خرج مغضوباً عليه وعاد محبوباً.. سر عودة الأمين العام السابق للحزب الحاكم بالجزائر، ودوره في «الرئاسيات» القادمة

تبين الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام أن المئات من مناضلي الحزب كانوا بانتظار الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، واستقبلوه بالعناق وقُبلات على الرأس

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/07 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/07 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
عبد العزيز بلخادم

جمع غفير من مناضلي الحزب الحاكم في الجزائر، يصطفون بالباب الرئيسي لمقر الحزب الذي شهد في الآونة الأخيرة هزات عنيفة بعد سلسلة التغييرات التي ضربت قياداته، وكل الإعلاميين يترقبون نوع الهزة هذه المرة والتي يبدو أنها الأعنف.

الساعة تشير إلى تمام الرابعة من عصر 4 ديسمبر/كانون الأول 2018، مكالمات هاتفية مكثفة في المحيط الخارجي، وقاعة مهيأة بالكامل داخل المقر لتنظيم ندوة صحافية عاجلة. دقائق بعد ذلك، يصل موكب من 6 سيارات تقل الأمين العام السابق للحزب الحاكم عبد العزيز بلخادم، والذي يعود إلى مقر جبهة التحرير الوطني بعد 5 سنوات من مغادرته مطروداً.

عاد بسيارة رئاسية مصفحة وحرس شخصي

تبين الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام المحلية، أن المئات من مناضلي الحزب كانوا بانتظار الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، والذين استقبلوه بالعناق والأحضان وقُبلات على الرأس.

بلخادم وصل مقر حزبه على متن سيارة ألمانية سوداء فخمة، ودخل المقر وسط حراسة شخصية ومشددة، ما طرح الكثير من التساؤلات بشأن هذه العودة القوية.

الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي جمال الدين بن فوغال، اعتبر عودة بلخادم في سيارة رئاسية ومصفحة، وبحرس شخصي مكثف، تدل على أن هذه الشخصية لم تغب يوماً عن المشهد السياسي الجزائري كما يبدو للبعض.

وقال بن فوغال في تصريح لـ "عربي بوست" إن عودة بلخادم كانت بعد ترتيبات دقيقة، وإملاءات من السلطة، ولعل طريقة وصوله إلى مقر الحزب واستقباله من قبل المناضلين لخير دليل على أن لهذه الشخصية دوراً ما.

تطهير الحزب من الدخلاء

المنسق الوطني للحزب الحاكم معاذ بوشارب، رفقة العائد إلى أحضان جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بوتفليقة، سارعا إلى تنشيط ندوة صحافية، كان فيها التصريح الأبرز "هو تطهير الحزب من الدخلاء".

وقال معاذ بوشارب إن جبهة التحرير الوطني "أمام فرصة ذهبية لإعادة شمل أبنائها، بداية من المناضل عبد العزيز بلخادم، وقيادات الحزب ستحاول إزاحة العوائق التي كانت تعرقل السير الجيد للجبهة في السنوات القليلة الماضية".

وطمأن المتحدث "جميع المناضلين" بأن جلسات الحوار واستدعاءات الحزب ستشمل جميع القيادات الناشطة حالياً، أو تلك التي غابت عن المشهد لا عن الحزب.

وقال العائد إلى الحزب العتيد عبد العزيز بلخادم عن تطهير الحزب من الدخلاء: "عندما نهبط إلى الخطاب البذيء يجب تطهير الحزب"، ورفض المتحدث الخوض في التفاصيل.

في حين جدد الحزب الحاكم دعمه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ورفض الحديث عن الولاية الخامسة، ونية بلخادم الترشح إلى رئاسيات 2019.

