بينما تترنّح أسعار النفط، السعوديون يتجنبون إثارة غضب ترامب بعد أزمة خاشقجي.. ولديهم خطة لخفضٍ هادئ في إنتاج أوبك

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/24 الساعة 09:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/24 الساعة 10:01 بتوقيت غرينتش
Saudi Arabia's Oil Minister Khalid al-Falih talks to journalists at the beginning of an OPEC meeting in Vienna, Austria, June 22, 2018. REUTERS/Heinz-Peter Bader

تتجه السعودية ومنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) نحو حلٍّ وسط يُوفِّق بين إرضاء الولايات المتحدة بسياسات لا تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وفي الوقت نفسه الحدّ من تدفُّق نفطها وإعادة التوازن إلى الأسواق العالمية التي تشهد فائضاً.

وحسب صحيفة The Wall Street Journal الأميركية فإن الحل الذي تدرسه المنظمة هو خفض إنتاجٍ لا يبدو كخفض إنتاج.

ووفقاً لهذا السيناريو، ستعلن أوبك خططاً للحفاظ على أهداف الإنتاج الحالية، التي حُدِّدت لأول مرة عام 2016. وطبقاً لبعض المُطّلعين على المسألة، ستعني تلك الخطوة ضمناً تراجع الإنتاج؛ لأنَّ السعودية تنتج زيادة عن المطلوب بمقدار مليون برميل يومياً.

وقال أحد كبار مستشاري النفط السعوديين: "لا يزال هذا خفضاً كبيراً، لكنَّه أقل وضوحاً".

يأتي هذا الاقتراح، الذي اكتسب زخماً بين مسؤولي أوبك هذا الأسبوع، في أعقاب الاتهامات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنَّ المنظمة المكونة من 15 دولة تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع. وفي وقتٍ سابق من الأسبوع الماضي شكر ترامب السعودية على خفض أسعار النفط. وقبلها بيومٍ واحد تجاهل تقييم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) الذي خلُص إلى أنَّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان هو مَن أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي. وقال ترامب إنَّه لن يدع هذا الحادث يُعرِّض العلاقات مع المملكة للخطر.

خفض الإنتاج بطريقة حكيمة!

وقال مسؤول بمنظمة أوبك إنَّ خفض الإنتاج "سيكون أكثر حكمة"، وأضاف أنَّ خفض الإنتاج وصمت الولايات المتحدة على أسعار النفط "سيكون بمثابة مقايضة بين السعوديين وترامب". وقال المسؤول إنَّ ذلك سيُجَنِّب أيضاً المواجهة مع روسيا، الدولة غير العضو في أوبك والتي لم تبد متحمسة لخفضٍ جديد في الإنتاج.

وكانت السعودية، قائدة منظمة أوبك الفعلية، قد فضَّلت في البداية خفضاً صريحاً يصل إلى 1.4 مليون برميل في اليوم عن مستوى الإنتاج في أكتوبر/تشرين الأول ليتماشى مع الطلب المتوقع لعام 2019 على نفط المنظمة، والذي يبلغ نحو 31.5 مليون برميل يومياً. غير أنَّ السعودية وبقية أعضاء أوبك يميلون الآن بشكلٍ متزايد نحو خطوة أقل إثارة لتجنُّب إثارة غضب ترامب.

وقال مستشار نفط سعودي بارز: "إنَّها خطوة سياسية إلى حدٍ بعيد. فآخر ما تريده السعودية في الوقت الحالي هو المخاطرة بإزعاج ترامب".

ورغم الغضب القادم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس بشأن مقتل خاشقجي، يريد ترامب الحفاظ على تحالفٍ استراتيجي مع المملكة. وشجَّع ذلك السعوديين على النظر إلى إعادة انتخابه بإيجابية.

وأضاف مستشار النفط السعودي: "إنَّهم بحاجة إليه ويريدونه أن يبقى فترة رئاسية أخرى".

قد يتجاوز الخفض الإجمالي في الإنتاج تحرُّك السعودية لإنهاء الإنتاج الزائد بحوالي مليون برميل يومياً. فالإنتاج في فنزويلا وإيران آخذ في التناقص، وهو ما شأنه سحب المزيد من براميل النفط الخام من السوق.

الرياض ستعمل على خفض شحناتها بواقع 500 ألف برميل يومياً

وقالت الرياض، التي شهدت في وقتٍ سابق من هذا الشهر زيادة إنتاجها إلى مستوى قياسي يقترب من 11 مليون برميل يومياً، بالفعل إنَّها تدعم خفضاً كبيراً في الإنتاج وستعمل على خفض شحناتها بواقع 500 ألف برميل يومياً في ديسمبر/كانون الأول كخطوة أولى.

ووفقاً لمسؤولين بمنظمة أوبك، سيكون لخطوات أوبك بموجب هذا الاقتراح تأثير أقل على أسعار النفط وسيكون احتمال إثارة سخط ترامب بسببها أقل.

في هذه الأثناء، يواجه السعوديون مجموعة من التهديدات التي تتجاوز عواقب موت خاشقجي.

إذ هدَّد ترامب بدعم تشريعٍ من شأنه عملياً تصنيف منظمة أوبك بأنَّها منظمة غير قانونية. وقد خَفُت الإجراء المقترح، الذي أُطلق عليه اسم NOPEC – نوبك، خلال حكم عدة إدارات سابقة بالولايات المتحدة، لكنَّ مؤيديه من الحزبين الجمهوري والديمقراطي قالوا إنَّهم يعتقدون أنَّه قد يكون أوفر حظاً في عهد ترمب.

وقال مسؤول بمنظمة أوبك: "سيفعل السعوديون أي شيء للتأكد من ألا يُقدِم ترامب على أي عمل أي شيءٍ كريه بسبب خاشقجي".

بالإضافة إلى ذلك، تراجعت أسعار النفط في أقل من شهر بقليل إلى ما دون مستوى 88 دولاراً للبرميل بكثير الذي يقول صندوق النقد الدولي إنَّ السعودية تحتاجه لإحداث توازن في ميزانيتها.

جديرٌ بالذكر أنَّ سعر 88 دولاراً للبرميل الذي أشار إليه صندوق النقد الدولي هو سعر خام برنت، وهو المؤشر القياسي العالمي، الذي تراجع أمس الجمعة 23 نوفمبر/تشرين الثاني إلى أقل من 60 دولار للمرة الأولى منذ أكثر من عام.

وقال مسؤول سعودي آخر: "الوضع الحالي غريب للغاية على المملكة. إذ يحدث الدوران للخلف بسرعة وبشكلٍ غير متوقع، ولم تكن الأمور سياسية إلى هذا الحد منذ فترة طويلة".

تحميل المزيد