على خُطى السادات.. محمد بن سلمان يريد عقد قمة «حاسمة» مع نتنياهو وينوي مصافحته على طريقة «كامب ديفيد»

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/14 الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/14 الساعة 15:14 بتوقيت غرينتش

قال موقع Middle East Eye البريطاني عن مصادر، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "يفكر بجدية" في عقد قمة "حاسمة" شبيهة بقمة كامب ديفيد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وباستضافة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وبحسب ما قالت مصادر مطلعة في المملكة للموقع البريطاني، طلب ولي العهد السعودي، وهو الحاكم الفعلي للمملكة، من خلية الطوارئ التي شكّلها للتعامل مع تداعيات مقتل الصحافي جمال خاشقجي أن تدرس الفكرة.

وتتضمن الخطة تقديم ولي العهد السعودي، المتهم بتورطه في مقتل الخاشقجي، على أنه صانع سلام عربي رائد، على خُطى الزعيم المصري السابق أنور السادات.

صافح السادات رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في عام 1978 في لقاء استضافه الرئيس الأميركي حينها، جيمي كارتر، في منتجع كامب ديفيد الرئاسي.

كانت نتيجة اللقاء هي أن مصر أصبحت أول دولة عربية تعترف بإسرائيل، كما وقّعت الدولتان على اتفاقية سلام بينهما. ثم اُغتيل السادات في عام 1981.

يريد صنع صورة جديدة له أمام الكونغرس

ويعتقد محمد بن سلمان أن فرصة التقاط الصورة وحدها ستكون قوية بما يكفي للتأثير على الكونغرس الأميركي الجديد الذي سينعقد لأول مرة في يناير/كانون الثاني القادم والذي يتوقع أن يكون أكثر عداءً تجاه ولي العهد السعودي.

وأقر مجلس الشيوخ الأميركي، الخميس 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، مشروع قانون يُحمِّل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مسؤولية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وذلك في تصويت تاريخي يعكس غضب المشرّعين من جريمة مقتل الصحافي السعودي والكاتب في صحيفة الواشنطن بوست الأميركية.

وقدَّم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور بوب كوركر، مشروع قرار لمجلس الشيوخ الأميركي، يحمل ولي العهد السعودي مسؤولية قتل خاشقجي. وذكر كوركر أن مشروع القانون -الذي أسهم فيه 8 جمهوريين آخرين- يشدد على محاسبة المتورطين في جريمة تصفية خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول بداية أكتوبر/تشرين الأول 2018.

في حين لا يزال من الضروري إقرار مشروع القانون في مجلس النواب، وتوقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عليه قبل أن يصبح نافذاً.

محمد بن سلمان أحبَّ الفكرة وتحمّس لها

إلى ذلك، قال المصدر السعودي بصدد اللقاء المقترح بين محمد بن سلمان ونتنياهو إن " محمد بن سلمان طلب من خلية الأزمة أن تدرس هذا الاقتراح ولمّح إلى أنه أحب الفكرة.

خلية الأزمة اتفقت على أنه بدون القيام بخطوة مذهلة، ثمة خطرٌ حقيقي لإصدار سلسلة قرارات من الكونغرس ستؤدي بشكل جوهري إلى تدهور العلاقات السعودية-الأميركية، وهي العلاقات البالغة الأهمية بالنسبة لولي العهد".

ويضيف الموقع البريطاني أن الحلقة الضيقة المحيطة بولي العهد تدركُ تماماً الضرر الذي أصاب صورة محمد بن سلمان في واشنطن بسبب التقارير السلبية اليومية تقريباً حوله والتي تتصدر وسائل الإعلام الأميركي.

وأضاف المصدر أن كل أعضاء خلية الأزمة متفقون على أن "السخط بسبب مقتل الخاشقجي ليس فقاعة إعلامية سوف تتلاشى ببساطة، ويخشى هؤلاء الأعضاء أن الشعور بالغضب والإحساس بالخديعة يتناميان بين الجمهوريين في كابيتول هيل، الذين دعموا بن سلمان على أساس أنه مُصلح".

وكانت نيكي هالي، السفيرة الأميركية السابقة إلى الأمم المتحدة، تمردت أيضاً على موقف البيت الأبيض من قضية الخاشقجي، إذ قالت هالي الأربعاء الماضي إن محمد بن سلمان كان "مسؤولاً" عن قتل خاشقجي. وأضافت هالي، التي من المتوقع أن تتخلى عن منصبها بحلول نهاية هذا العام، وأنه يجب أن تحاسَب الحكومة السعودية على ما فعلته.