#الشروق_نيوز| #مباشر| 🔴تشاهدون الآن مؤتمر صحفي مشترك لرئيس الهيئة المسيرة للأفلان معاذ بوشارب وعبدالعزيز بلخادم

Gepostet von Echorouk News TV am Dienstag, 4. Dezember 2018

مهمته ترميم الحزب بعد تفككه

الناشط والمحلل السياسي حكيم مفتوح، يرى أن عودة عبد العزيز بلخادم في هذا التوقيت بالذات، ناتجة عن الوضع الذي آل إليه الحزب، والانشقاقات التي باتت تشهدها مختلف المحافظات بالولايات الكبرى.

وأضاف في تصريح لـ "عربي بوست" أن المهمة الأساسية لعبد العزيز بلخادم هي ترميم الحزب من التصدعات التي ضربته مؤخراً، خاصة مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، والتي أدت إلى تفجر الوضع في عدد من ولايات الوطن.

وأوضح أن السلطة في البلاد تراهن على الحزب، كونه هو السلطة بحد ذاته في إنجاح برامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والمشاكل التي يتخبط فيها الحزب أصبحت تعرقل تلك الأهداف.

وتوقع المتحدث نجاح بلخادم في مهمته لأنه "مدعوم من السلطة بكل الإمكانيات، زيادة على كونه محنكاً وخبيراً في هذا الشأن، واستدعاؤه في هذا الوقت دليل على الثقة الكبيرة للسلطة في هذه الشخصية.  

القيادي في حزب حركة مجتمع السلم المعارض نعمان لعور أوضح لـ "عربي بوست" أن دعوة بلخادم خطوة لإعادة الحزب إلى مكانته، وتركه في دائرة يصعب منافستها، على حد تفكير الحزب.

وأشار لعور إلى أن مثل هذه الخطوات مألوفة في الحزب "ففي كل مرة تحدث مشاكل بداخله، تتم الاستقالات والإبعاد عن الحزب، ثم تدور الأيام ويتم استدعاء هؤلاء إلى مهام أخرى كلها تصب في خدمة السلطة طبعاً".

مهمته "الرئاسيات"

استدعاء عبد العزيز بلخادم في هذا التوقيت بالذات في نظر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي جمال الدين بن فوغال، جاء لتأمين منصب الرئيس للحزب الحاكم في الجزائر، بحكم تجربته وحنكته السياسية.

وقال جمال الدين في تصريح لـ "عربي بوست" إن حزب الأفلان (جبهة التحرير الوطني) في الجزائر بات متخوفاً من ضياع منصب رئيس الجمهورية، في ظل الوضع الصحي الصعب للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وتراجع الحديث عن ولاية خامسة.

ومهمة بلخادم الراهنة بحسب فوغال هي "إعادة ترتيب بيت الحزب، والخروج بمرشح ذي وزن يمكنه أن يضمن كرسي قصر المرادية العام المقبل 2019، مع وضع الترتيبات الإدارية والاستمالة الشعبية لذلك".

القيادي في حركة مجتمع السلم نعمان لعور يذهب في نفس الاتجاه، "عودة بلخادم إلى الحزب جاءت من أجل الرئاسيات المقبلة، لأن السلطة والحزب سواء بدأوا يفقدون الأمل في ترشح بوتفليقة للعهدة الخامسة".

وأردف لعور: "لا يمكن لحزب جبهة التحرير الوطني، أن يستسلم بسهولة في حربه نحو كرسي الرئاسة، وسيعمل بقيادة هذا الخبير المستدعى، على تسخير كل السبل والوسائل من أجل ضمان كرسي المرادية (قصر الرئاسة)".

فحزب جبهة التحرير الوطني في نظر لعور، لم يعد حزباً سياسياً بقدر ما هو جهاز في يد السلطة، تضمن لنفسها ما تشاء، أكان من خلال قبة البرلمان وسن القوانين، أو من خلال الانتخابات الرئاسية التي هي على الأبواب. 

أدواره مألوفة

يرى الإعلامي والناشط السياسي علي ذراع، بأن المسيرة السياسية لعبد العزيز بلخادم مليئة بالأدوار التي كانت تملى له من قبل السلطة، حتى خلال فترة حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد.

