تهديدات أردوغان بالهجوم على أصدقاء أميركا بسوريا أصبحت جدية أكثر من أي وقت مضى، فهل يحرج الرئيس التركي ترمب؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/07 الساعة 14:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/07 الساعة 14:22 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: U.S. President Donald Trump and Turkish President Tayyip Erdogan gesture as they talk at the start of the NATO summit in Brussels, Belgium July 11, 2018. REUTERS/Kevin Lamarque/File Photo

هدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشنّ هجوم جديد لطرد الأكراد من مناطق شمال شرقي سوريا المحاذية لبلاده، حيث للقوات الأميركية وجود بارز. وتزامنت تهديدات أنقرة مع استهداف القصف التركي خلال الأيام الأخيرة مواقع وحدات حماية الشعب الكردية العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، أصدقاء واشنطن في سوريا التي تقاتل الجهاديين إلى جانب أميركا.

في المقابل، اتخذت واشنطن خطوة اعتبرتها أنقرة "إيجابية، لكنها متأخرة"، عندما أعلنت عن مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات عن ثلاثة من قيادات حزب العمال الكردستاني.

هل يتقبل ترمب قصف رجب طيب أردوغان أصدقاء واشنطن في سوريا ؟

وشنت القوات التركية، منذ عام 2016، هجومين عسكريين ضد وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، استهدف آخرها منطقة عفرين في شمالي محافظة حلب، وتمكنت من السيطرة عليها مع فصائل سورية موالية لها في مارس/آذار الماضي.

وكرَّر أردوغان، منذ ذلك الحين، تهديده بالتقدم شرقاً داخل مناطق سيطرة أصدقاء واشنطن في سوريا الأكراد.

 لكن محللين يقولون إنَّ توقيت تهديداته الأخيرة يجعلها تبدو أكثر جدية الآن، حيث قصف جيشه مواقع عسكرية كردية في مناطق كوباني وتل أبيض، وخاصة أن الظروف مواتية لأنقرة الآن على الساحة الدولية.

فعلى صعيد الملف السوري، أبرمت تركيا اتفاقية مع روسيا في سبتمبر/أيلول، جنَّبت هجوماً كانت القوات السورية تعد له على إدلب (شمال غرب)، آخر أبرز معاقل الفصائل المعارضة في البلاد.

وعلى الصعيد الدولي، انخرطت أنقرة في مواجهة دبلوماسية ضد السعودية، التي تعد مركز ثقل إقليمي، تسعى من خلالها إلى البروز من خلال التحقيق في قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي قتل في قنصلية بلاده في إسطنبول.

كما تحسَّنت علاقتها مع واشنطن بعد فترة من الفتور، بعد الإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون، في أكتوبر/تشرين الأول. ويسعى أردوغان من خلال قصف المناطق الكردية في الشمال إلى اختبار مستوى تقبل الولايات المتحدة لهجوم محتمل.

ويقول الباحث في مركز الأمن الأميركي الجديد نيكولاس هيراس لوكالة الأنباء الفرنسية "إنه يحاول معرفة إلى أي مدى يمكنه المضي في عملية عسكرية شرقي الفرات ضد وحدات حماية الشعب الكردية ، قبل أن تعترض الولايات المتحدة".

ما قد يضع واشنطن في موقف "حرج"

تصنف تركيا وحدات حماية الشعب الكردية على أنها جماعة "إرهابية"، بينما تعتبرها واشنطن حليفاً استراتيجياً في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ويسبب تصاعد اللهجة إحراجاً للولايات المتحدة، خاصة أن قوات سوريا الديمقراطية تسعى لإنهاء هجومها على آخر جيوب التنظيم في شرقي سوريا، لكنها علقت عملياتها بعد القصف التركي.

ويقول الباحث في مركز "سنتشوري فاونديشن" آرون لوند "إن الولايات المتحدة تشعر بالحرج، فهي تريد إنهاء الهجوم على التنظيم".

وأضاف أن اعتماد الأميركيين على وحدات حماية الشعب الكردية أصدقاء واشنطن في سوريا في القتال ضد الجهاديين يعطي هذه القوات "تأثيراً كبيراً على القوة العظمى" الأميركية.

