لا نعلم شيئاً عن مكان مصطفى النجار ولا عن أحواله.. أصدقاء وعائلة «أيقونة ثورة يناير» يواصلون محاولة حل اللغز

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/02 الساعة 19:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/05 الساعة 12:26 بتوقيت غرينتش

جددت أسرة البرلماني المصري السابق مصطفى النجّار، قبل أيام، دعوتها الأجهزة المعنيَّة للكشف عن مكان وجوده، بعد أكثر من شهر على اختفائه.

وقالت قرينته، شيماء النجار، إن زوجها قال لها في آخر محادثة هاتفية بينهما، إنَّه بمدينة أسوان الجنوبية، وسيعود قبل جلسة استماعٍ أمام محكمة، كان من المقرر أن يحضرها يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

ووفقاً لما قالته زوجته لموقع Middle East Eye البريطاني، شُوهِد "النجار"، الذي شغل مقعداً بأوَّل برلمانٍ مصري منتخَب بعد الثورة التي أسقطت حسني مبارك، حاكم البلاد المُطلَق سنواتٍ طويلة، آخر مرة يوم 28 سبتمبر/أيلول 2018.

وقال مصدر مقرب من "النجار"، لموقع "عربي بوست"، إن كل الاحتمالات ما زالت مفتوحة، بسبب حالة الغموض وغياب المعلومات. "اتصالات محامين وحقوقيين مع أجهزة الدولة المعنية تمخضت عن إجابة واحدة: لم يصل إلينا ولا نعرف عنه شيئاً. والحديث عن مصرعه في أثناء محاولة عبوره الحدود إلى السودان غير منطقي، ويبقى الكشف والإفصاح عن مصيره مسؤولية الدولة".

 

طبيب أسنان متهم بإهانة القضاء!

ويُحاكَم "النجار"، وهو طبيب أسنان، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"إهانة القضاء"، بعد أن تحدَّث في كلمة له تحت قبة البرلمان عن محاكمات نظام مبارك، وعن إفلات قتلة شهداء ثورة يناير/كانون الثاني 2011 من العقاب، منتقداً استمرار طمس الأدلة وتبعثرها.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، حُكِم عليه بالسجن 3 سنوات، وكانت جلسة الاستماع، المقرر عقدها منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018، تتعلَّق بطلب نقضٍ تقدَّم به على الحُكم الصادر.

وبعد 12 يوماً من مشاهدته لآخر مرة، تواصل متصلٌ مجهول بشيماء وأخبرها بأنَّ "النجار" محتجزٌ لدى الشرطة في مركز شرطة الشلَّال بأسوان. وأخبرها عددٌ من المحامين كذلك بأنَّهم تلقوا هذه المعلومات ذاتها من مصادر غير رسمية.

عيَّنت شيماء بعد ذلك محامياً من أسوان، طَلَبَ بدوره رداً رسمياً من السلطات بشأن مكان وجود "النجار" وسبب احتجازه.

وقبل شهر، تحدثت وسائل إعلام عن اعتقال مصطفى النجار بعد ساعات من نشره مقالاً على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تحت عنوان "لا نعرف سوى أن نحب هذا الوطن"، قال فيه إنه إذا تم نشر هذا المقال على الشبكات الاجتماعية، واستطاع الجمهور أن يقرأه، فهذا معناه أنه قد تم اعتقاله.

 

السلطات المصرية تنفي اعتقاله

لكنَّ عمرو الشوبكي، وهو عضوٌ سابق بالبرلمان المصري وصديقٌ للسياسي المفقود، قال يوم الثلاثاء 30 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إن مسؤولين اثنين كبيرين بالحكومة المصرية أخبراه بأنَّ "النجار" ليس قيد الاحتجاز وأنَّ مكانه لا يزال مجهولاً.

سلاما إلي مصطفي النجارحصل الدكتور مصطفي النجار طبيب الأسناذ والبرلماني السابق على حكم بالحبس 3 سنوات في قضية إهانة…

Gepostet von Amr El Shobaki am Dienstag, 30. Oktober 2018

وقال الشوبكي إنَّ ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، التي تدير المركز الإعلامي الرسمي للحكومة المصرية، ومحمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان المُدار من جانب الحكومة المصرية، أخبراه بأنَّ "النجار" اختفى بإرادته ليهرُب من حُكم السجن الصادر بحقه.

كما نفت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية أن يكون الناشط السياسي والنائب السابق (38 عاماً)، في قبضة الأجهزة الأمنية.

وأكدت من خلال بيانها المنشور على صفحتها الرسمية في موقع فيسبوك، بأن "مصطفى النجار ليس محبوساً، ولا علمَ للسلطات بمكان هروبه حتى الآن"، معتبرة أنه هارب وليس مختفياً.

سلاما إلي مصطفي النجارحصل الدكتور مصطفي النجار طبيب الأسناذ والبرلماني السابق على حكم بالحبس 3 سنوات في قضية إهانة…

Gepostet von Amr El Shobaki am Dienstag, 30. Oktober 2018

لكنَّ أسرته وأصدقاءه يؤكدون أنه مختفٍ منذ شهر

وقبل أيام، نشرت أسرة مصطفى النجار وأصدقاؤه بياناً على صفحته بموقع فيسبوك، يؤكد أنه مختفٍ منذ شهر كامل.

