تمويل حزب مسيحي لبناني واللجوء لمحمود عباس.. طُرق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمواجهة «حزب الله» وإيران

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/12 الساعة 12:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/12 الساعة 12:24 بتوقيت غرينتش
محمد بن سلمان يحاول دعم حزب لبناني لمواجهة حزب الله/ رويترز

قال الباحث في جامعة جورج تاون باول بيلر ،إن سجل وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بوصفه حاكماً فعلياً للمملكة العربية السعودية تضمَّن سلسلةً من الأفعال التي أدَّت إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، منها شنه حرباً جوية في اليمن حوَّلته إلى منطقة كارثة إنسانية، فضلاً عن أعمال انتقامية خارج الحدود ضد منتقدين محليين (وأبرزها قتل جمال خاشقجي في قنصليةٍ في تركيا) و محاولة إثارة أزمة حكومية في لبنان من خلال اعتقال رئيس وزرائه وإجباره على تقديم استقالة قصيرة الأجل.

جاء ذلك في مقالة تحت عنوان "محمد بن سلمان يحاول إذكاء الحرب اللبنانية من جديد" للباحث في جامعة جورج تاون، باول بيلر في موقع Lobelog  الأميركي،  ذكر فيها أن هناك محاولة أخرى لمحمد بن سلمان لزعزعة استقرار لبنان، وهي محاولة، في حال نجاحها، لن تنطوي على أقل من إعادة للحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975 واستمرت حتى نهاية الثمانينيات، ناسباً ذلك للصحافي اللبناني الأميركي هشام ملحم، الذي تحدث عن ذلك في تقرير له.

ولي العهد يحاول تسليح حزب مسيحي لبناني

وحسبما قال موقع Lobelog ، رصداً لما قاله الصحافي اللبناني الأميركي هشام ملحم، قال الباحث في جامعة جورج تاون، بول بيلار إن محمد بن سلمان حاول جذب الاهتمام في كلٍّ من واشنطن وبيروت، لمُخطَّط يهدف إلى تسليح حزب القوات اللبنانية، وهو حزب سياسي لبناني بأغلبية مسيحية، والذي رغم اسمه ومشاركته خلال الحرب الأهلية كميليشيا، نَبَذَ العنف ولم يعد لديه جناحٌ عسكري.

والغرض من هذا التسليح هو تحويل الحزب إلى خصمٍ فتاك لحزب الله. لكن محمد بن سلمان فشل في الحصول على دعمٍ لمشروعه، لكن ذلك لم يمنعه من بذل جهد موازٍ لإثارة اهتمام الزعيم الفلسطيني محمود عباس بتسليح الفلسطينيين في لبنان لخوض حرب ضد حزب الله، ولكن عباس رفض الاقتراح بأدب.

تأثير الأطراف الخارجية على الداخل اللبناني

وكانت للحرب الأهلية اللبنانية تداعياتٌ سلبية كبيرة خارج حدود لبنان، بما في ذلك على المصالح الأميركية. ولا يحتاج العالم، والمنطقة، والولايات المتحدة إلى استئنافها. وكانت للجهات الخارجية تأثيرات كبيرة على الحرب، والتي كان بعضها إيجابياً. إذ اضطلعت المملكة السعودية، التي كان يحكمها الملك فهد آنذاك، بدورٍ رئيسي في التوسُّط في اتفاق تقاسم السلطة، الذي وُقِّعَ في مدينة الطائف السعودية، وأنهى معظم عمليات القتال في لبنان.

وقال بول بيلار إن تأثير بعض الجهات الخارجية الأخرى الفاعلة كان سلبياً في الغالب. إذ دفع استيلاء إسرائيل على جميع الأراضي الفلسطينية في حرب الأيام الستة عام 1967 القيادة وتنظيمات المقاومة الفلسطينية إلى شد الرحال إلى لبنان. وقد ساهم هذا في الإخلال بالتوازن الهش بالفعل بين العناصر السياسية اللبنانية الداخلية. بدأت الحرب الأهلية بهجوم ميليشيا مسيحية على الفلسطينيين، ومن ثم تدخَّل السوريون بعد الهجوم.

وفي عام 1978، شنَّت إسرائيل أول سلسلة من الهجمات في لبنان. وبلغ الهجوم الإسرائيلي ذروته عام 1982 في بيروت الغربية، حيث وفَّرَت القوات الإسرائيلية غطاءً للمذبحة التي طالت الفلسطينيين والشيعة اللبنانيين في مخيمات اللاجئين في صبرا وشاتيلا. وكان عجز العناصر اللبنانية التي كانت قائمة في السابق عن مقاومة الإسرائيليين عاملاً رئيسياً في ولادة حزب الله بمساعدة إيران، وفي النمو السريع للدعم المحلي للحزب.

