عام مشتعل ينتظر الشرق الأوسط.. تعرف على مصير قضية خاشقجي وثأر إيران والصراع المنتظر بين القوى العظمى بالمنطقة

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/03 الساعة 14:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/03 الساعة 14:42 بتوقيت غرينتش
A woman takes part in a protest, opposing the visit of Saudi Arabia's Crown Prince Mohammed bin Salman in Tunis, Tunisia, November 27, 2018. REUTERS/Zoubeir Souissi TPX IMAGES OF THE DAY

قال موقع Stratfor إن السعودية ستضطر إلى التعامل مع المخاوف المتزايدة بشأن ولي العهد محمد بن سلمان خلال عام 2019، على خلفية قضية مقتل جمال خاشقجي . وأضاف الموقع الأميركي في تقرير بشأن التكهنات السنوية للشرق الأوسط، نشره الإثنين 3 ديسمبر/كانون الأول 2018، أنه من المتوقع أن تستمر المقاومة الصامتة في الازدياد داخل العائلة الملكية. وأشار تقرير الموقع إلى أن طهران ستبذل ما بوسعها للثأر بسبب العقوبات على إيران ، ولن تمتنع إلا عن إثارة رد فعلٍ عسكريٍّ تقليديٍّ في الوقت الحالي. كما تنبأ باندلاع صراع القوى العظمى في سوريا .

مسار الصدام بين واشنطن وطهران بسبب العقوبات على إيران

ستسبِّب حملة العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة أضراراً لإيران، لكنها لن تؤدي إلى انهيار الحكومة الإيرانية حتى في ظل معاناة الاقتصاد الإيراني. تأمل الولايات المتحدة، عن طريق زيادة العقوبات، إرغام إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات.

لكن ذلك لن يفلح؛ فبينما إيران معروفةٌ بنزاعاتها السياسية، ستولي أحزابها استقرار النظام الأولوية بدلاً من تصعيداتهم المعهودة للألعاب السياسية.

هذا علاوةً على أن العقوبات قد كثَّفت من الاضطرابات العامة، مما يعزِّز رأس المال السياسي للمحافظين والمتشددين ضد إدارة الرئيس الوسطي حسن روحاني، إلى جانب أن استخبارات إيران وأجهزتها الأمنية الحازمة ستستمد قوتها من الحاجة إلى تعميق استراتيجية إيران الدفاعية في وجه الضغوط المتزايدة.

وحسب الموقع الأميركي، فإن إيران ستبذل ما بوسعها للثأر من المعتدين عليها، ولن تمتنع إلا عن إثارة رد فعلٍ عسكريٍّ تقليديٍّ في الوقت الحالي.

وستميل طهران نحو الثأر، من خلال مضايقة سفن الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج العربي، بإجراء اختبارات صواريخ باليستية أو مواصلة أنشطتها النووية، لكنها لن تفعل ذلك إلا عند الضرورة القصوى.

عوضاً عن ذلك، ستكون طهران أكثر استعداداً لاستخدام الحرب الإلكترونية، أو تنظيم عملياتٍ سريةٍ، أو استغلال وكلائها الإقليميين الرئيسيين لردِّ الهجوم على الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج.

ترغب إيران في تجنب إثارة هجومٍ عسكريٍّ تقليديٍّ ضد نفسها، لكن مع ضعف الدعم السياسي من الاتحاد الأوروبي على مدار عام 2019 واستبدال الخطاب السياسي بالضمانات الاقتصادية، ستميل طهران إلى تطبيق إجراءاتٍ انتقاميةٍ أكثر حدَّةً.

الولايات المتحدة تدعم الحلفاء الإقليميين

بتنفيذ استراتيجيتها الإقليمية المرتكزة على كبح جماح إيران، ستعتمد الولايات المتحدة على مجموعتين من الحلفاء ذوَي أهدافٍ متشابهةٍ. تشمل المجموعة الأولى الحلفاء الأشد اهتماماً بإيران والأكثر استعداداً لتقبُّل السياسات القوية المعادية لإيران: إسرائيل، والسعودية، والإمارات.

