هرّب آلاف الوثائق بواسطة قارب بدائي عبر نهر العاصي.. المعلّم السوري الذي اقتحم مكتباً للمخابرات قد يساهم في تحقيق العدالة لضحايا نظام الأسد

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/23 الساعة 09:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/23 الساعة 09:51 بتوقيت غرينتش
Syrians cross to Turkey by boat over the Orontes river on the Turkish-Syrian border near the village of Hacipasa in Hatay province October 10, 2012. Scores of Syrian civilians, many of them women with screaming children clinging to their necks, crossed Orontes, a narrow river marking the border with Turkey as they fled the fighting in Azmarin and surrounding villages. Residents from the Turkish village of Hacipasa, nestled among olive groves, helped pull them across in small metal boats. REUTERS/Osman Orsal (TURKEY - Tags: POLITICS CIVIL UNREST CONFLICT)

حين سيطرت المعارضة السورية على مدينة إدلب عام 2015، اقتحم مُعلِّمٌ  مكتباً للمخابرات الحكومية واستولى على آلاف الوثائق. وهرَّب، باستخدام قارب بدائي، نسخاً من الوثائق عبر نهر العاصي إلى تركيا. ولفَّ الوثائق الأصلية حسب تقرير مجلة The Economist البريطانية داخل حقيبة بلاستيكية وخبَّأها في بيتٍ ريفي.

يقول المعلّم الذي يعرف نفسه بمختار إنَّ الملفات تكشف آلية العمل الداخلي للأجهزة الأمنية الحكومية، التي اتُّهِمَت بارتكاب العديد من الفظائع.

منذ بداية الحرب الأهلية السورية في 2011، هرَّب النشطاء من أمثال مختار مئات آلاف الوثائق والصور إلى خارج البلاد. وتُستخدَم تلك الملفات الآن من جانب المُدَّعين في الغرب لربط المسؤولين السوريين، بمن فيهم بشار الأسد، بجرائم حرب.

قالت فرنسا هذا الشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، إنَّها قد أصدرت مذكرات اعتقال دولية بحق 3 مسؤولين سوريين، بينهم مستشار الأسد الأمني علي المملوك، ورئيس إدارة المخابرات الجوية جميل الحسن.

نتجت عن تلك المذكرات عن قضية تضم سوريين-فرنسيين اثنين اعتُقِلا في سوريا عام 2013 واختفيا. من جانبها، أصدرت ألمانيا، التي تنتهج أسلوب الولاية القضائية العالمية فيما يخص جرائم الحرب، ما يعني أنَّ بإمكانها إجراء محاكمات على الجرائم المرتكبة في الخارج، مذكرة اعتقال هي الأخرى بحق الحسن، المتهم بإصدار الأوامر باعتقال وتعذيب وقتل المحتجزين.

القيصر هرّب أيضا مكتبة صور

اعتمد كلا التحقيقين على عشرات الآلاف من الصور المُلتقَطة على يد مُصوِّر فوتوغرافي، معروف باسم سيزار أو "القيصر"، كان يعمل لصالح الشرطة العسكرية السورية. وقد هرَّب هذه الصور من مكتبه على وحدات ذاكرة فلاشية (فلاشات) خبَّأها في حذائه. وتُظهِر الصور آلاف الجثث لمحتجزين سوريين، يحمل الكثير منها علامات التعذيب والقتل.

عمل سيزار مع مجموعات المعارضة السورية. ويعمل سوريون آخرون مع لجنة العدالة والمساءلة الدولية، وهي منظمة غير حكومية أقامها المحقق الكندي في جرائم الحرب بيل وايلي. وتتلقى اللجنة المال من الحكومات الغربية، وأقامت مقراً سرياً في أوروبا، حيث تُخزِّن ما يزيد على 800 ألف وثيقة (بينها بعض الوثائق التي تدين مجموعات المعارضة السورية). وتستخدم أسرة ماري كولفين، التي تقاضي نظام الأسد في أميركا، ملفات اللجنة. ويُقال إنَّ تلك الملفات تُظهِر أنَّ كولفين، وهي صحافية قُتِلَت في سوريا عام 2012، استُهدِفَت من جانب النظام.

وقد بَنَت اللجنة دعاوى قضائية ضد عشرات المسؤولين. وتعمل هيئة تابعة للأمم المتحدة ببطءٍ على تجميع الوثائق المُهرَّبة والأدلة الأخرى تحت سقفٍ واحد كي تستخدمها جهات الادعاء. لكنَّ السعي لتحقيق العدالة على نطاقٍ واسع قد أُعيق من جانب روسيا والصين، اللتين استخدمتا حق النقض (الفيتو) ضد محاولات مجلس الأمن إحالة نظام الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية. وحتى في البلدان التي أصدرت مذكرات اعتقال، يُستبعد أن تجري محاكمات. إذ سيتعين أن يكون المسؤولون السوريون حمقى بما فيه الكفاية ليسافروا إلى بلدٍ يسعى لإلقاء القبض عليهم.

حسب مجلة The Economist هناك المزيد من الوثائق، المُخبّأة في المنازل، والكهوف، والحُفَر داخل سوريا، بانتظار جمعها. لكن مع وجود الأسد على حافة تحقيق الانتصار في الحرب، تُطبِّع بعض البلدان علاقاتها مع نظامه. إذ زار المملوك إيطاليا في يناير/كانون الثاني للقاء مسؤولين هناك. وبرغم كل الأدلة، قد لا يواجه الأسد وأتباعه المطيعون العدالة أبداً.

علامات:
تحميل المزيد