هل تستعد الحكومة المصرية لرفع تذكرة المترو إلى 9 جنيهات؟ منهم من يعتبر ذلك “ضرورة”

وسط الأجواء الصعبة التي يعيشها كثير من المصريين في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، تتابعت أحاديث المسؤولين المصريين عن "ضرورة رفع أسعار تذكرة المترو"

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/20 الساعة 12:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/25 الساعة 09:31 بتوقيت غرينتش
subway (metro) in the station

وسط الأجواء الصعبة التي يعيشها كثير من المصريين في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، التي كان آخرها البطاطس، وحديث الرئيس المصري عن احتمال إلغاء العلاوة الاجتماعية السنوية، تتابعت أحاديث المسؤولين المصريين عن "ضرورة رفع أسعار تذكرة المترو" من جديد.

تصريح لرئيس مجلس النواب المصري علي عبدالعال جاء ليزيد الطين بلة، متحدثاً عن ضرورة رفع سعر تذكرة المترو مرة أخرى، ويأتي فيما يبدو أنه اتجاه تسير إليه الدولة بسرعة تفوق سرعة القطار.

وصدم عبدالعال المصريين بأن الأسعار الحالية "غير موافقة لتكلفة تشغيل وصيانة ذلك المرفق الحيوي". تصريحات علي عبدالعال يوم الأحد 11 نوفمبر/تشرين الثاني جاءت خلال مناقشة قرار رئيس الجمهورية رقم 470 لسنة 2018 بشأن الموافقة على اتفاق دعم الصندوق الكوري للتنمية الاقتصادية لمشروع توريد وتصنيع 32 قطاراً لمترو أنفاق القاهرة الكبرى (الخط الثالث) المرحلتين الثالثة والرابعة.

وقال عبدالعال، بحسب ما نشرته صحف مصرية، إن "سعر تذكرة المترو في حاجة إلى إعادة نظر؛ لأنه نقل جيد وممتاز ولا بد من الحفاظ عليه".

وأضاف أن "هناك حاجةً لرفع كفاءة القطارات ومترو الأنفاق"، وتابع: "تلك المشكلة لن تُحلَّ إلا بتحرير السعر.. نحن نريد مترو جيداً ومتطوراً وبسعر اجتماعي، وهذا أمر غير مقبول بكل المعايير، ما يقتضي أن تنتج بالسعر الاقتصادي المرن الذي يراعي فيه تكلفة التشغيل، بدليل أنه يتم اللجوء للقطاع الخاص بالرغم من أسعاره العالية".

وزير النقل ألمح إلى زيادة متوقعة في أسعار تذاكر المترو

وفي نفس الاتجاه، كان هشام عرفات، وزير النقل المصري، قد ألمح إلى زيادة متوقعة في أسعار تذاكر المترو، إذ صرح بأن "زيادة تذاكر المترو محل دراسة"، مؤكداً أن الوزارة لن تثبت سعراً للتذكرة لمدة 12 عاماً مرة أخرى.

وأضاف عرفات في مداخلة هاتفية مع قناة "إم بي سي مصر" نقلتها صحيفة "المصري اليوم" أن "أسعار تذاكر المترو ما زالت مدعومة"، لافتاً إلى أن "التذكرة التي تُباع بـ7 جنيهات تدعمها الدولة بـ9 جنيهات".

وقال عرفات: "نحن نصارح الناس بكل شيء، وهذه المصارحة تكون واضحة وكاشفة، والخط الأول لم يخضع لصيانة حقيقية لمدة 30 عاماً ويحتاج الآن لـ30 مليار جنيه لتطويره، وهذا رقم خيالي".

وتابع: "التغيير بيبقى شديد على المواطنين، والمواطنين تعبوا معانا وهما عارفين أهمية مترو الأنفاق، ولا بد أن نحافظ على استدامة هذه الخدمة".

وأضاف وزير النقل: "نريد الحفاظ على الخدمة التي يمتلكها المواطن وليس الدولة".

وأكد عرفات احتياج الوزارة إلى 30 مليار جنيه لتحديث نظام الإشارات وشبكة الاتصالات بالمترو.

مصادر تؤكد وجود اتجاه لزيادة الأسعار

وأوضحت مصادر خاصة لـ"عربي بوست" أن الحكومة المصرية تعتزم زيادة أسعار تذاكر مترو أنفاق القاهرة لتصل إلى 9 جنيهات بدلاً من 7 جنيهات.

هذه الزيادة تعد أعلى زيادة شهدتها أسعار المترو خلال 4 أشهر فقط، إذ ارتفعت في مايو/أيار 2018 من 2 إلى 7 جنيهات، وأصبح المواطن المصري يُحاسب بالمحطة، بمعنى كلما زادت عدد محطات الراكب ارتفع سعر التذكرة.

