الأقباط دعموا السيسي أملاً بحمايتهم، وتأييدهم له بدأ بالتراجع.. نيويورك تايمز: شكوك حول نجاح الاستراتيجية التي تتبعها مصر ضد داعش

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/05 الساعة 13:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/05 الساعة 13:04 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري يشهد إحتفالية المولد النبوي/ رويترز

أعلنت السلطات المصرية أمس الأحد 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أنها قتلت 19 مسلحاً على علاقةٍ بالهجوم الذي خلَّف 7 قتلى من الحجاج الأقباط في محاولة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالمسارعة في الاستجابة إلى حالة الغضب التي انتابت الأقباط من حكومته.

قالت وزارة الداخلية إنّ قوات الأمن المصرية قتلت المسلحين خلال مطاردةٍ في إحدى المناطق الجبلية بالظهير الصحراوي الغربي لموقع الدير القديم، حيث فتح المسلحون النار على 3 حافلات يستقلها حجاج الدير يوم الجمعة الماضية 2 نوفمبر/تشرين الثاني.

وينحدر 6 من أصل سبعة قتلى، راحوا ضحية الهجوم، من عائلةٍ واحدةٍ، حسبما قال مسؤولون من الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية.

وصَاحَبَ الإعلانَ عن العملية أمس الأحد صورٌ قاسيةٌ لجثث ملطخةٍ بالدماء وملقاةٍ على الرمال.

تفاصيل الهجوم المصري غير كاملة

لكن رواية الداخلية لم تقدم مزيداً من التفاصيل حول ظروف الهجوم الذي نفذته قواتها، بما في ذلك توقيته أو ما إذا كان قد شهد خسائر في الأرواح بين صفوف القوات الحكومية.

وقالت صحيفة The New York Times الأميركية إن السلطات المصرية  تعلن عادةً عن هذه الغارات، غير أنّ التساؤل الذي لا يزال يلوح في الأفق هو سبب عجز قوات الأمن عن إيقاف الهجمات المسلحة من الأساس.

وانفجرت حالة الغضب المصاحبة لهجوم الجمعة -وهو الهجوم الأكثر دموية ضد الأقباط خلال ما يقرب من العام- لأنّ المسلحين نفذوا هجوماً مشابهاً في نفس الموقع تقريباً في مايو/أيار 2017، مما تسبب في مقتل 28 من حجاج الدير.

وعبّر المئات من الأقباط عن غضبهم بعد انتهاء قداس الجنازة من خلال صيحات الاحتجاج ورفعوا إشارات رافضة بعد أن تقدم أسقفٌ قبطيٌ بالشكر لقوات الأمن والمسؤولين الحكوميين.

وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤوليته عن الهجوم، قائلاً من خلال وكالة أعماق الإخبارية التابعة له إنّ الهجوم كان ثأراً لإلقاء القبض على "أخواتنا العفيفات". ولم يوضح أكثر من هذا.

هجوم داعش من وجهة نظر رسمية

ووصفت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر الهجوم بـ"محاولة بائسة" أظهرت ضعف المجموعة. لكنها جددت الشكوك أيضاً حول نجاعة الاستراتيجية التي تتبعها السلطات المصرية ضد أحد فروع تنظيم داعش، الذي توسَّع ليمتد خارج معقله في سيناء خلال السنوات الأخيرة، ويَشِنّ هجمات على الأقباط في الكنائس والمدن الرئيسية وخارج الأديرة.

قال تيموثي كالداس، المحلل في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط بواشنطن: "الحقيقة أنّ تنظيم الدولة الإسلامية نَفَّذ هجوماً على نفس الطريق، بجوار نفس الدير، وعام واحد يفصل (بين الهجومين). وذلك يشكك حقاً في مدى نجاعة جهود الحكومة لتعزيز الأمن، ولا سيما في المنيا، حيث اُسْتُهدفت الأقلية القبطية بشكل مستمر".

وفي روما، ندَّد البابا فرنسيس بالعنف. وأخبر المصلين في ميدان القديس بطرس أمس الأحد: "أُصَلِّي للضحايا من الحجاج الذين قُتلوا لِمُجَرَّدِ أنَّهُم مسيحيون".

يتزامن الهجوم مع منتدى شباب العالم، وهو فعالية رفيعة المستوى يستضيفها الرئيس السيسي سنوياً في مدينة شرم الشيخ المطلة على البحر الأحمر، ويعتبر جزءاً مهماً من جهوده لتحسين صورة حكمه الاستبدادي.

شدد السيسي صباح الأحد على أنّ المصريين يجب أن يكون لهم الحق في أن يعبدوا ما يشاءون، وأكَّد على التزامه بمواجهة التمييز.

يشير النقاد إلى أنّ حرية الدين لا تزال في حالةٍ هَشَّةٍ في ظل حكم السيسي؛ إذ إنّ تشييد الكنائس يخضع لقيودٍ حكوميةٍ مرهقة. وتعرضت منازل المسيحيين لاعتداءٍ من حشودٍ من المسلمين في محافظة المنيا، وهي المحافظة التي وقع فيها هجوم الجمعة والتي تضم ما يُقدَّر بحوالي 10 ملايين مسيحي. وألقت السلطات القبض على بعض الملحدين ومنعت آخرين من مغادرة البلاد.

الطائفة المسيحية تدعم السيسي طمعاً في الحماية

وترى الصحيفة الأميركية أن قيادات الكنيسة الأرثوذوكسية وعديدٌ من المسيحيين يدعمون السيسي بعد وصوله إلى السلطة بانقلاب عسكري وَقَع عام 2013، أملاً في حمايتهم من الهجمات العنيفة التي تعرضوا لها خلال المدة القصيرة التي حكم فيها الإخوان المسلمون مصر.

غير أن الهجمات المستمرة التي يشنّها تنظيم داعش مستهدفاً المسيحيين، بما في ذلك الهجمات الانتحارية التي وقعت ضد الكنائس الكاتدرائية في القاهرة والإسكندرية عامي 2016 و2017، تسببت في تآكل ذلك الدعم.

قال كالداس: "لقد ارتأيت أن كثيراً من المسيحيين من فئاتٍ مختلفةٍ خاب أملهم في الحكومة والسيسي. الحياة صارت أصعب، والأمن لم يتحقق".

يشعر المسيحيون أنهم مهددون من كل الجهات. ففي أعقاب الهجوم الذي وقع يوم الجمعة، نُشر مقالٌ على الموقع الإلكتروني للإخوان المسلمين قال إنّ السيسي هو من دبَّر الأحداث لكسب التعاطف الشعبي؛ وهو زعمٌ لا يستند إلى أي أساس يصدره مؤيدو الإخوان عادةً بعد الهجمات التي يتعرض لها الأقباط في مصر.

علامات:
تحميل المزيد