وقالت هالي لقناة NBC الإخبارية: "الحكومة السعودية كانت المسؤولة ومحمد بن سلمان هو رئيس الحكومة، لذا فكلهم مسؤولون ويجب أن يُحاسبوا، حكومةً وأفراداً".

وبحسب الموقع البريطاني، انقسمت خلية الأزمة السعودية، التي تتضمن مسؤولين في الاستخبارات والجيش والإعلام ومكتب الشؤون الخارجية ومستشارين سياسيين، بشأن مصافحة نتنياهو. وقال المصدر إن "البعض عبَّر عن قلقه تجاه عواقب مثل هذه الخطوة على العالمَين العربي والإسلامي".

الموقف الرسمي الحالي لجامعة الدول العربية يؤيد مبادرة السلام العربية التي أعلن عنها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 2002، والتي تعرض الاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات بينها وبين الدول العربية، ولكن فقط بعد الوصول إلى اتفاق سلامٍ بين إسرائيل وفلسطين.

البعض الآخر في خلية الأزمة كان أكثر حماسةً. فقال المصدر: "هؤلاء يعتقدون أن الربيع العربي منقسمٌ على ذاته، وأن الأوضاع تحت السيطرة"، مشيراً إلى القوى السياسية المرتبطة بحراك الربيع العربي، ستعترض بشدة على تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.

سيتم استخدام المرجعيات الدينية لتبرير الخطوة

ولاحظت خلية الأزمة غيابَ أي رد فعلٍ حقيقي في الشارع العربي تجاه الزيارات الأخيرة التي قام بها نتنياهو ووزراء الحكومة الإسرائيلية لعُمان، والإمارات، والبحرين وقطر، وكلها دول خليجية.

كما اعتقدت الخلية أيضاً أن بإمكانها السيطرة على رد الفعل داخل المملكة عبر استخدام "المرجعيات الدينية لتبرير الخطوة"، حسب ما قال المصدر الذي أضاف: " محمد بن سلمان متحمس للفكرة، إنه آتٍ من جيلٍ جديد ولا يشعر بثقل التاريخ على كاهله. لقد أظهر بشكل متكرر إنه لا يمتلك تعاطفاً خاصاً مع القضية الفلسطينية".

كان المقترح النهائي لخلية الأزمة أن يتم منحها المزيد من الوقت لتحضير الرأي العام، لكن المصدر قال إن معظم أعضاء الخلية كانوا مؤيدين للفكرة.

ثمة كلامٌ في واشنطن عن قمةٍ كهذه 

وأكد محللٌ كبير في واشنطن كان خبيراً في سياسات الشرق الأوسط أثناء إدارة أوباما أنه سمع عن اقتراح عقد قمة "هامة" بين محمد بن سلمان ونتنياهو. وقال المحلل إن محمد بن سلمان يتعرض لانتقادات غير مسبوقة في الكونغرس من كلا الحزبين، وحدد عدة سيناريوهات متاحة أمام ولي العهد السعودي لنزع فتيل الأزمة. تضمنت هذه السيناريوهات وقفَ الحرب في اليمن بغرض تخفيف غضب الكونغرس، وقمة تمثل اختراقاً مع ترامب ونتنياهو، وأضاف المحلل أنه ثمة كلامٌ عن قمةٍ كهذه بالفعل.

وقال المصدر إن فكرة القمة مع الزعيم الإسرائيلي مطروحةٌ منذ فترة، فقد دعا الإسرائيليون وغاريد كوشنر، صهر ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، إلى عقد هذه القمة قبل أن تنفجر أزمة مقتل الخاشقجي.

وأضاف المصدر أن "الغرض من صفقة القرن هو تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، لكن لم يكن هناك حديثٌ عن يومٍ أو تاريخٍ محدد"، مشيراً إلى خطة السلام التي طرحها ترامب وأيدتها السعودية بشأن فلسطين.

بعد أن احتلت جريمة قتل خاشقجي عناوين الصحف العالمية، طلبت المملكة العربية السعودية من نتنياهو شن عملية ضد حماس في قطاع غزة كجزء من خطتها لتوجيه انتباه واشنطن إلى الدور الذي تلعبه الرياض في تعزيز المصالح الاستراتيجية لإسرائيل، بحسب ما ذكره موقع MEE البريطاني سابقاً.

