بعد ساعات من إعلان تركيا بدء عملية عسكرية شمال سوريا.. واشنطن ترد غاضبة

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/13 الساعة 05:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/13 الساعة 09:56 بتوقيت غرينتش

قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الأربعاء، إن أي عمل عسكري من جانب واحد في شمال سوريا محل قلق بالغ و "غير مقبول"، وذلك بعد أن أعلنت تركيا أنها ستبدأ عملية عسكرية جديدة في المنطقة خلال أيام لاستهداف مقاتلين أكراد.

وقال الكوماندر شون روبرتسون المتحدث باسم البنتاغون في بيان: "القيام بعمل عسكري من جانب واحد في شمال شرق سوريا، خاصة في ظل احتمال وجود أفراد من الجيش الأميركي هناك أو في محيط المنطقة، محل قلق بالغ. أي أفعال من هذا النوع غير مقبولة بالنسبة لنا".

يقول روبرتسون أن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن تركيا الحدودي، لكن المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية لم تنتهِ وقوات سوريا الديمقراطية تظل "شريكاً ملتزماً" في التصدي للتنظيم المتشدد.

وعلى حسابه في تويتر قال الرئيس التركي إن بلاده مصممة على أن تكون منطقة شرق الفرات آمنة وصالحة للعيش ومن ثم تسليمها لأصحابها الحقيقيين. وقال في تغريدة يبدو أنها ردّا على تصريحات الأميركيين: لم يعد هناك خطر لداعش وندرك أن هذه الذرائع مجرد تكتيكات وذرائع.

وبهذا التصعيد بين الطرفين يمكننا القول أن التوتر بين تركيا وأميركا عاد من جديد بعد أن كانت العلاقة بينهما شهدت دفئاً بدأ بإفراج أنقرة عن القس أندرو برونسون بعد عامين من احتجازه بتهمة التعاون مع فتح الله غولن وحزب العمال الكردستاني.

لكن روبرتسون يقول بأن بلاده ملتزمة بالعمل الوثيق مع تركيا، ومعنية بأعمال مجموعة العمل رفيعة المستوى حول سوريا، بين البلدين؛ من أجل تحقيق التنسيق، والتعاون، والتشاور بينهما.

وشدد على أن الحل الوحيد لكافة المخاوف الأمنية بالمنطقة، هو التنسيق، والتشاور المتبادل بين تركيا والولايات المتحدة.

وأوضح روبرتسون أنه من الممكن الإبقاء على استمرار الأمن بالمناطق الحدودية، مضيفاً أن "العمليات العسكرية غير المنسقة ستقوض المصالح المشتركة".

ولفت إلى أن تركيا حليف مهم للغاية منذ عشرات السنين داخل حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وشريك محوري للغاية في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي.

واستطرد في ذات السياق قائلاً: "نحن مسؤولون عن أمن بعضنا البعض، كما أننا ملتزمون بأمن الحدود التركية".

وأشار روبرتسون إلى استمرار الحرب ضد داعش، وأن "قوات التحالف تعمل عن كثب مع قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر جزءاً من الحرب ضد داعش في وادي نهر الفرات الأوسط".

متحدث البنتاغون أضاف قائلاً: "لم ولن نسمح على الإطلاق لتنظيم داعش بتنفس الصعداء في تلك المنطقة، وإلا فإننا سنخاطر بالمكاسب التي حققناها مع شركائنا في التحالف الدولي، ونسمح بخطر ظهور التنظيم مجدداً".

أردوغان يتوعد بحملة عسكرية قريباً

والأربعاء أعلن أردوغان، عزم بلاده إطلاق حملة عسكرية في غضون أيام لتخليص منطقة شرق الفرات في سوريا مما وصفها بـ "منظمة بي كا كا الإرهابية الانفصالية".

وأضاف في كلمة يبدو أنه متحدياً لأميركا التي نصت: "ترون اليوم حدودنا الجنوبية شمالي سوريا. إنهم يسعون لإنشاء ممر إرهابي هناك. وعندما نقول إن (هؤلاء إرهابيون) يقول حلفاؤنا الاستراتيجيون وفي مقدمتهم أميركا إن (هؤلاء ليسوا إرهابيين)".

وتابع أردوغان: "هؤلاء هم الأفرع الجانبية لمنظمة (بي كا كا) وجميع الأدلة واضحة في هذا الإطار، لماذا لا تتحركون معنا وتفضلون التحرك معهم؟".

وفيما يتعلق بالتطورات في منطقة منبج السورية، أكّد أردوغان عدم التوصل إلى نتيجة ما في المنطقة حتى الوقت الراهن.

وأشار في هذا الصدد إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعهد بتطهير المنطقة كاملة خلال 30 يوماً، مستطرداً: "سنرى.. نتمنى أن يطهروها".

تقول صحيفة The Guardian البريطانية إن تركيا تفعل كل ما يتوجَّب فعله لحماية أمنها، لكنها لم تحاول حتى الآن عبور النهر الذي يوجد على ضفته الشرقية 2000 فردٍ من القوات الأميركية. وعلى الجانب الآخر، قال متحدثٌ باسم وزارة الدفاع الأميركية يوم أمس إن أية خطوةٍ كهذه ستكون "غير مقبولة".

وكانت وحدات حماية الشعب الكُردية هي هدف عملية غصن الزيتون في فبراير/شباط الماضي، إذ جرى إخلاء بلدة عفرين الحدودية من الأكراد والقوات العربية المحاربة بالوكالة والمرتكِزَة في المنطقة لتأدية دور الحُماة.

ومع جلاء داعش من معظم المناطق الشمالية الشرقية، حوَّلت السياسة الأميركية في سوريا تركيزها نحو أهدافٍ أخرى، أولها منع إيران من استغلال أي فراغٍ في السلطة في ركنٍ ذي أهميةٍ إستراتيجيةٍ من أركان المنطقة.

وقد نشب خلافٌ بين واشنطن وأنقرة طوال فترة الشراكة الأميركية مع الأكراد، وقد كرَّر أردوغان تهديده بإرسال قواته لمواجهة حليفته في الناتو.

ومما فاقم توتر العلاقات الثنائية هو المساندة الراسخة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوليِّ العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تتهمه الحكومة التركية بقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.

وبحث الرئيس الأميركي في الآونة الأخيرة عن سُبُلٍ لاسترضاء نظيره التركي، بينما يوحي ادِّعاء أردوغان يوم أمس أنَّ تركيا لا تعتبر القوات الأميركية في روج آفا معادية بأنهما ربَّما توصَّلا إلى حل وسط.

وفي الشهر الماضي، نوفمبر/تشرين الثاني، رصدت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة لمن يساعد في القبض على ثلاثة من كبار قادة حزب العمال الكردستاني، على الرغم من الشراكة الأميركية مع الحزب في سوريا. واعتُبِرت هذه الخطوة بادرةً أميركية نحو تركيا، التي لطالما اعتبرت الحزب جماعةً إرهابيةً.

ودعا أردوغان الولايات المتحدة يوم أمس إلى عدم السماح للخلافات العميقة حول سياستَيهما في سوريا بأن تعوق طريق التعاون المستقبلي بين الدولتين.

تحميل المزيد