دخلت الولايات المتحدة، إلى جانب فرنسا وإيطاليا، هذه الفوضى في أواخر عام 1982 كقوةٍ لحفظ السلام. وخلال تلك الفترة التعيسة لوجود قوة حفظ السلام، دمَّرَ انتحاريو الشاحنات المُفخَّخة السفارة الأميركية وقتلوا 241 من مشاة البحرية الأميركية في ثكناتهم.

ثلاثة استنتاجات من محاولات تدخل محمد بن سلمان في اليمن

وحسب مقالة الباحث في جامعة جورج تاون، بول بيلار في موقع Lobelog الأميركي، فإن محاولة تدخل محمد بن سلمان لإثارة هذه الحرب مرةً أخرى في لبنان، تؤدي إلى ثلاثة استنتاجات. أولها هو أنه طالما ظلَّ محمد بن سلمان هو من يتخذ القرارات في الرياض، سيظل النظام الذي يديره يُشكِّل قوةً رئيسية مُزعزِعة للاستقرار في الشرق الأوسط، على الأقل مثل أي فرد أو حكومة أخرى في وضع يُمكِّن من التأثير على الأحداث هناك.

ثانياً، خطأ هوس إدارة ترمب بإيران (وهو هوس مُتطرِّف ستطال آثاره الضارة ما هو أبعد من الشرق الأوسط بكثير)، إلى جانب إلقاء مسؤولية كل البؤس في المنطقة على عاتق إيران وإصرارها على المضي قُدُماً مع أيِّ جهة متحمسة لمجابهة إيران، لا سيما النظام السعودي.

ولا يزال اعتماد حملة الإدارة الأميركية عن العداء البالغ لإيران على الشعارات والعبارات الرنَّانة حول السلوك "المُزعزِع للاستقرار" أو "الخبيث" لإيران أكبر بكثير من أيِّ اهتمامٍ بالغ بحاجة إلى أن تُوليه إلى من يعمل في المنطقة وماذا يعمل (تخيَّل مدى ارتفاع صراخ إدارة ترامب إذا كانت إيران تفعل أيَّ شيءٍ شبيه بما يفعله النظام السعودي في مناطق مثل لبنان أو إسطنبول أو اليمن).

الاستنتاج الثالث يتعلَّق بكيفية وقوع أول مشكلتين معاً. لقد ارتكب محمد بن سلمان بعض الأخطاء الفادحة التي لا تعمل على تقدم أهداف نظامه، لكنه ذكي بما فيه الكفاية لاستغلال الهوس المسيطر في واشنطن. ربما يكون قد فشل حتى الآن في إسكات المنتقدين المحليين، أو في إخضاع الحوثيين في اليمن، أو في إحياء الحرب الأهلية اللبنانية، لكنه يستطيع فعل أشياء أخرى من شأنها أن تجرّ الولايات المتحدة إلى مواجهةٍ مُسلَّحة مع منافس السعودية الإقليمي في الخليج.

ويقول بول بيلار: "في هذا الصدد، ضع في الاعتبار أحدث هجوم إرهابي قاتل وقع في إيران، وهو انفجار سيارة مُفخَّخة الأسبوع الماضي، في مدينة تشابهار الساحلية جنوب شرقيّ البلاد"، حيث أكد مسؤولون إيرانيون تورط السعودية.

وصحيح أنهم لم يُقدِّموا أيَّ دليل، ولكن مثل هذا التورُّط سيكون متسِقاً بالكامل مع مؤشراتٍ أخرى لإثارة النظام السعودي لهذا النوع من المتاعب بالضبط.

وقد تحدَّث محمد بن سلمان نفسه عن نقل معركته إلى "داخل إيران"، وتشير أدلةٌ أخرى إلى التحريض السعودي للعناصر المعادية للشيعة والمعادية لإيران، بين قومية البلوش التي تقطن المنطقة الحدودية الواقعة بين إيران وباكستان. ولدى محمد بن سلمان صديقٌ حميم، وهو مستشار الأمن القومي الأميركي الحالي، جون بولتون، الذي دعا علناً أيضاً إلى مساعدة الأقليات غير الفارسية داخل إيران.

تحميل المزيد