ولا أحد ينسى كما يؤكد ذراع لـ "عربي بوست" الخطوة التي قام بها الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، بعد قراره في 4 يناير/كانون الثاني 1992، بحل البرلمان و "بقاء عبد العزيز بلخادم في دور المتفرج".

البرلمان حينها كان بسيطرة مطلقة من قبل حزب جبهة التحرير الوطني، وكان يرأسه المعاد مؤخراً إلى الجبهة عبد العزيز بلخادم، وصمته وعدم تكلمه قط عن حل البرلمان وقتها كان يعكس الدور الذي كان يلعبه.

وكانت مذكرات الرئيس الراحل للجزائر الشاذلي بن جديد، قد تطرقت إلى فترة حل البرلمان عام 1992، واعتبرت ذلك تحصيل حاصل لواقع البلاد وحفاظاً على الدماء، مع اقتراب ترك الرئيس لمنصبه حينها.

وعلل الرئيس الشاذلي بن جديد حله للبرلمان في 4 يناير/كانون الثاني 199، بالقول "إنه لم يكن يريد تقديم السلطة لرئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز بلخادم، لأن قيادة الجيش لم تكن تثق في الرجل".

خرج مغضوباً عليه وعاد محبوباً

في 31 يناير/كانون الثاني 2013، أعلن رسمياً عن رحيل عبد العزيز بلخادم عن الأمانة العامة للحزب الحاكم في الجزائر، بعد اجتماع اللجنة المركزية التي صوتت على سحب الثقة بفارق 4 أصوات.

واعترف حينها عبد العزيز بلخادم وقال في تصريحات بعيد إعلان النتائج "انتصرت لأن حزبي انتصر، وأخرج مرفوع الرأس وأتمنى أن يقوم من يخلفني بعمل افضل".

لكن الأمور تطورت بعدها لما تأكد الجميع أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو ما كان وراء كل تلك التطورات، إذ وفي 26 أغسطس/آب 2014، قرر الرئيس إنهاء مهام عبد العزيز بلخادم الذي كان يشغل مهام وزير للدولة ومستشار للرئيس.

صدور مرسوم إنهاء مهام بلخادم في الرئاسة

Gepostet von ‎El khabar – الخبر‎ am Donnerstag, 11. September 2014

وبعدها يخرج الأمين لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني الذي عوض بلخادم في منصبه، يخرج عن صمته ويقصف سلفه في المنصب ويصفه بمناضل فرنسا والعابث بجبهة التحرير.

ودعا حينها الإعلام بالذهاب والتحري عن الصفة الحقيقية لعائلته "إن كانت تجاهد ضمن صفوف جيش التحرير ضد فرنسا أو كانت مع السلطات الاستعمارية".

ويتساءل المحلل السياسي جمال الدين بن فوغال لـ "عربي بوست" كيف لهذين الرجلين اليوم اللقاء في حضن واحد والعمل لأجل مصلحة حزب واحد ووطن واحد؟.

بشروط

يرى الناشط والمحلل السياسي حكيم مفتوح، أن عودة بلخادم لم تكن سلسة بالطريقة التي يظنها البعض؛ لأن "هذا المناضل سيسعى إلى استرداد مكانته وبريقه في الحزب وكذا في الحكومة".

ولا يستبعد أن يكون بلخادم قد قدم رزمة من الشروط، ولمَ لا ضمان حقيبة وزارية بعد الرئاسيات المقبلة، كشرط للعودة والجهاد في سبيل أهداف الحزب من جهة والسلطة من جهة ثانية، كما قال لـ "عربي بوست".

ويذهب المحلل السياسي جمال الدين بن فوغال إلى أبعد من ذلك بالقول: "ربما بلخادم سيكون مرشح الأفلان إلى رئاسيات 2019 في حال اكتفى بوتفليقة بالولاية الرابعة، وقد يكون شرطاً للعودة".

علامات:
تحميل المزيد