سؤال واحد ينتظر أردوغان وترمب الإجابة عنه من السعوديين.. لكن الرياض لا تريد حتى الآن

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/27 الساعة 12:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/27 الساعة 12:48 بتوقيت غرينتش
الملك سلمان ونجله محمد بن سلمان

بعد مرور 24 يوماً منذ قتل فريقٌ من العملاء السعوديين الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، لا يزال المسؤولون الأميركيون والأتراك يطرحون نفس السؤال: أين الجثة؟

ويعد رُفات الصحافي السعودي الراحل حاسماً من أجل التدقيق في الروايات المتغيرة للحكومة السعودية وتحديد العقاب المناسب للمملكة الغنية بالنفط، التي تمثِّل شريكاً أساسياً في سياسة إدارة ترمب تجاه الشرق الأوسط، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأميركية.

وأمس الجمعة كثَّف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الضغط على الحكومة السعودية في خطابه وطالب بجثة خاشقجي.

فقال أردوغان: "هناك إعلان أنَّه قُتل، لكن أين الجثة؟ لابد أن تُظهروها".

ووفقاً لمسؤولين ودبلوماسيين أميركيين على دراية بالوضع، ظل الرئيس الأميركي دونالد ترمب يسأل لعدة أيام مساعديه عن جثة خاشقجي، لكنَّ واشنطن لا تزال لا تعلم شيئاً عن مكان وجود الجثة.

الرواية السعودية بشأن الجثة

وكان مسؤولون سعوديون قالوا مطلع هذا الأسبوع إنَّ جثة خاشقجي تم لفّها بسجادة وسُلِّمت إلى "متعاون محلي"، لكنَّ السلطات التركية تقول إنَّ أعضاءه قُطِّعت بطريقة بشعة استُخدِم فيها منشار عظام وحقائب كبيرة.    

وقالت أماندا سلوت، وهي باحثة في معهد بروكينغز ومطلعة على الشأن التركي: "العثور على الجثة في أي شكل يُضفي مصداقية على الرواية التركية، وفي حال ظهرت الجثة بالشكل الذي أشارت إليه التسريبات، فإنَّ ذلك يؤكد النية المُبيَّتة لهذه الجريمة وسينعكس سلباً على النظام السعودي".

وأطلعت جينا هاسبل، مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، الرئيس الأميركي ترمب، يوم الخميس 25 أكتوبر/تشرين الأول، على نتائج زيارتها الأخيرة إلى تركيا، حيث استمعت إلى تسجيلٍ لمقتل خاشقجي. لكن حتى بعد الاجتماع، أعلن المسؤولون الأميركيون بوضوح أنَّهم يحتاجون لمعلوماتٍ إضافية قبل اتخاذ أي إجراء عقابي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو: "مستمرون في البحث عن كافة الحقائق في هذه القضية. وعندما نحصل على معلومات أكثر سنتخذ إجراءات إضافية وفق ما تظهره الحقائق".

وأضاف المسؤول في الخارجية الأميركية أنَّ رفات خاشقجي "يجب إظهارها وتسليمها إلى عائلته لدفنها على نحوٍ ملائم بأسرع وقتٍ ممكن".

وثائق مهمة إضافية لدى تركيا

وأكد أردوغان في خطابه أنَّ تركيا لديها "معلومات ووثائق" إضافية حول مقتل خاشقجي ستظهرها في النهاية، وكرَّر دعوته للسعودية لتسليم الأشخاص الثمانية عشر الذين ألقت القبض عليهم في القضية إن لم تستطع السلطات السعودية "جعلهم يتكلمون". وفي وقتٍ لاحق من نفس اليوم، قالت وكالة أنباء الأناضول شبه الرسمية إنَّ الادعاء العام التركي "سيطالب" بتسليم هؤلاء الأشخاص المشتبهين.

وقال أردوغان: "سلموهم لنا لأنَّ الجريمة وقعت في إسطنبول. سنحاكمهم".