تتجاوز هذه الدول الثلاث سريعاً عقوداً من عدم الثقة والصراع لأجل التنسيق بصورةٍ أفضل ضد طهران في الفضاء الإلكتروني، وإنفاذ العقوبات، وحتى عسكرياً. ستعوِّل الولايات المتحدة على حلفائها في الخليج العربي للمساعدة في استراتيجية واشنطن للسيطرة على إيران.

المجموعة الثانية من الحلفاء: الكويت، وعُمان، وقطر، أهدافها أقل تشابهاً بأهداف الولايات المتحدة، وهي أهون عزماً لاتخاذ موقفٍ صارمٍ ضد إيران. بإمكان لهذه الدول توفير قيمةٍ اقتصاديةٍ ودبلوماسيةٍ واستراتيجيةٍ للولايات المتحدة في بعض الصراعات والأزمات الإقليمية.

وقد يسفر التنسيق الأفضل بينها عن الحدِّ من صرامة الحصار على قطر، لكن الصراع الضمني بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي سيستمر.

قضية مقتل جمال خاشقجي ستظل وصمة على جبين آل سعود

ستضطر السعودية إلى التعامل مع المخاوف المتزايدة بشأن ولي العهد محمد بن سلمان خلال عام 2019. في أعقاب قضية مقتل جمال خاشقجي ، ستوضع تصرفات ولي العهد تحت عدسة الوسط الدولي.

ما زال الموقف المهيمن لولي العهد السعودي معتمداً على الدعم المقدَّم من أبيه، الملك سلمان، مع أن هذا الموقف لا يزال مستحكماً داخل المملكة السعودية، وستستمر المقاومة الصامتة في الازدياد داخل العائلة الملكية.

وسيفرض بعض أهم حلفاء الرياض قيوداً على دعمهم واستثماراتهم الأجنبية المباشرة داخل السعودية بسبب قضية مقتل جمال خاشقجي . لكن من غير المرجح أن تتوقف العلاقات الجوهرية.

من جهة أخرى، ستواصل الرياض السعي وراء أهداف مشروعها "رؤية 2030" على مدار العام المقبل (2019)، مخفِّفةً إجراءات التقشف استجابةً للمؤشرات الاقتصادية الإيجابية: زيادة أسعار النفط في 2018، والفرصة لتعويض صادرات إيران المتناقصة من النفط، ونجاح استراتيجية توليد الربح غير المعتمدة على النفط.

يعني هذا أن المملكة يمكنها تجنُّب إجراء تغييراتٍ بنيويةٍ جذريةٍ بالاقتصاد السعودي، بالأخص في أسواق العمل. ستجبر الشكاوى بشأن الإسكان والرواتب وجودة العيش الدولة على استعمال خزائنها الملكية الممتلئة لاسترضاء المتظلمين بالأموال.

احتمالٌ اندلاع صراع القوى العظمى بسوريا

في المراحل النهائية من الحرب الأهلية السورية، تتنافس خمس قوى محوريةٍ -تركيا، وروسيا، وإيران، والولايات المتحدة، وإسرائيل- على بسط نفوذها وسيطرتها.

على جانبٍ، تدعم موسكو وطهران بقوةٍ الزعيم السوري بشار الأسد، لكنهما تختلفان ليس فقط في مستويات الدعم الذي تقدمانه، بل أيضاً في أهدافهما النهائية. لقد استغلت روسيا الصراع السوري لتوسيع موطئ قدمها في الشرق الأوسط وستحرص على حماية مكتسباتها وعتادها، مع أن موسكو غير راغبةٍ في الصراع المفتوح مع تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل.

أما إيران، على الجانب الآخر، فستُبدي عدائيةً أكثر في دعمها لدمشق، بالأخص في معارضة أنقرة وواشنطن. وستستمر طهران كذلك في تعزيز قواها داخل سوريا كرادعٍ لإسرائيل ووسيلة إمدادٍ لقوات حزب الله، حليفها القوي في دولة لبنان المجاورة.