رفض لأي زيادات جديدة

في المقابل رفض أعضاء في لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب تصريحات رئيس المجلس، وتصريحات الدكتور هشام عرفات وزير النقل، حول عزم الحكومة رفع سعر تذكرة مترو الأنفاق، وقدم عدد منهم طلبات إحاطة ضد وزير النقل، وطالبوا باستدعائه إلى المجلس.

الدكتور محمد بدوي، عضو لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان المصري، اتهم حكومة الدكتور مصطفى مدبولي بالفشل في إيجاد حلول لإنهاء الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مؤكداً لـ"عربي بوست" أنها كلما واجهت أزمة "تفتِّش جيوب الغلابة وتضغط على المواطن البسيط، وهذا من شأنه أن يفجِّر غضب الشعب".

وحذر بدوي من أن "هذا الضغط قد يولد الانفجار".

يذكر أنه في شهر مايو/أيار 2018، اندلعت عدة احتجاجات في محطات المترو عقب رفع سعر التذكرة إلى 7 جنيهات، وتم القبض على 22 شخصاً على الأقل، وكان الركاب المحتجون يطالبون بالعدول عن زيادة الأسعار.

وبررت شركة المترو الحكومية الزيادة الكبيرة وقتها بوجود "عجز في مصاريف الصيانة والتجديد للعامين الماليين 2016-2017 و2017-2018 يبلغ 94%، وهناك خسائر متراكمة تقدر بـ 618.6 مليون جنيه (حوالي 35.1 مليون دولار)، وفق صحيفة "الحياة" اللندنية.

وعززت الشرطة المصرية من تواجدها في محطات المترو حتى اللحظة، وقالت الحكومة إن "رفع أسعار التذاكر إجراء ضروري للحفاظ على استمرار الخدمة التي تتكبد خسائر، وكذلك لتمويل زيادة عدد المحطات لخدمة المزيد من سكان العاصمة التي يعيش فيها 25 مليون نسمة".

وكانت الحكومة قد تعهَّدت بخفض الدعم الحكومي إلى حد كبير في إطار اتفاق أبرمته مع صندوق النقد الدولي عام 2016 للحصول على قرض، وهو ما تسبب في معاناة ملايين المصريين من ارتفاع كلفة المعيشة.

وأكد بدوي أنه "خلال اجتماع اللجنة مع الوفد الكوري الذي صرح خلاله رئيس النواب بهذه التصريحات حصلنا على قرض لتمويل الخطين الثالث والرابع لتوريد 32 عربة على 53 سنة وهناك 20 سنة فترة سماح، وكذا الموافقة على توريد 32 عربة أخرى في مرحلة مقبلة".

هذا هو الحل لمجابهة الحكومة

وتابع: "أنا شخصياً أرفض منهج الحكومة في التعامل مع المواطنين، وعليها أن تبتعد عن جيوب الغلابة لإصلاح فشلها؛ لأن المترو مرفق استراتيجي يهم الدولة قبل المواطن".

وأضاف: "يجب أن تعالج الدولة الخلل في منظومة الصيانة، وتفصلها عن إدارة التشغيل، وتبتكر حلولاً لسد الفجوة بين الإيرادات وتكلفة الإنتاج، فمثلاً لماذا لا تستغل محطات المترو في الإعلانات وتأجير المحال".

وحول أهمية المترو استراتيجياً يقول بدوي: "لو قاطع المواطنون المترو ستتوسل الحكومة إلى الشعب لكي يركبه؛ لأنه سينتج عن تلك المقاطعة مشاكل كثيرة وتكلفة أكبر، فسيزداد الطلب على المواصلات الأخرى، وبالتالي سيزداد حرق الوقود ويصبح الطلب عليه زائداً، وينتج عن ذلك ارتفاع نسبة التلوث في القاهرة الكبرى".

وأشار د. محمد بدوي إلى أن "معظم روّاد المترو من الموظفين والطلبة، فإذا كانت الحكومة تتحجج بأن هناك اشتراكات تقلِّص من ثمن التذكرة لبعض الفئات، فإن هيئة المترو تحصل ذلك الدعم لهذه الاشتراكات من ميزانية الدولة، فليس هناك خسارة على الإطلاق في تشغيل المترو".

ونوَّه بدوي قائلاً: "حينما كانت الشركة الفرنسية تتولى إدارة المترو منذ 20 عاماً كان سعر التذكرة جنيه واحد، ومع ذلك لم تكن هناك خسارة ولا أعطال، ولكن حينما تولت الشركة المصرية للتشغيل والصيانة -وهي شركة قابضة تابعة للدولة- بدأت الخسائر والشكاوى، ولذلك أصدرنا قانون هيئة الأنفاق، وأعطينا مساحة لإشراك الشركات الخاصة في الصيانة والتشغيل، لكن الحكومة لم تفعّل هذا القانون حتى الآن".

