يتجاهل التاريخ ويدفع الشرق الأوسط للأزمات.. «واشنطن بوست» تدعو الكونغرس للحد من دعم ترامب للديكتاتوريات العربية الأربع

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/03 الساعة 10:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/03 الساعة 10:53 بتوقيت غرينتش
رويترز

قالت افتتاحية صحيفة The Washington Post الأميركية إن جريمة خنق الصحافي جمال خاشقجي، وتقطيع جثته على أيدي أعضاء فريقٍ مكونٍ من 15 فرداً، تُمثِّل نموذجاً لأسلوب القمع الوحشي الذي ينتهجه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والتي تفوق جرائم من سبقوه بكثير ولا يمكن تفسيرها بمعزل عن دعم ترامب للديكتاتوريات.

وترى الصحيفة، أنه بينما يتأهب الكونغرس الأميركي لبلورة رد فعل إزاء الجريمة التي جرت برعاية الدولة، لابد من الأخذ في الاعتبار أنها لم تكن تصرُّفاً منعزلاً عمّا سواه.

وترى "الواشنطن بوست"، التي تتبنى هجوماً حاداًَ ضد محمد بن سلمان منذ مقتل خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أن السعودية تشكل جزءاً من "رباعية الديكتاتوريات السُنيَّة" المتحالفة جميعها مع الولايات المتحدة، وتسعى لتنحية جميع أشكال المعارضة، بما فيها الإعلام الحر، وجمعيات المجتمع المدني المستقلة، وكل من يدافع عن الإصلاحات الليبرالية.

لا تتردد في استخدام كافة الوسائل لتحقيق أهدافها

وترى الصحيفة الأميركية أن تلك الأنظمة، التي تتضمَّن مصر، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، بالإضافة إلى السعودية، لا تتردد في استخدام أكثر الوسائل تطرُّفاً لتحقيق أهدافها، بما في ذلك حملات الاعتقالات الجماعية، والتعذيب، والإخفاء القسري، والتصفية دون محاكمات.

وبأفعالٍ كتلك، فإن هذه الأنظمة تُكرِّر أخطاء ديكتاتورياتٍ عربيةٍ سابقةٍ، وتدَّخِر للمستقبل أزماتٍ في شكل مواطنين نافرين، واقتصاداتٍ منهكة. وبتقديمها دعماً غير مُستحقٍ لتلك الأنظمة، تضع إدارة ترامب مصالح أميركا الحيوية على المحك.

وتشير افتتاحية الواشنطن بوست إلى أن أحد الأسباب المحتملة وراء استنتاج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لضلوع محمد بن سلمان في قتل خاشقجي، هو تشابه العملية مع عملياتٍ أخرى مماثلةٍ انطلقت من قصر ولي العهد خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.

ووفقاً لما ورد في تقرير ديفيد إغناتيوس مراسل صحيفة The Washington Post الأميركية، فإن فريقاً من عملاء المخابرات السعودية يعملون مع مستشارين مُقرَّبين من ولي العهد، قد اختطفوا عدداً من المعارضين في الداخل والخارج. وقد احتُجِزَ هؤلاء في معتقلاتٍ سريةٍ وتعرَّضوا للتعذيب.

من بين هؤلاء ناشطاتٌ في مجال حقوق المرأة طالبن بحق المرأة في قيادة السيارات، ومازلن قيد الاعتقال.

الدول الأربع اجتمعت في مقاطعة غير مدروسة

وتؤكد الواشنطن بوست أن محمد بن سلمان كان يقتدي بحاكم الإمارات محمد بن زايد، وكلا الديكتاتورين يدعمان عبد الفتاح السيسي في مصر وآل خليفة في البحرين.

اجتمعت الأنظمة الأربعة على مقاطعةٍ غير مدروسةٍ لقطر، ودعم الفصائل نفسها في الحرب الأهلية في اليمن وليبيا، ما ساهَمَ في مدِّ أجل الصراع في اليمن، التي تشهد أسوأ أزمةٍ إنسانيةٍ في العالم.

وفيما يتركَّز الانتباه على قضية خاشقجي، يتمادى نظام السيسي في اعتدائه على ما تبقى من المجتمع المدني في القاهرة. فمنذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اعتُقِلَ عشراتٌ من نشطاء ومحامي حقوق الإنسان، من بينهم 19 حالة اعتقال جرت يوم الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، وفقاً لتقارير منظمتيّ العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش. كثيرٌ منهم تُبقيهم قوات الأمن بمعزلٍ عن العالم الخارجي. في الوقت نفسه، تطالب السلطات بتسجيل المواقع الإخبارية مع الحكومة أو إغلاق نشاطاتها.

على صعيدٍ آخر، أجرت البحرين الأسبوع الماضي انتخاباتٍ  وصفتها الواشنطن بوست بالمخزيةٍ، استُبعِدَت منها أحزاب المعارضة. ويقضي أبرز نشطاء حقوق الإنسان في البلاد عقوباتٍ في السجن، مثل الشيخ علي سلمان أبرز قيادات المعارضة، الذي حُكِمَ عليه بالسجن المؤبد في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وكما تواطأ البيت الأبيض مع محمد بن سلمان في جهوده للفرار من مسؤوليته في عملية قتل خاشقجي، فقد دعم ضمنياً القمع في مصر والبحرين، رافعاً القيود من على الدعم العسكري من الجيش الأميركي، وعلى مبيعات الأسلحة.

وتؤكد الواشنطن بوست أن سياسة الإدارة الأميركية تعتقد أن الديكتاتوريات ستستطيع السيطرة على شعوبها المنهكة إلى الأبد، بحرمانها من حرياتها الأساسية، وبالاعتداء على كل من يدافع عنهم. إنها استراتيجيةٌ تتجاهل التاريخ، كما تتجاهل قيم الولايات المتحدة الأساسية، وما لم ينظر الكونغرس فيها، فمن المحتمل أن تُسبِّب المزيد من الأزمات في الشرق الأوسط.

 

 

 

تحميل المزيد