رسالة من أسرة وأصدقاء الدكتور مصطفى النجار============================اليوم مر شهر كامل … شهر كامل ومصطفى النجار لا…

Gepostet von Mostafa Al Naggar am Sonntag, 28. Oktober 2018

البيان الذي جاء على هيئة رسالة، رصد معاناة عائلة "النجار" في ظل استمرار غيابه.. "أُمٌّ مريضة قعيدة، قلبها ينزف وتبكي ابنها ليل نهار (…)؛ زوجة وثلاثة أبناء يتساءلون أين أبوهم؟  إخوة وأخوات وأصدقاء يتألمون وعاجزون عن المساعدة".

كلمته كانت سلاحه

"النجار" كان عضواً سابقاً بجماعة الإخوان المسلمين وأحد قياداتها الشبابية، لكنَّه ترك الجماعة في عام 2005 إثر اختلافاتٍ أيديولوجية مع قيادتها.

وبعد ثورة عام 2011 في مصر، كان "النجار" عضواً مُؤسِّساً لحزب العدل العلماني. وكان العضو الوحيد من الحزب الذي فاز بمقعدٍ في البرلمان.

وكتب الشوبكي في منشورٍ على موقع فيسبوك: "النجار صوت اعتدال إصلاحي".

وأضاف: "وظل سلاحه كلمات كتبها في (المصري اليوم) و(الشروق)، إلى أن توقف مؤخراً عن الكتابة وابتعد تماماً عن العمل السياسي، وأصبح طبيب أسنان ناجحاً… من أجل أبنائه وأسرته".

وفي آخر منشورٍ له على موقع فيسبوك قبل اختفائه، قال "النجار" إنَّ الدليل الوحيد المُشار له في المحاكمة كان خطاباً ألقاه "النجار" أمام البرلمان عام 2012، يناقش فيه المخالفات التي شهدتها المحاكمات في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وفي خطابه ذاك، أدان "النجار" فشل القضاء في تقديم المسؤولين عن قتل أكثر من 1000 متظاهر خلال الثورة إلى العدالة.

ورغم التنكيل به.. رفض مغادرة بلاده

وتقول عائلته إنه رفض أن يغادر مصر.. "سافر وعاد مرات حتى بعد التنكيل به ومحاولات التشويه المستمرة لسنوات، حتى في أثناء نظر القضية المتهم فيها بإهانة القضاء بكلمة تحت قبة البرلمان".  

وتضيف في الرسالة المنشورة على صفحته: "غادر مصر لحضور مؤتمرات ورحلات عمل، وعاد بإرادته لوطنه، ورفض تماماً أن يترك بلده الذي يعشق ترابه، واستمر في إعلان مواقفه من خلال مقالاته بكل اعتدال، بكل احترام للجميع، كان مهذباً خلوقاً راقياً مع من يتفق معهم أو من يعارضهم ويخالفهم الرأي".

سياسيون ونشطاء يطالبون السلطات بالكشف عن مكانه

وقالت منى سيف، وهي ناشطة حقوقية وشقيقة المدوِّن والناشط اليساري المُحتَجَز علاء عبد الفتاح، وهو أحد المتهمين الـ19 في محاكمة "النجار"، إنَّ البيانات الرسمية المصرية التي تقول إنَّه لم يُعتَقل هي "علاماتٌ تثير القلق بشدة"، خاصةً في ظل المعلومات العلنية المُعارِضة للرواية الرسمية بشأن اختفائه.

ويوم الثلاثاء 30 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وقَّعت 400 شخصيةٍ سياسية مُعارِضة من مختلف ألوان الطيف السياسي المصري عريضةً تطالب الحكومة المصرية بالكشف الفوري عن مكان وجود "النجار". وجاء في العريضة أنَّ الحكومة المصرية مسؤولة كلياً عن سلامة "النجار".

وقال المُوقِّعون في بيانٍ مشترك: "نرجو من المجتمع الدولي التحرك السريع لكشف ملابسات اختفاء الدكتور مصطفى النجار قبل أن نرى جمال خاشقجي جديداً"، في إشارةٍ إلى الصحافي السعودي الذي قُتِل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018.

لكن ليس لديهم دليل على إخفائه قسرياً

وقال عمرو مجدي، وهو باحثٌ بالشؤون المصرية لدى منظمة هيومن رايتس ووتش، لموقع Middle East Eye، إنَّ منظمته لا تملك دليلاً يدعم نظرية إخفاء "النجار" قسرياً.. "الإخفاء القسري معناه أن تعتقل السلطات شخصاً وترفض بعد ذلك، الاعتراف باعتقاله أو الكشف عن مكانه".

لكنَّه قال إنَّ الدولة مسؤولة عن البحث عن الأفراد المفقودين، وعليها أن تشارك مع عائلته في مساعي العثور عليه. وأضاف أنَّ منظمة هيومن رايتس ووتش تُشكِّك في رواية الدولة؛ نظراً "لسجلها الحاف بالتضليل" في القضايا المُشابهة لقضية "النجار".

وفي يوم الأربعاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أفاد تقريرٌ من منظمة العفو الدولية بأنَّ السلطات المصرية اعتقلت 19 شخصاً، من بينهم المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، وهي عضوةٌ سابقة بالمجلس القومي لحقوق الإنسان. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، فإنَّ تقارير أفادت بأنَّ قوات الأمن خرَّبت شقتها.

وتُتَّهم السلطات المصرية بإخفاء 1520 شخصاً قسرياً على الأقل منذ عام 2013، وذلك بحسب حملة "أوقفوا الاختفاء القسري". ووثَّقت الأمم المتحدة 258 حالة إخفاءٍ قسري بمصر في الشهور الـ12 السابقة لشهر مايو/أيار 2018.

تحميل المزيد