«ترامب مستعد لبيعه».. بيان الرئيس الأميركي عن مقتل خاشقجي يجعل حرية أكاديمي أميركي مسجون في الرياض بعيدة المنال

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/22 الساعة 09:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/02 الساعة 07:15 بتوقيت غرينتش
الطبيب الأمريكي السعودي وليد فتيحي/الشبكات الاجتماعية

دون محاكمة لأكثر من عام، ما زال المواطن الأميركي من أصل سعودي، الطبيب وليد فتيحي، معتقلاً في أحد أقسى سجون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وهو طبيب ومتحدّث تحفيزي على شبكات التواصل الاجتماعي، ومقدم برامج تلفزيونية تُناقش مشاكل النفس البشرية وسيكولوجية المجتمعات وسبل حلولها.

هذا الطبيب الذي لا يُذكر له أي نشاط سياسي ربما يفقد اليوم أمله في الخروج من سجون ولي العهد، بعد إعلان الرئيس الأميركي ترامب، الإثنين 19 نوفمبر/تشرين الثاني، تمسُّكه بولي العهد السعودي، على الرغم من الاتهامات التي تلاحقه، بأنه كان وراء قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الشهر الماضي (أكتوبر)، في قنصلية بلاده في إسطنبول.

تقول صحيفة New York Times في تقرير لها إن ترامب عرض في وقت من الأوقات مبرراً "بسيطاً" لأسلوبه في عدم التدخل في قضية جمال خاشقجي، قائلاً "إنه في تركيا وليس مواطناً أميركياً"، لكن حتى اليوم ما زال المواطن الأميركي وليد فتيحي يعاني في أقبية سجن الحائر جنوب العاصمة السعودية الرياض.

الدكتور فتيحي حاصل على الزمالة الأميركية من المستشفيات التعليمية لكلية الطب بجامعة هارفارد، وكان عضو هيئة تدريس فيها، وحصل على البورد الأميركي عام 1999، وعلى درجة الماجستير في الإدارة والقوانين الصحية من جامعة هارفارد للصحة العامة عام 1999، كما أنه صاحب فكرة تأسيس مستشفى مركز الطب الدولي بمدينة جدة في السعودية، وتولَّى منصب الرئيس التنفيذي فيه.

الطبيب فتيحي يعتبر مواطناً مزدوج الجنسية، كما أنه واحد من عشرات رجال الأعمال والأمراء ورجال الدين والعلماء والنشطاء الذين اعتقلوا بأوامر من ولي العهد السعودي، خلال حملة تعزيز سلطته بداية العام الجاري، حيث تعرَّض العديد من المعتقلين للتعذيب والاعتداء الجسدي، وفقاً لأصدقائهم وأفراد عائلاتهم وجماعات حقوق الإنسان.

والمفارقة أن أول مَن أعلن عن نبأ اعتقال الطبيب فتيحي كان الصحافي الراحل جمال خاشقجي، حيث كتب عبر حسابه في تويتر، في 30 يناير/كانون الثاني 2018 قائلاً: "ما الذي أصابنا؟ كيف يُعتقل شخص كالدكتور وليد فتيحي، وما مبررات ذلك؟ وبالطبع الجميع في عجز وحيرة، لا أحد تذهب إليه فتشفع، ولا نائب عام يجيبك فتتحقق، الله المستعان".

ترامب على استعداد لبيع مواطنيه في الخارج من أجل مصالحه

يقول الصحفيان في "نيويورك تايمز" ديفيد كيركباتريك، وبن هوبارد، إن السيد ترامب "افتخر" بالقتال من أجل إطلاق سراح المواطنين الأميركيين المحتجزين في الخارج، حيث فرض مؤخراً عقوباتٍ تجارية على تركيا، في محاولة للفوز بإطلاق سراح القس أندرو برونسون. وقد احتفل بنجاحه في ضمان إطلاق سراح مواطنة مزدوجة الجنسية، هي آية حجازي، التي كانت محتجزة في مصر، وثلاثة معتقلين أميركيين آخرين في كوريا الشمالية.

لكن في تصريحاته حول السعودية، هذا الأسبوع، أوضح ترامب مرة أخرى أنه يضع المخاوف بشأن حقوق الإنسان في الخارج في المرتبة الثانية بعد المصالح الأميركية الأخرى، بما في ذلك العقود العسكرية المبرمة مع السعودية وأسعار النفط.

جادل أندرو ميلر، نائب مدير السياسة في مشروع "ديمقراطية الشرق الأوسط" والمسؤول السابق في وزارة الخارجية في المنطقة، بأن عدم اهتمام الإدارة الأميركية الواضح بالدكتور فتيحي "يؤكد ما كنا نتوقعه جميعاً: أن ترمب على استعداد لبيعه أو التخلي عنه، وعن أي شخص، بغض النظر عن كونه مقيماً أميركياً أم مواطناً أميركياً، في سبيل تعزيز المصالح الاقتصادية الضيقة".

وقال مسؤول في وزارة الخارجية لـ "نيويورك تايمز"، رفض الكشف عن اسمه: "نطلب بشكل روتيني الوصول إلى جميع المواطنين الأميركيين الذين تم احتجازهم في المملكة العربية السعودية. وفي الحالات التي يكون فيها المحتجز يحمل الجنسية السعودية والأميركية، فإن الحكومة المضيفة (السعودية) لا تعترف في كثير من الأحيان بجنسية الولايات المتحدة، وتمنع الوصول إليه". وهنا، لم يستجب مسؤول في السفارة السعودية في واشنطن لطلب التعليق على هذا الموضوع.

عائلة فتيحي "مذعورة" وسعت لإطلاق سراحه بهدوء

الطبيب فتيحي، كان قد تم اقتياده من منزله في جدة في منتصف الليل في الشتاء الماضي، حيث تم جمع 200 من السعوديين الأثرياء واحتجازهم داخل فندق ريتز كارلتون في الرياض، وهو ما وصفه ولي العهد بأنه "قمع للفساد".

وأُدخل المستشفى ما لا يقل عن 17 معتقلاً آخرين، مع الدكتور فتيحي، وتوفي شخص واحد على الأقل نتيجة الاعتداء أثناء الاحتجاز. وقد أُفرج عن معظم المعتقلين الآن، بعد توقيع تسويات، لقد دفعوا مبالغ كبيرة مقابل حريتهم. ويظل الكثيرون ممنوعين من مغادرة المملكة، ويطلب منهم ارتداء أساور في الكاحل لتتبّع تحركاتهم.

لكن الدكتور فتيحي كان من بين العشرات الذين نُقلوا إلى السجون لفترات سجن أطول، رغم أنهم لم يُتهموا رسمياً بأية جرائم.

وقال أصدقاؤه إن عائلته المصابة بـ "الذعر" خوفاً عليه، سعت على مضض إلى مساعدة سفارة الولايات المتحدة، بعد أن سعت في البداية إلى ضمان إطلاق سراحه بهدوء خشية التعرض لمزيد من العقاب، لكن ذلك باء بالفشل.

 

تحميل المزيد