أدان قتل خاشقجي، وغازل أردوغان، ثم مدح قطر! ما الذي أراده محمد بن سلمان في خطابه بمؤتمر «دافوس الصحراء»؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/25 الساعة 09:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/25 الساعة 09:24 بتوقيت غرينتش
Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman speaks during the Future Investment Initiative Forum in Riyadh, Saudi Arabia October 24, 2018. Bandar Algaloud/Courtesy of Saudi Royal Court/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY.

قالت صحيفة Wall Street Journal الأميركية، إن وصف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مقتل الصحافي جمال خاشقجي بأنه أمر شنيع، وحديثه بنبرة تصالحية مع تركيا، بأنها أقوى محاولاته لتجاوز الأزمة، وإصلاح العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة وأنقرة.

وتعهَّد محمد بن سلمان، يوم أمس الأربعاء 24 أكتوبر/تشرين الأول، في أول تصريحٍ له بشأن مقتل خاشقجي يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول في القنصلية السعودية بإسطنبول، بأن يتعاون مع السلطات التركية، بينما تتعرَّض مملكته إلى ردود فعل عالمية عنيفة بسبب حادثة القتل.

محمد بن سلمان يحاول إخماد العاصفة الدبلوماسية المتنامية على بلاده

وبهذه التصريحات، إضافةً إلى مكالمةٍ بين ولي العهد، البالغ من العمر 33 عاماً، وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يهدف الأول إلى إخماد عاصفة دبلوماسية متنامية من جرَّاء اتهام المسؤولين الأتراك القيادةَ السعودية بذبح الصحافي عبر تسريبات إعلامية.

وقال محمد بن سلمان في مؤتمر صحافي بالرياض: "ذلك الحادث مؤلمٌ لكل السعوديين. إنه أمرٌ شنيع وغير مبرر إطلاقاً".

وتنقل الصحيفة الأميركية عن مسؤول غربي مقيم في الخليج قوله إنَّ محمد بن سلمان كان يوجِّه رسالة مفادها: "نحن والأتراك يمكننا التوصل إلى اتفاق".

وأضاف المسؤول، مشيراً إلى السعوديين: "لم يكن لديهم خيار آخر. إنهم محاصرون وعليهم أن يتحدثوا بنبرة تصالحية. ليس بإمكانهم الرد على الهجوم".

جديرٌ بالذكر أنَّ الولايات المتحدة اتخذت إجراءات دبلوماسية، من ضمنها إلغاء تأشيرات سفر 21 مسؤولاً سعودياً تعتقد أنهم متورطون في مقتل خاشقجي. وقد يلي ذلك مزيدٌ من العقوبات، بما في ذلك عقوبات مالية تُطبَّق على منتهكي حقوق الإنسان، وتلك احتمالية لمح إليها مشرِّعون أميركيون.

وقال ولي العهد إنه لن يدع الحادث "يُحدث وقيعة" بين تركيا -إحدى أكبر القوات العسكرية في المنطقة- والسعودية. وأضاف محمد بن سلمان، في أثناء مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي يحمل اسم "دافوس الصحراء"، قائلاً: "لن تحدث هذه الوقيعة".

يُذكَر أنَّ الكثير من المسؤولين التنفيذيين الغربيين قاطعوا المؤتمرَ بسبب مقتل خاشقجي.

وأضاف ولي العهد يوم الأربعاء أنَّ السعودية سوف تتعاون مع السلطات التركية لإكمال التحقيق وتقديم المذنبين إلى العدالة. وقال: "سوف نُثبت للعالم أنَّ الحكومتين تتعاونان لمعاقبة أي مجرم وأي مذنب، وسوف تأخذ العدالة مجراها في النهاية".

وتناقش محمد بن سلمان مع أردوغان في مكالمتهما الهاتفية بشأن الخطوات اللازمة التي سيتخذها البلدان للتعامل مع قضية خاشقجي، وذلك وفقاً لتصريحاتٍ من الحكومة السعودية، والإعلام الحكومي التركي.

وقد جاءت تصريحات محمد بن سلمان بعدما عارض أردوغان يوم الثلاثاء التبريرات السعودية بأنَّ خاشقجي قد قُتل بالخطأ في شجار بالقنصلية، موجِّهاً أشد اتهاماته إلى السلطات السعودية.