قال مسؤول تركي كبير، تحدث للصحيفة الأميركية شريطة عدم الكشف عن هويته، إنَّ تركيا تطلب تسليم المتهمين لأنَّ خاشقجي قُتِل على يد سعوديين سافروا إلى تركيا، ولأنَّ "من الواضح أنَّ النظام القضائي في تركيا مُجهَّز على نحوٍ أفضل لتحقيق العدالة بحقٍّ في هذه القضية".

وتضغط تركيا والولايات المتحدة، كلٌ بأساليبه، على السعودية لتقديم تفسيرٍ ذي مصداقية للجريمة التي أثارت إداناتٍ دولية ودفعت دولاً لإعادة تقييم علاقاتها مع المملكة التي تُعد قوة شرق أوسطية.

ويقول مسؤولون أميركيون وأجانب إنَّ عمليةٍ كهذه –تضم فريقاً من العملاء السعوديين- من المستبعد أن تتم دون علم قادة المملكة، بما في ذلك وليّ العهد الطموح محمد بن سلمان.

وفي أعقاب مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، قدَّمت السعودية تفسيراتٍ متغيِّرة لما حدث، فقالت في إحدى المراحل إنَّ خاشقجي غادر من مؤخرة المبنى سالماً، ثم قالت لاحقاً إنَّ موته نتج عن شجارٍ بالأيدي. لكن في يوم الخميس الماضي 25 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت البلاد أول اعتراف صريح لها بأنَّ العملية كانت "مُدبَّرة سلفاً". لم يأتِ أردوغان أمس الجمعة 26 أكتوبر/تشرين الأول على ذكر هذا التطور، بل انتقد الروايات السعودية السابقة باعتبارها "مضحكة".

فقال أردوغان:"هذه البيانات الطفولية لا تتوافق مع جديّة الوضع".

بالنسبة لأردوغان بحسب الصحيفة الأميركية، وفَّرت الجريمة الأسس للتصدي للسعودية، إحدى منافسيه الإقليميين، وإضعاف مصداقية وليّ العهد. وقد أبلغ محمد بن سلمان ووالده الرئيس ترمب ووزيرخارجيته مايك بومبيو، الذي سافر إلى السعودية الأسبوع الماضي، بأنَّهما لم يكن لديهما أي علم بوجود مؤامرة لقتل خاشقجي.

ترمب يتعرض لضغوط أيضاً

مع ذلك، تواجه إدارة ترمب ضغطاً للقيام بتحرك ضد المملكة، حتى على الرغم من كون تحالفها معها يُمثِّل ركيزة لاستراتيجيتها في الشرق الأوسط لمواجهة إيران. ووصف ترمب مقتل خاشجي بأنَّه "واحدٌ من أسوأ محاولات التستُّر في تاريخ عمليات الإخفاء".

وقالت الرياض في بيانها الخميس إنَّها علمت من المسؤولين الأتراك أنَّ المشتبهين بقتل خاشقجي "أقدموا على فعلتهم بنيةٍ مسبقة". كان البيان الإعلامي السعودي، المنسوب إلى النائب العام، مهماً لأنَّه نقل استنتاج تركيا، لكنَّه لم يُوضِّح ما إن كان المحققون السعوديون أنفسهم قد توصلوا لنفس الاستنتاج أم لا.

وقال بومبيو، مُتحدِّثاً خلال مقابلة جرت أمس الجمعة مع مُقدِّم البرامج الإذاعية المُحافِظ هيو هيويت: "أوضحت النيابة العامة السعودية أمس أنَّ ما حدث كان قتلاً بنيةٍ مسبقة، ونحن مستمرون في معرفة الحقائق".

وأضاف: "أوضح الرئيس تماماً أنَّنا سنحاسب أولئك المسؤولين، لكنَّ أميركا لديها مصلحة استراتيجية مهمة طويلة الأمد في علاقتها مع الملكة العربية السعودية، وسنقوم بهذين الأمرين في نفس الوقت، سنحمي مصالحنا ونحاسب المسؤولين".

تحميل المزيد