وعما يقوله البعض من أن سعر التذكرة في دول العالم يصل إلى دولارين يعني ما يساوي 40 جنيهاً، سخر بدوي قائلاً: "هذا تسطيح ساذج وفهم خاطئ، فالدولار في بلاده هو جنيه، واليورو في بلاده جنيه أيضاً، وقيمته قيمة حقيقية بالنسبة لمتوسط الدخل والقدرة الشرائية لدى مواطني تلك البلدان، وفي كل بلاد العالم مثل هذه المرافق مدعومة من الدولة لأنها ليست مرافق ربحية، بل هي مرافق استراتيجية للدولة في الأساس".

وأضاف بدوي أنه "في ظل الظروف الاقتصادية التى تعاني منها الأسر المصرية لن نسمح بزيادة جديدة".

برلماني يتقدم بطلب إحاطة ضد الحكومة

وفي نفس السياق قال الدكتور محمد فؤاد، عضو لجنة الإدارة المحلية والتنمية بمجلس النواب، لـ"عربي بوست" إنه بالفعل توجد نية لدى الحكومة لرفع أسعار تذكرة المترو، وأوضح: "تقدمت بطلب إحاطة ضد الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير النقل، بسبب ذلك، وأنا شخصياً أرفض تلك الزيادة جملة وتفصيلاً".

وأضاف فؤاد أنه لا يوجد مبرر واضح للزيادة المتوقعة، وإذا كان وزير النقل برر تلك الزيادة بأنه لا يمكن الثبات على سعر التذكرة لمدة 12 سنة، دون تغيير، أي أنه لا يمكن الثبات على سعر التذكرة لمدة زمنية طويلة، ومنذ 5 أشهر فقط وتحديداً في 11 مايو/أيار الماضي تمت زيادة التذكرة، فما المبرر الآن؟

وطالب فؤاد الحكومة بأن "تكشف تكلفة التشغيل، فنحن لا زلنا نجهلها وطالبنا أكثر من مرة الحكومة بأن توضح ذلك".

ولفت د. محمد فؤاد إلى أن "فكرة تفتيش المواطن فكرة غير مقبولة، وإذا كانت الحكومة تريد أن ترفع الأسعار فعليها أن توضح لنا الأسس التي تدعو ذلك".

وشدَّد محمد زين، وكيل لجنة النقل والمواصلات، على أن "اللجنة  ستتصدى بكل ما لديها من أدوات لعدم زيادة أسعار تذاكر المترو".

وأضاف: "على الحكومة أولاً زيادة رواتب الموظفين قبل إصدار أي قرار بزيادة الأسعار أو إلغاء الدعم، فالمواطن أصبح غير قادر على أن يعيش في ظل تلك الزيادة غير المبررة، وسيحدث خلل في المجتمع إذا استمرت حكومة مدبولي في اتخاذ تلك القرارات".

مطالبات بالمقاطعة

مريام. ع ، طالبة في جامعة حلوان، طالبت الشعب المصري بمقاطعة المترو وقالت: "للأسف الشديد لقد احتج الشعب ورواد المترو حينما زادت أسعار التذاكر في شهر مايو الماضي، لكن سرعان ما انطفأت تلك الاحتجاجات وصارت هناك دعوات لمقاطعة المترو ولكن لم يقاطع أحد، بل استمر الزحام".

وأضافت: "لو زادت الأسعار مجدداً فلا أعتقد أن الشعب سيصمت، ويجب المقاطعة فوراً".

أما المواطن أحمد محمد، مدرس ثانوي من سكان منطقة المنيب جنوب محافظة الجيزة، فقال: "لا أستطيع الاستغناء عن المترو، فهو الوسيلة الأسرع والأقرب لتوصيلي إلى أي مكان، وإذا كانت الحكومة سترفع سعر التذكرة من جديد فهذا يعني استنزافاً أكبر من طاقتنا كموظفين".

وتقول صفاء. س، موظفة بإحدى المدارس: "أنا شخصياً كسيدة أفضّل المترو في التنقل، وأبنائي طلاب في المدارس، فإذا كانت الدولة تقول إن الزيادة لن تمسّ الاشتراكات للطلاب فهذا ليس معناه أن الزيادة لن تؤثر على مستوى دخلي، بل إن الأمر لم يعد يُحتمل في ظل ارتفاع أسعار الكثير من السلع، حتى وصلت إلى البطاطس".

يُذكر أنه بالأسبوع الماضي قد مرَّت على شبكة المترو بمصر 30 عاماً وباتت تتكون من ثلاثة خطوط: يمتد الأول منها من محطة المرج الجديدة حتى حلوان بجنوب القاهرة، على مدى 35 محطة بمسافة حوالي 44 كيلومتراً، ويبلغ طول النفق 4.5 كيلومتر، فيما يمتد الخط الثاني من محطة شبرا الخيمة في محافظة القليوبية إلى المنيب بمحافظة الجيزة بطول حوالي 19 كيلومتراً شاملة 20 محطة، أما الخط الثالث الذي تم تشغيل مرحلتين منه حتى الآن فيمتد من العتبة حتى محطة الأهرام بمصر الجديدة.

علامات:
تحميل المزيد