نعم أميركا فرضت عقوبات على النفط الإيراني، لكن طهران تلجأ لحيلة ذكية تصعب المهمة على واشنطن

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/30 الساعة 21:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/30 الساعة 21:50 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: A gas flare on an oil production platform in the Soroush oil fields is seen alongside an Iranian flag in the Gulf

 يرى وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، أنه لا أحد لديه أي فكرة عن كمية النفط التي سيكون بوسع إيران تصديرها عند بدء سريان العقوبات الأميركية الجديدة على طهران، في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني.

لكن أرقام الشحنات الإيرانية، وهي مهمة لأسواق النفط، أصبحت بالفعل تشكل لغزاً.

وتقول مصادر في قطاع النفط إن معرفة حجم صادرات إيران من الخام تزداد صعوبة، مع قيام السفن بإغلاق أنظمة التتبع، مما يفاقم الضبابية التي تكتنف مدى ابتعاد المشترين عن النفط الإيراني؛ خوفاً من العقوبات الأميركية. ومن شأن تخزين مزيد من النفط أن يجعل مسألة تحديد أرقام الصادرات أكثر صعوبة.

ووسط ضغوط من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهدئة أسعار النفط، فإن عدم وضوح الصورة فيما يتعلق بالصادرات يزيد صعوبة التحدي الذي تواجهه الدول الأعضاء في أوبك، وبصفة رئيسية السعودية أكبر منتج في المنظمة، لتعويض انخفاض الشحنات الإيرانية.

وإيران ثالث أكبر منتج للنفط الخام في أوبك، وتتفاوت التقديرات حول صادراتها، في أكتوبر/تشرين الأول، بأكثر من مليون برميل يومياً، وهي كمية تكفي لتغطية احتياجات تركيا من النفط وتحريك الأسعار في السوق العالمية، التي يقدر حجمها بنحو 100 مليون برميل يومياً.

وقبل إعلان ترمب، في مايو/أيار، بشأن العقوبات، تجاوزت صادرات إيران 2.5 مليون برميل يومياً.

وأقرّ الفالح بالتحدي في مقابلة مع وكالة تاس الروسية للأنباء، في 22 أكتوبر/تشرين الأول، إذ قال إنه لا أحد يعلم كيف ستكون صادرات إيران.

وامتنع مسؤول إيراني في قطاع النفط عن التعقيب، حينما سُئل عن حجم صادرات بلاده من الخام، في أكتوبر/تشرين الأول.

لماذا ارتفعت أسعار النفط؟

وواصلت أسعار النفط موجة صعود بفعل توقعات بأن العقوبات ستختبر أوبك ومنتجين آخرين. ووصل خام القياس العالمي مزيج برنت، في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول إلى 86.74 دولار للبرميل، مسجلاً أعلى مستوياته منذ 2014، إلا أنه تراجع منذ ذلك الحين إلى 77 دولاراً.

وبينما كان الفالح يشير على الأرجح إلى ما سيحدث بعد تطبيق العقوبات، فإن نطاق التقديرات حول حجم ما تصدره إيران الآن يتسع بالفعل.

وقالت كبلر، وهي شركة لمعلومات الطاقة "هناك أرقام عديدة تتعلق بصادرات إيران في النصف الأول من أكتوبر/تشرين الأول، ظهرت في السوق في الأيام القليلة الماضية، تتراوح ما بين مليون برميل يومياً إلى 2.2 مليون برميل يومياً، وهو فارق ضخم".

وأظهرت بيانات ريفينيتيف على منصة آيكون أن إيران صدرت 1.55 مليون برميل يومياً في الثلاثة أسابيع الأولى من أكتوبر/تشرين الأول، ارتفاعاً من 1.33 مليون برميل يومياً في أول أسبوعين من الشهر.

وقدرت كبلر صادرات إيران بنحو 1.85 مليون برميل يومياً في أول 24 يوماً من أكتوبر/تشرين الأول.

وقدر مصدر في قطاع النفط يتتبع أيضاً الصادرات، حجمَ صادرات النفط الإيرانية في النصف الأول من أكتوبر/تشرين الأول، عند 1.8 مليون برميل يومياً، بما في ذلك شحنات سفن لم تظهر في التتبع بالأقمار الصناعية. واتفق مصدر آخر مبدئياً مع التقدير الأخير قبل أن يخفضه في وقت لاحق إلى 1.65 مليون برميل، حتى 22 أكتوبر/تشرين الأول.