ما وراء تصريحات محمد بن سلمان وظهوره بهذا الشكل؟

شدَّد ترمب الضغط على محمد بن سلمان بقوله يوم الثلاثاء إنه لا يستبعد احتمالية تورُّط ولي العهد.

إذ صرَّح ترمب لصحيفة Wall Street Journal الأميركية قائلاً: "إن (محمد بن سمان) يدير الأمور، لذا لو كان أحدهم مسؤولاً، فسيكون هو".

وقد شدَّدت إدارة ترمب على مطالبتها بإجابات بشأن مقتل خاشقجي، وفي الوقت ذاته، دافعت عن العلاقات الأميركية السعودية.

وقال مسؤول أميركي إنَّ محمد بن سلمان بدا أنَّه يحاول بظهوره يوم الأربعاء الموازنة بين إقراره بالشجب الدولي وبين إعلانه ثقته في مكانه بصفته الوريث المُفترض لأبيه.

وقال المسؤول إنَّ أفراد الأسرة الملكية السعودية، الذين عملوا في الولايات المتحدة، يدركون مدى جدية القضية، لكنَّ المقرَّبين من ولي العهد "لديهم يقين أشد بأنَّ الأمر سيمُر".

بينما لم تُصدر وزارة الخارجية الأميركية رداً على ظهور محمد بن سلمان العلني. وفي تلك الأثناء، كان من المُفترض لمُديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل التي سافرت إلى تركيا هذا الأسبوع في إطار تحقيق إداري، أن تعود إلى واشنطن اليوم الخميس 25 أكتوبر/تشرين الأول.

من جانبه، أطلَع الملك سلمان وزيرة الخارجية البريطانية والرئيس الفرنسي يوم الأربعاء على الإجراءات التي اتخذتها المملكة لمعرفة كيف مات خاشقجي، مُشدِّداً على التزام المملكة بمعاقبة المذنبين، وذلك وفقاً لوزير الخارجية السعودي.

وقد صارت أزمة خاشقجي بؤرة الاشتعال الأحدث بين تركيا والسعودية، اللتين تتنافسان على النفوذ في الشرق الأوسط. وقد زاد التوتر بينهما بعدما دعمت تركيا  قطر العام الماضي، وذلك بعدما قطعت السعودية وحلفاؤها الإقليميون المقرَّبون العلاقات الدبلوماسية بينهم وبين قطر، وفرضوا عليها حصاراً اقتصادياً.

ومن أسباب الخلاف الأخرى بين البلدين تعاطف تركيا مع جماعة الإخوان المسلمين، أقوى الحركات الإسلامية في المنطقة، التي تعُدُّها السعودية جماعة إرهابية.

لا مؤشرات على استبعاد محمد بن سلمان من منصبه

وفي إشارة إلى أنَّ موقف السعودية الصارم تجاه قطر ربما يلين، أثنى ولي العهد على اقتصادها يوم الأربعاء، وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي إنَّ ذلك التصريح كان هدفه توجيه "رسالة قوية بشأن وحدة المنطقة".

وترى الصحيفة الأميركية أنه لا توجد مؤشرات إلى أنَّ الملك السعودي مستعد لإبعاد ابنه عن منصبه، وذلك رغم حملة الضغط التركية التي سرَّبت أدلة لإلحاق أكبر ضرر ممكن بموقف المملكة.

وقد طالب أردوغان يوم الثلاثاء بأن يخضع المسؤولون ذوو الرتب الرفيعة أيضاً إلى المساءلة.  

وقد أكدت الحكومة السعودية تأكيداً متكرراً أنَّ محمد بن سلمان لم يكن على دراية بالعملية، وكلَّف الملك سلمان ابنه بإجراء إصلاح شامل لوكالة الاستخبارات السعودية، وتلك إشارة إلى أنه لن يواجه عواقب مباشرة.

وحتى الآن، احتجزت السلطات السعودية 18 رجلاً على صلة بحادث القتل، وأقالت مسؤولين بارزين مقرَّبين من ولي العهد.

تحميل المزيد