سهلة التنظيف وصديقة للبيئة وعمرها أطول.. مصر تودِّع نقودها الورقية قريباً وتستبدلها بـ«البلاستيكية»

هناك عدد من الأسباب الأخرى التي تدفع الدول لاستخدام النقود البلاستيكية. ومن أهم هذه الميزات سهولة التنظيف؛ لأنها أكثر مقاومة للأوساخ والرطوبة

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/06 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/06 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
رجل يحمل أموال مصرية

شهد التبادل التجاري والسلعي تطوراً ملحوظاً عبر مراحل التاريخ، فبدأ بالمقايضة، ثم بعد ذلك نشأت فكرة النقود في أشكالٍ بسيطة، ثم تطوَّرت إلى نقودٍ معدنية مثل البرونزية، والذهبية، والفضية. ظهرت فيما بعد النقود الورقية بمثابة سندات تُغني عن حَمل المعدنية، وسعياً وراء تأمينها والحد من التزييف، ظهر جيل جديد من أوراق النقد؛ هي البلاستيكية المصنوعة من البوليمر.

وتبعاً لهذا التطور، يعتزم البنك المركزي المصري إصدار نقود بلاستيكية في عام 2020 وفقاً لتصريح طارق عامر، محافظ البنك المركزي، لوكالة أنباء الشرق الأوسط. كما أوضح أن الانطلاق سيكون من فئة 10 جنيهات، وستطبع النقود الجديدة في المطبعة الموجودة في العاصمة الإدارية الجديدة.

لكن ما العملات البلاستيكية بالأساس؟ وما الدول التي تستخدمها؟ وما السبب وراء تحوُّل الدول لهذه العملات؟ للتعرف على إجابات هذه الأسئلة، اقرأ هذا التقرير.

ثلاثية الأبعاد ومصنوعة من البوليمر

الأوراق النقدية البلاستيكية هي أوراق نقدية مصنوعة من أحد البوليمرات -مشتقات البلاستيك- وتحديداً "البولي بروبلين".

البوليمر ينقسم إلى نوعين هما مركب عضوي أو غير عضوي طبيعي، أو اصطناعي، وتعتمد خصائص البوليمرات على كيفية ارتباط جزيئاتها، فمنها المرن الذي يمكن ثنيه مثل المطاط، ومنها الصلب ويشبه الزجاج.

والأوراق النقدية المصنوعة من البوليمر لها هيكل ثلاثي الأبعاد، على عكس النقود الورقية التي تتكون من هيكل ثنائي الأبعاد فقط. فعلى سبيل المثال ورقة فئة 20 دولاراً الكندية يظهر رقم 20 بارزاً، وكذلك كتفَا الملكة إليزابيث، بالإضافة إلى نَص: BANK OF CANADA.

بدأت في أستراليا لمكافحة تزييف العملات

في أواخر عام 1966، بعد حادث تزييف ورقة 10 دولارات في أستراليا، والذي عُرف في الصحافة آنذاك باسم "Times Bakery"، شُكلّت فرقة داخل الشرطة الفيدرالية الأسترالية لجمع المعلومات حول عملية التزييف، واتجه البنك المركزي لتنظيم شراكة مع هيئة البحوث الأسترالية "CSIRO" لتطوير التكنولوجيا الخاصة بالأوراق النقدية.

استمرّ التطوير خلال السبعينات والثمانينات، وأدى إلى اتخاذ قرار بتطوير ركيزة البوليمر -المادة الخام المستخدمة – مع متغير بصري "DOVD"، أي متغير الطّيف بحسب زاوية الرؤية بمثابة ميزة أمنية. وفي عام 1985، قرر البنك المركزي الأسترالي "RBA" تطبيق التكنولوجيا الجديدة في ورقة تذكارية بقيمة 10 دولارات.

وكانت بمثابة مساهمة من البنك المركزي في الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية الأسترالية في يناير/كانون الثاني 1988 للاحتفال بوصول الأسطول الأول للسفن البريطانية إلى سيدني في عام 1788. وأصبحت هذه العملة التذكارية أول ورقة نقدية من البوليمر.

أقل خطراً على البيئة، ولكنّ تكلفة طباعتها أعلى

بالإضافة إلى السماح بتضمين ميزات أكثر أمناً مما يقلِّل من فرص تزويرها، فهناك عدد من الأسباب الأخرى التي تدفع الدول لاستخدام الأموال النقدية المصنوعة من البوليمر. ومن أهم هذه الميزات سهولة التنظيف؛ لأنها أكثر مقاومة للأوساخ والرطوبة، فتبقى نظيفة لفترة أطول.

