صديق لخاشقجي يتحدث عن «جيش النحل» الذي كانا يعدّانه، و«الأغلبية الصامتة» التي تسمع للصحافي الراحل

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/25 الساعة 05:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/25 الساعة 07:40 بتوقيت غرينتش

كان الصحافي السعودي المقتول جمال خاشقجي بالنسبة لعمر عبد العزيز، المعارض السعودي البالغ من العمر 27 عاماً والذي يعيش في المنفى بكندا، أكثر من مجرد كاتب مقالات رأي بارز يعرف جميع التفاصيل الدقيقة  للبلاط الملكي السعودي. لقد كان مُرشداً وفي مكانة الأب.   

حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية، لا يستطيع عبد العزيز، الذي ينتقد كثيراً القيادة السعودية وولي العهد محمد بن سلمان في مقاطع فيديو على شبكة الإنترنت تحظى بمتابعين كُثُر، رؤية والديه، اللذين ما زالا يعيشان في المملكة السعودية. وكان خاشقجي أيضاً قد أُجبر على العيش في الخارج دون رفقة أولاده.  

لذلك، انهار عبد العزيز في البكاء عندما علم بمصير الصحافي، جريمة قتله البشعة بالقنصلية السعودية في إسطنبول. لكنَّه يجد عزاءه الآن فيما حققه خاشقجي بموته.

وقال عبد العزيز: "أراد الحمقى إسكاته. لكنهم أفسحوا المجال لآلاف الأصوات الأخرى".

أثارت جريمة القتل غضباً عالمياً وألحقت أضراراً بسمعة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي كان قد روّج لنفسه باعتباره مُصلحاً يتوق إلى تحديث المجتمع السعودي، لكنَّه قمع النشطاء والمعارضين في الداخل. كانت جريمة القتل مُقلقة ومزعجة بشكلٍ خاص بالنسبة لعبد العزيز، لأنَّه بالإضافة إلى حزنه الشخصي، كان المسار المؤدي إلى تلك العملية يحمل أوجه تشابه مخيفة مع حياته الخاصة.

مسؤولون زاروا عبد العزيز ومعهم شقيقه

في شهر مايو/أيَّار 2018، التقاه اثنان من المسؤولين السعوديين في مدينة مونتريال، وأحضرا معهما شقيقه، وحثاه على العمل مع السلطات. ودعاه المسؤولان في أثناء المحادثات، التي سجّلها عبد العزيز، إلى تجديد جواز سفره في القنصلية السعودية. وعندما عاد واستمع إلى المحادثات بعد مقتل خاشقجي، شعر بالذهول والصدمة.

مشروع "جيش النحل"

رفض عبد العزيز العرض، لكن تعرَّض هاتفه الخلوي لعملية اختراق بعد شهرٍ واعتُرضت محادثاته مع خاشقجي. لقد كانا مهتمَّين بالعمل على مشروع "جيش النحل" لتجنيد متطوعين لمجابهة المعلومات والدعاية المضللة التي تنشرها الدولة السعودية على الشبكات الاجتماعية. وقد أُكد مركز Citizen Lab، التابع لجامعة تورونتو، حدوث عملية القرصنة، وهو مركز لدراسات التجسس الرقمي.

لا يزال عبد العزيز ونشطاء آخرون في حالة حداد على خاشقجي إلى الآن. لكنَّه يقول إنَّهم لا يشعرون بالخوف، إذ أعاد مقتل الصحافي تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، والحرب الكارثية باليمن، وعدم التسامح المماثل مع أي شكل من أشكال المعارضة.

يقول عبد العزيز: "اليوم في المملكة العربية السعودية، إذا لم تكن بوقاً للحكومة، فستُعتقل، لم يعد الصمت كافياً".

يشعر عبد العزيز بقلقٍ خاص إزاء أولئك المعتقلين في المملكة، وضمنهم شقيقاه والعديد من أصدقائه المُعتقلين بسبب صِلاتهم به. ويتساءل: "إذا كانوا قد فعلوا ذلك مع جمال خاشقجي، فكيف سيتعاملون مع الآخرين؟".

تقدّم عبد العزيز بطلب للحصول على اللجوء في عام 2014، عندما ألغيت منحته الدراسية بعد انتقاده الحكومة السعودية. كان عبد العزيز قد انتقد خاشقجي في البداية أيضاً، لرفضه دعوة معارضين سعوديين للظهور على شاشة محطة تلفزيونية، كان قد أطلقها في عام 2015.

ومع ذلك، كان عبد العزيز من أوائل النشطاء الذين دعموا خاشقجي عندما غادر المملكة ليعيش بالمنفى في عام 2017. وبدأ الاثنان العمل معاً في مبادرات مختلفة.

من إمكانات خاشقجي أن "الأغلبية الصامتة" ستسمع له

اعترف عبد العزيز بقدرات وإمكانات خاشقجي كشخصية ستستمع إليها "الأغلبية الصامتة". لم يشر الصحافي السعودي إلى نفسه باعتباره معارضاً، ولم يكن يرغب في الإطاحة بالنظام الملكي السعودي، بل سعى بدلاً من ذلك إلى إيجاد مكان وسطي معتدل بين الموالاة والمعارضة، والذي قال عنه عبد العزيز إنَّ هناك حاجة ماسة إليه في المحادثات المحيطة بالمملكة الغنية بالنفط.

يوضح عبد العزيز أنَّ أكثر ما كان يخيف الحكومة السعودية هو محاولة خاشقجي إنشاء مؤسسات والعمل ضمن المجتمع المدني في الخارج.

ويقول: "نعم، كانت مقالاته في صحيفة Washington Post تثير الخوف لدى الحكومة السعودية. لقد كان الأمر أشبه بكتابة محمد بن سلمان على سبورة نهاراً، ثم يأتي جمال خاشقجي ليلاً  ليمحو ما كتبه محم بن سلمان بمقالٍ واحد".

وأضاف: "أدركت الحكومة أنَّ هذا الرجل كان يحوّل العمل في الخارج إلى عمل مؤسسي، وهذا ما كان ينقص المعارضة السعودية. لا يوجد مجتمع مدني".

ويؤكد عبد العزيز أنَّ رواية الرياض المُتغيرة بشأن ما حدث لخاشقجي قد أضرّت بمصداقيتها؛ الأمر الذي دفع الكثير من الناس للبحث عن أصوات أخرى.

ويقول: "اليوم، أصبح النشطاء السعوديون أقوى، وأصواتهم مسموعة، أعتقد الآن أنَّ الأغلبية الصامتة تؤمن بما نقوله وترى أنَّ النظام السعودي يكذب. لقد سقط القناع وظهرت الصورة القبيحة، القاتلة، الإجرامية، والجبانة".

علامات:
تحميل المزيد