وستحاول إسرائيل تقويض خطط إيران، ولكنها متخوفةٌ من إشعال فتيل صراعٍ غير مقصودٍ مع روسيا.

ما زالت تركيا والولايات المتحدة معارضتين لحكم الأسد، ولكن رغم كونهما حليفتين في حزب الناتو، ستسعى كلٌّ منهما وراء أجندتها الخاصة في سوريا. فالولايات المتحدة تركِّز على إبادة بقايا تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في البلاد، مع أن واشنطن أكثر اهتماماً بتقويض النفوذ الإيراني في سوريا كجزءٍ من استراتيجيتها لمعاداة إيران.

وسيخلق تحدي إيران في سوريا توتُّراتٍ بين الولايات المتحدة وروسيا، إذ لا تستطيع موسكو إخراج إيران بالقوة، وهي غير راغبةٍ في ذلك. وعلى الرغم من الجهود الهادفة إلى تسوية الصراع، فإمكانية وقوع حادثةٍ عسكريةٍ تتضمن الأصول الأميركية والروسية ليست خارج نطاق الاحتمال.

تركيا، من جهتها، ستُبقي تركيزها على احتواء القوى الكردية في سوريا. ويمثل هذا مشكلةً للولايات المتحدة، التي تستغل وحدات حماية الشعب الكردية، وهي جماعةٌ تعتبرها تركيا منظمةً إرهابيةً، كحليفٍ ضد داعش ووكيلٍ ضد إيران.

بالنظر إلى المصالح المتضاربة في سوريا، نجد أن احتمالية حدوث تصعيدٍ عرضيٍّ أو حتى مواجهةٍ دوليةٍ في 2019 هي احتماليةٌ أعلى من أي وقتٍ مضى، إلا أن جميع القوى ستتخذ خطواتٍ لتجنب هذا.

التعامل مع الاقتصاد التركي الهَشّ

سيكون أكبرَ التحديات التي تواجه تركيا في 2019، اقتصادها المأزوم. بالإضافة إلى التعامل مع معدلات التضخم القياسية، سيكون على الرئيس رجب طيب أردوغان مواجهة ديونٍ للشركات الخاصة تبلغ قيمتها تقريباً ربع إجمالي الناتج المحلي التركي، كل هذا إلى جانب تجنب تفجُّر أزمةٍ أخرى في الليرة.

سيكون أردوغان مدفوعاً سياسياً إلى توسيع قاعدة أنصاره قبل الانتخابات المحلية في الربيع، التي ستشهد تخوفاتٍ مالية لدى الشعب التركي من مختلف الأطياف الانتخابية، وبعضهم مستاءٌ من سياسات الرئيس التركي.

ويُضعِف اقتصاد تركيا الهزيل كذلك موقف أنقرة فيما يتعلق بالتعامل مع الشركاء المحوريين في الغرب، إذ يزداد الشرخ اتساعاً في العلاقات التركية مع الولايات المتحدة، ويُعزى ذلك جزئياً إلى نمو الروابط بين تركيا وروسيا ودعم واشنطن وحدات حماية الشعب في سوريا.

سيكون على الرئيس رجب طيب أردوغان العمل بجدٍّ لأجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي في تركيا خلال 2019.

ولكونها عرضةً للضغوط الاقتصادية الأميركية، ستحاول تركيا تدعيم الاستثمار الأجنبي والحفاظ على العلاقات الاقتصادية الراسخة مع أوروبا. إلا أن علاقة تركيا المعقَّدة عبر التاريخ مع الاتحاد الأوروبي ستضع عوائق أمام تلك الجهود.

وإلى جانب تحقيق الاستقرار في وضعها الاقتصادي، ستواصل أنقرة السعي وراء أهدافها الأساسية الأخرى خلال 2019، وضمنها احتواء حركات الاستقلال الكردية في أقاليم تركيا العثمانية سابقاً. وستستغل أنقرة أي نفوذٍ تملكه في شمال سوريا لمواصلة شن الهجمات العسكرية على مواقع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

اطلع على المزيد عن الموقف الاقتصادي المتزعزع في تركيا قبل بداية عام 2019.

تحميل المزيد