كما أن استخدام الأوراق المالية المصنوعة من البوليمر يجعلها أكثر متانة فعُمرها الافتراضي ضعفين ونصف عُمر  النقود الورقية، كما أن نِفاياتها صالحة لعملية إعادة التدوير لاستخدامها في صناعات أخرى.

عملات كندية / istock
عملات كندية / istock

في إنكلترا، بتتبُّع آثار الكربون في أوراق البوليمر النقدية، وجد أن البصمة الكربونية لأوراق بوليمر النقدية فئة 5 جنيهات إسترلينية أقل بنسبة 16% من فئة 5 جنيهات ورقية، كما أن البصمة الكربونية لأوراق نقدية بوليمر 10 جنيهات إسترلينية أقل بنسبة 8٪ من 10 جنيهات إسترلينية.

والبصمة الكربونية تعني هنا إجمالي الغازات الدفينة الناتجة عن الأوراق النقدية بما في ذلك إنتاجها واستخدامها في التداول والتخلص النهائي، وهذا يعني أن استخدام الأوراق النقدية المصنوعة من البوليمر أقل خطراً على البيئة من مثيلتها المصنوعة من الورق.

أستراليا.. أولى الدول التي استخدمت هذه العملات

في عام 1996، تأسست شركة "Securency International Pty Ltd" مَشروع مشترك مع البنك المركزي في أستراليا و"Innovia Films" للتسويق التكنولوجي من أجل تصنيع النقود البوليمرية الجديدة. وبحلول عام 2009، كانت الشركة تصدر إنتاجها من هياكل البوليمر الصالحة لتصنيع النقود إلى 25 دولة.

من بين هذه الدول أستراليا، وإنكلترا، وكندا، وبروناي، وبابوا غينيا الجديدة، ونيوزيلندا، ورومانيا، وفيتنام.

بدأت إنكلترا استخدام البوليمر لصنع الأوراق النقدية في عام 2016، فكانت البداية مع ورقة من فئة 5 جنيهات إسترلينية، وتلتها فئة 10 جنيهات إسترلينية، وتضع إنكلترا في خطتها طرح فئات 20 و 50 جنيهاً في عام 2020.

واتجت كندا لإصدار نقود البوليمر في عام 2011 لتقليل التزوير، وبدأت بفئة 100 دولار في نوفمبر/تشرين الثاني، وتبعتها في مارس/آذار التالي بفئة 50 دولاراً، ثم أصدرت فئات 5 و10 و20 دولاراً في عام 2013.

مصر تريد تخفيض تكاليف الإنتاج فهل النقود الجديدة أقل تكلفة؟

بحسب تصريح مسؤول في البنك المركزي المصري، فإنّ الهدف الأساسي لطباعة النقود الجديدة هو تخفيض تكلفة إنتاج طباعة النقود، بالإضافة إلى الحفاظ على جودة ونظافة النقود مع كثرة استخدامها في الأسواق، كما أن نسبة تأمينها ضد التزييف أعلى من النقود الورقية، وذلك حسبما جاء في موقع مصراوي.

ولكن وفقاً لصحيفة الجارديان، فتكلفة إنتاج الأوراق النقدية المصنوعة من البوليمر أعلى تكلفة من نظيرتها الورقية، ومن الممكن ألا تتوافق مع بعض أجهزة الصراف الآلي، فتحتاج تلك الماكينات إلى تحديث برمجي لقبول مواصفات وحجم العملات البلاستيكية، ومنع ميزات الأمان من التسبب في التشويش ورفض العملات الجديدة.

عمر افتراضي أطول وأكثر نظافة.. لكن ماذا عن إمكانية تزويرها؟

بعد عملية تصنيع أفلام البوليمر، يتم تحويلها إلى قوالب أوراق نقدية عن طريق إعداد سطحها للطباعة، ودمج الميزات الأمنية في هيكل البوليمر.

ومن أهم مظاهر التكنولوجيا الرائدة في تلك النقود الجديدة تقنية اللاتيتيود Latitude، وفيه يستخدم طلاء فضة مطبوع على هيئة هيكل مضيء، وتقنية Aurora التي تتلاعب بالأصباغ بطريقة تحول الألوان تحولات جذرية يسهل رؤيتها، وهو ما يجعل عملية تزويرها صعبة للغاية.

علامات:
تحميل المزيد