إيقاف أنظمة التتبع

في أي من الأوقات فإن التعديلات في مواعيد الناقلات والاختلافات من أسبوع لآخر تساهم في تعقيد المهمة. ورغم أن المسألة أصبحت أكثر يسراً عن ذي قبل نظراً لمعلومات الأقمار الصناعية، فإنه لا يزال تتبع الناقلات فناً وعلماً معاً.

وتقول مصادر في قطاع النفط إن هناك عاملاً آخر ربما يجعل المسألة أكثر صعوبة.

فالناقلات المحمّلة بالنفط الإيراني تغلق في بعض الأحيان نظام إيه.آي.إس، وهو نظام تتبع آلي تستخدمه السفن، قبل أن تعيد تشغيله في مرحلة لاحقة من رحلتها بحسب مصادر نفطية.

وربما يخلق ذلك مشكلة لخدمات تتبع السفن التي تحاول أن تحدد بدقة تاريخ، أو حتى ساعة تحميل الناقلة بشحنتها من الخام.

ولم ترد شركة النفط الوطنية الإيرانية ولا شركة الناقلات الوطنية الإيرانية على طلب بالبريد الإلكتروني للتعقيب.

وتعتقد مصادر في تجارة النفط والشحن البحري أن إيران كانت تخفي وجهات مبيعاتها النفطية في 2012، من خلال إغلاق أنظمة تتبع السفن.

ولم تتلق رويترز أي ردٍّ على طلباتها للحصول على تعليق إيراني رسمي حول تلك المسألة، سواء في عام 2012 أو للتقرير الحالي.

وتصر إيران على أنها ستواصل تصدير النفط، وتقول إن العقوبات الأميركية ستؤدي إلى استمرار التقلبات في السوق.

ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة قوله، في 23 أكتوبر/تشرين الأول "لا يمكن وقف صادرات النفط الإيرانية".

وقال إسحاق جهانجيري، نائب الرئيس الإيراني، يوم الأحد "رغم العقوبات لن تنخفض صادرات إيران من النفط عن مليون برميل يومياً".

هل يذهب النفط الإيراني إلى خزانات في آسيا؟

مع تناقص عدد المشترين، من المنتظر أن تصل كميات كبيرة من الخام الإيراني إلى ميناء داليان في شمال شرقي الصين هذا الشهر، وفي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني.

وتعتزم الصين خفض مشترياتها من النفط الإيراني، في نوفمبر/تشرين الثاني، لكن ذلك لم يُثن إيران عن التخطيط لإرسال نفطها لمشترين مثل الهند والصين بغرض التخزين وليس الاستهلاك، مما يزيد صعوبة تحديد كميات النفط التي تصل إلى السوق، بحسب ما قالته المصادر.

وعادة لا يأخذ المحللون -الذين يقدرون إمدادات النفط من المنتجين إلى السوق- في الاعتبار الكميات التي تتجه للتخزين.

وقال مصدر مطلع على التفكير الإيراني، مشيراً إلى الهند "سنعطيهم النفط حتى ولو للتخزين لحسابنا هناك. وسنفعل الأمر نفسه مع الصين".

وتشير البيانات التي تم الاطلاع عليها حتى الآن، إلى أن صادرات الخام الإيراني في أكتوبر/تشرين الأول، لا تزال منخفضة عن مستوى 2.5 مليون برميل يومياً على الأقل، في أبريل/نيسان، قبل أن يعلن ترمب في مايو/أيار، انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية إيران النووية، ويعيد فرض عقوبات عليها.

وهبطت الصادرات دون 1.2 مليون برميل يومياً تحت وطأة عقوبات سابقة تم رفعها في أعقاب توقيع الاتفاقية النووية في 2015.

وقالت واشنطن إنها تريد خفض صادرات إيران النفطية إلى الصفر، لكن إيران والسعودية تقولان إن تحقيق ذلك أمر مستبعد. وتدرس إدارة ترمب منح إعفاءات من العقوبات للدول التي تقلص وارداتها من الخام الإيراني.

وتقول إيران إن أميركا ستمنح إعفاءات لدول مستوردة، مما سيتيح لشحناتها أن تستمر بمستوى أقل، حيث تدعي أن السعودية والمنتجين الآخرين لا يستطيعون تعويض صادراتها بالكامل.

وقال المصدر المطلع "الإعفاءات متوقعة، حيث لن تستطيع السعودية وروسيا التعويض".

تحميل المزيد