وشُنت حملة عسكرية على الحدود مع غزة؛ ومع ذلك، سارت الأمور في اتجاه خاطئ، حينما تم كشف عملية المراقبة السرية. ولقي سبعة فلسطينيين وأحد كبار الضباط الإسرائيليين من القوات الخاصة مصرعهم في تبادل إطلاق النار اللاحق.

وذكر المصدر: "لدى إسرائيل حساباتها الخاصة ومصالحها القومية. وحتى حينما شرعوا في الاعتداء، جعلتهم حركة حماس يدفعون الثمن باهظاً".

لكن نتنياهو عرض على المملكة مساعدتها في واشنطن. وقال المصدر: "أرسلوا رسائل مختلفة إلى السلطات السعودية بأنهم سيقدمون المساعدة في واشنطن ويتحدثون مع ترامب. جماعات الضغط والنفوذ التابعة لهم في واشنطن تقف في صفكم بكل حزم وهي تنوي تغيير الحالة المزاجية في واشنطن".

تزايدت عروض إسرائيل لمساعدة المملكة خلال الأسبوعين الماضيين بعد التقرير الذي قدمته مديرة المخابرات المركزية الأميركية هاسبل إلى كبار أعضاء مجلس الشيوخ. وفي أعقاب الاجتماع، وصف السيناتور الجمهوري ليندساي غراهام ولي العهد بعبارة "كرة مدمرة مجنونة وخطيرة". وحينذاك طلب محمد بن سلمان من خلية الأزمة دراسة فكرة عقد القمة مع نتنياهو.

صفقة القرن يتم تنفيذها بالفعل

تتسارع الاستعدادات لنشر صفقة القرن التي وضعها ترامب أيضاً. وعلم موقع MEE أن جيسون غرينبلات، مستشار ترامب بشأن إسرائيل، وفريقه يصيغون حالياً النسخة النهائية من الوثيقة، التي تحدد خارطة طريق للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين وتمثل تطبيعاً بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، بغض النظر عن النتيجة النهائية.

واستنكر الزعماء الفلسطينيون بشدة النقاط الرئيسية المسربة للخطة، والتي تتمثل في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتقديم أبو ديس باعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية في المستقبل والتخلي عن حق اللاجئين في العودة والحد من أعداد اللاجئين المسجلين إلى حد كبير.

ونقل الموقع عن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في يونيو/حزيران قوله، إن "صفقة القرن ليست مجرد صفقة، بل اتفاقٌ يتم تنفيذه بالفعل على أرض الواقع".

وقال عريقات: "لو كانت هناك خطة، فإنه جارٍ تنفيذها بالفعل، حيث تم نقل السفارة الأميركية إلى  القدس المحتلة وسُحب دعم لحل الدولتين وخُفِّضت المساعدات المقدمة إلى منظمة الأونروا، وأخيراً تتم محاولة تطبيع التمييز العنصري الإسرائيلي في فلسطين".

وذكر أحد كبار مسؤولي حركة فتح، اشترط عدم ذكر اسمه بسبب حساسية العلاقات بين السلطة الفلسطينية والمملكة العربية السعودية، أن الملك سلمان أكد للرئيس محمود عباس ومبعوثيه خلال العديد من المناسبات، أنه "لن يكون هناك أي تطبيع قبل انتهاء الاحتلال، وأن المملكة لن تقبل بشيء لا يقبله الفلسطينيون أنفسهم مطلقاً".

ولكن الشك يحيط بالحالة الصحية للملك سلمان البالغ من العمر 82 عاماً وبمدى إحكام قبضته على السلطة.

وذكر المسؤول الكبير في "فتح"، "نعتقد أننا والملك على يقين من عدم انعقاد أي لقاء لمسؤول سعودي مع نتنياهو قبل إنهاء الاحتلال؛ وفي حالة حدوث ذلك، سيكون الأمر غريباً وغير مقبول لدينا".

وختم بالقول: "نعتقد أن إسرائيل تحاول تعزيز علاقاتها مع العرب، ولكن في حالة حدوث ذلك، سيكون على حساب القضية الفلسطينية، نظراً لأن إسرائيل لن تُنهي احتلالها مطلقاً. وندعو كافة العرب إلى إغلاق أبوابهم بوجهها لحين انتهاء الاحتلال الإسرائيلي".

تحميل المزيد