءٍ وصفه له الطبيب واحتُجِزَ في المستشفى في أكثر من مناسبةٍ. وزعمت في النهاية أنَّه "عاجزٌ عن ممارسة حياته"، وكانت تعتقد أنَّه "من المحال أن ينجو من السجن".

جاء هذا بعد وفاة جدَّته، ومرض والدته، وتراكم الضغوط مع اقتراب موعد اختباراته الدراسية قبل أسبوعٍ من تاريخ بدء المحاكمة.

ورفض اثنان من محاميه التحدث لصحيفة Orgeon Live.

واتَّفق المُدَّعي أوفرستريت معها في أنَّ نورا لم "يكن بحالةٍ جيدةٍ" آنذاك.

كان نورا يقود سيارته بسرعة تتراوح بين 80 إلى 100 كم/ساعة حينما لقيت سمارت حتفها.

وتشعر أسرة سمارت بغضبٍ عارمٍ من فراره بعد التماسات الأسرة لحرمانه من الحصول على إخلاء سبيل بكفالة.

فكتب عمُّها على موقع فيسبوك العام الماضي: "بناءً على الحقائق السابقة والوقائع الغريبة، يبدو لي أنَّ هناك أطرافاً خفيةً تعمل لخدمة هذا الرجل. لستُ أوجِّه اتهامات، وإنما ببساطةٍ أوضِّح الحقائق وما قد يخطر ببال المرء بناءً على تلك الحقائق".

وفي عام 2012، دفعت الحكومة السعودية كفالة المشتبه به في الاغتصاب من الدرجة الأولى في ولاية أوريغون، علي حسين الحمود، والذي كان متَّهماً كذلك بجرائم جنسيةٍ أخرى. وفي اليوم ذاته، عاد إلى بلاده على متن الطائرة.

وفي عام 2015، دفعت المملكة السعودية 100 ألف دولارٍ لأجل رجلٍ متَّهَمٍ بالاغتصاب في ولاية يوتا. وعُثِرَ في ما بعد على الرجل، منصور الشمري، وهو يحاول الفرار عبر الحدود الأميركية المكسيكية.

تحميل المزيد