عشرات الوفيات في عدن بسبب الخمور.. Middle East Eye: الإمارات تتغاضى عن بيع الكحوليات المغشوشة ولا تتصدى للتجار

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/29 الساعة 13:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/29 الساعة 13:29 بتوقيت غرينتش
مقتل العديد في عدن بسبب الكحوليات/ رويترز

ضربت موجةٌ من الوفيات مدينة عدن الساحلية نتيجة استهلاك الكحول المصنوع محلياً، الذي انتشر في أنحاء المدينة منذ أن أصبحت تحت سيطرة القوات المدعومة من دولة الإمارات.

وقد تسببت الخمور السامة، التي ذكرت وسائل الإعلام المحلية أنها تحتوي على مواد قاتلة مثل الكيروسين، في مقتل 20 شخصاً على الأقل، من بينهم شخص يدعى تُمباكي، وهو شخصية معروفة في المدينة، بينما كان عشرات الأشخاص الآخرين في حالة خطيرة، حسبما قال تقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني.

ونقل التقرير عن طبيب في مكتب الصحة بعدن، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف أمنية: "خلال الأسبوع الماضي وصل العشرات إلى مستشفيات عدن وكانوا يعانون من آثار الخمور السامة. وتوفي ما لا يقل عن 20 شخصاً داخل المستشفيات، وقضى آخرون في منازلهم".

وأضاف: "هناك المزيد من الحالات التي لازالت تأتي. هناك آخرون جاءوا إلى المستشفيات قبل ذلك، لكن العدد الأكبر وصل الأسبوع الماضي".

الكحوليات كانت تستهلك بشكل قانوني في اليمن حتى عام 1990

الطبيب اليمني كشف أن معظم المرضى الذين عانوا من آثار الخمور السَّامة وصلوا إلى المستشفيات في حالة مزرية، ومات الكثير منهم؛ لأن الأطباء لم يتمكنوا من مساعدتهم.

وخلال الفترة من 1967 و1990 من عمر الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية، كان الكحول يُنتج ويُستهلك بشكل قانوني في جميع أنحاء اليمن الجنوبي.

ومع ذلك، عندما أُعيد توحيد اليمن عام 1990، اعتمدت البلاد دستوراً يستند إلى الشريعة الإسلامية، وأُغلقت جميع مصانع الكحول وحُظرت تجارة المشروبات الكحولية.

التقرير أشار إلى أنه على الرغم من أن المشروبات الكحولية كانت تُباع في بعض المنشآت المعينة في عدن، فإن أولئك الذين كانوا يشربونها اعتادوا أن يفعلوا ذلك سراً وبعيداً عن أعين السلطات. ومع ذلك، في السنوات الثلاث الماضية، ازدادت تجارة المشروبات الكحولية.

طبيب مكتب الصحة  في عدن أضاف: "هناك الكثير من الشباب المدمنين على الخمور ولا يمكنهم شراء النبيذ العالي الجودة أو المستورد بسبب أسعارهما الباهظة الثمن، لذا فهم يلجأون لشراء الخمور المحلية التي قد تؤدي إلى الوفاة".

وقال: "آمل أن تطارد السلطات في عدن تجار الخمور وتعاقبهم، لأنهم يقتلون مستقبل عدن والبلد بأسره".

الصيدليات تتعرض للاقتحام بحثاً عن المشروبات الكحولية

التقرير كشف على لسان صيدلي يمني يدعى  غمدان، أن العديد من الشباب يأتون إلى صيدليته كل يوم لشراء مشروب روحي، وهو سائل طبي يحتوي على إيثانول يستخدمه الأطباء بطريقة خاصة لعلاج الإصابات.

ونقل موقع Middle East Eye عنه قوله: "لا يمكننا فتح الصيدلية بعد الساعة التاسعة مساءً؛ لأن الرجال المسلحين يأتون لشراء المشروب الروحي بالقوة ويشربونه لأنه نوعٌ من المشروبات الكحولية، إذ هدد بعض الناس بقتلي إذا لم أعطهم زجاجة الكحول هذه، لذلك لم يكن لديّ أي خيار سوى أن أعطيها لهم. إذا قاومتهم، لن يحميني أحد".

وأكد نائب شرطة عدن في مدينة صيرة، سهيل إسكندر، أن فريقه قد رفع تقريراً إلى شرطة عدن وفتح تحقيقاً جنائياً في الخمور الخطرة.