وبعد أيام قليلة من إعلان قوات سوريا الديمقراطية تعليق عملياتها العسكرية، قام الجنود الأميركيون بتسيير دوريات للمرة الأولى في المناطق الحدودية الكردية التي قصفها الجيش التركي.

كما سيرت القوات الأميركية والتركية أيضاً دوريات مشتركة قرب مدينة منبج الشمالية، في إطار "خارطة طريق" وضعها الحليفان لنزع فتيل التوتر.

خاصة أنها تعتمد على وحدات حماية الشعب الكردية في محاربة "داعش"

 واعتبر الباحث في الشؤون السورية فابريس بالانش، أنه "إذا تنازلت الولايات المتحدة لتركيا، فلن يعود بإمكانها الاعتماد على وحدات حماية الشعب الكردية ".

ويرى الخبير في الشؤون الكردية موتلو جيفير أوغلو، أن تعليق القتال "رسالة واضحة" من قوات سوريا الديمقراطية إلى التحالف الدولي.

وأشار الخبير إلى أنهم يقولون لهم "نحن نقاتل معاً، ونحن شركاء، وعندما نواجه تهديدات عليكم صدها".

وقال جيفر أوغلو، إن العديد من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية أصدقاء واشنطن في سوريا المرابطين على جبهة دير الزور ينحدرون من بلدات يسيطر عليها الأكراد على الحدود التركية.

وبيّن  الخبير أن "منازلهم وعائلاتهم تعرضت للهجوم"، وفي هذه الظروف "من الصعب التركيز على القتال، الصعب أساساً".

وتعرَّضت قوات سوريا الديمقراطية، بعد أن تمكنت من التقدم في مناطق عدة، لنكسة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، بسبب الهجمات التي قام بها الجهاديون وسوء الأحوال الجويّة.

واعتبر الباحث في المعهد الأطلسي أرون شتاين، أن التنظيم سيخسر في نهاية المطاف، وإن منحته التوترات مهلة، مشيراً إلى أن "التنظيم هزم عسكرياً ولو استمر بالمقاومة. إن الولايات المتحدة ستنهي المهمة في نهاية الأمر".

لكن الوضع يختلف بالنسبة  لحزب العمال الكردستاني

 فقد أعلنت واشنطن، الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عن مكافآت تصل إلى 5 ملايين دولار، للإدلاء بمعلومات عن أعضاء حزب العمال الكردستاني مراد قريلان، و4 ملايين دولار بشأن جميل بايك، و3 ملايين بشأن دوران كالكان.

وحسب "رويترز" فقد صدر الإعلان عن السفارة الأميركية في أنقرة، بعد زيارة قام بها ماثيو بالمر، نائب وزير الخارجية الأميركي، ما قد يساهم في تحسين أكثر للعلاقات الأميركية التركية.

وتقول وزارة الداخلية التركية إن أعضاء حزب العمال الكردستاني الثلاثة مدرجون أيضاً على قائمة "أكثر الإرهابيين المطلوبين" لدى أنقرة، وتَصفهم الوزارة بأنهم ضمن زعماء الحزب.

وصنَّفت تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزبَ العمال الكردستاني منظمةً إرهابيةً. وقُتل أكثر من 40 ألف شخص منذ أن بدأ الحزب تمرُّده في تركيا في عام 1984.

وقبل المكافأة الأميركية بخصوص أعضاء حزب العمال الكردستاني، بدأت العلاقات الأميركية التركية في التحسن منذ إطلاق سراح القس الأميركي آندرو برانسون من السجن، الشهر الماضي.

وتبادلت الدولتان قبل أسبوع رفع عقوبات عن مسؤولين حكوميين، كانت قد فُرضت في أغسطس/آب 2108، بشأن قضية برانسون. وأعلنت واشنطن هذا الأسبوع أن تركيا ستحصل على إعفاء مؤقت من عقوبات عاودت الولايات المتحدة فرضها على إيران.

تحميل المزيد