سهيل إسكندر أضاف لموقع وزارة الداخلية على الإنترنت يوم الأربعاء الماضي 24 أكتوبر/تشرين الأول: "حققت الشرطة مع أقارب وأصدقاء الأشخاص الذين أصيبوا بالتسمم في مدينة صيرة يوم الخميس، وكشفت النتائج أن جميع الأشخاص الذين أصيبوا بالتسمم هم من مدمني الكحول".

وكشف: "في الحال بدأت الشرطة في البحث عن بائع الخمور السامة، لكننا فوجئنا بأن التاجر قد توفي في اليوم نفسه".

وأصدر النائب العام علي الأعوش توجيهاً لرئيس نيابة استئناف محكمة عدن بـ"التحقيق في واقعة وفاة عدد من المواطنين إثر تناولهم مادة مجهولة وتكليف وكيل النيابة المختص بالانتقال إلى المستشفى وسماع أقوال المصابين"، بحسب صحيفة عدن الغد.

واتهم سكان عدن الذين لا يتسامحون مع انتشار الكحول، سواء كان ساماً أو غير سام، الأجهزة الأمنية بالتواطؤ في تجارة الخمور في المدينة.

وحسبما قال هشام، أحد سكان عدن، لموقع Middle East Eye: "لا تريد الشرطة القضاء على تجارة الخمور، لكنها تريد القضاء على تجارة الخمور السامة".

وأضاف: "يمكن لأي شخص أن يذهب إلى صيرة ويجد تجار الخمور منتشرين في المنطقة، ولا شك أن الشرطة تعرفهم جيداً، لكنها لا تحاربهم لأنها تعتقد أن هذا نوع من الحرية".

وينصّ القانون اليمني على أن "يُعاقَب أي مسلم بالغ يشرب الخمر بثمانين جلدة ويُعاقب تاجر الخمر بالسجن لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات".

لكن السلطات لم تعتقل حتى الآن أي مشتبه به في بيع الخمور السامة، حتى مع استمرار وصول الحالات الحرجة إلى مستشفيات عدن.

سكان عدن يوجهون الاتهام إلى الإمارات

أعرب سكان محافظة عدن المحافظين عن قلقهم إزاء انتشار المشروبات الكحولية وغيرها من الممارسات في مدينتهم، إذ يرون أنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية.

وقال عقلان زُريقي، وهو مُعلِّمٌ في عدن، لموقع Middle East Eye، في إشارة إلى مطلب العديدين الذي لطالما نادوا به في جنوب البلاد وهو إعادة تشكيل يمن جنوبي مستقل: "إن مستنقع الفساد الأخلاقي قد أغرق المدينة، إننا نطالب جميعنا بالاستقلال لبناء بلدنا، لكن القوات المدعومة من الإمارات التي تسيطر على عدن فهمت الاستقلال بطريقة خاطئة، وتدعم الفساد الأخلاقي كجزء من الاستقلال".

وزعم قائلاً: "إن القوات المدعومة من الإمارات تعتقد أن انتشار مصانع الخمور هو أول مؤشر للاستقلال، لذا فهم لا يحاربون تجار الخمور، مشكلتنا ليست مع الحكومة والرئيس المنفي عبدربه منصور هادي، ولكنها بالأحرى مع القوى الجنوبية التي تزعزع سمعتنا".

وفي حين يدعم زريقي فكرة وجود جنوب يمني مستقل، يختلف مع بعض سياسات الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية التي قامت قبل عام 1990، مثل انتشار مصانع الخمور.

وقال زريقي: "نحن مسلمون ويجب أن نلتزم بتعاليم ديننا.. لا يمكن لأحد أن يوقف الثورة ضد الفساد الأخلاقي، فلا يُسعد أي شخص في اليمن أن يسمع أن الخمور السامة تقتل الناس بينما لم تعتقل السلطات تاجر خمور واحد".

وقارن وائل، في حديثه لموقع Middle East Eye، وهو أحد سكان المدينة كذلك، بين انتشار الخمور والممارسات الأخرى التي اعتبرها "غير أخلاقية" مثل الاغتصاب والسرقة والبغاء، وقال: "أعتقد أن القوات المدعومة من الإمارات تقود عدن نحو أسوأ حالة في التاريخ، إذ لم نسمع عن القوات التي ترحب بالفساد الأخلاقي في أي مكان في العالم إلا في عدن".

ودعا وائل التحالف الذي تقوده السعودية إلى مساعدة عدن على التخلص من الفساد الأخلاقي، إذ قال إن هذا الأمر أهم من أي قضية أخرى في الموقف الحالي.

وقال وائل: "لقد ساعدنا التحالف الذي تقوده السعودية على محاربة الحوثيين، وقد سمح للعشرات من السلوكيات السيئة الأخرى بالانتشار في المجتمع".

تحميل المزيد