بوتين لم ينطق بالكلمة التي يريدها السيسي، ولكنهما اتفقا في ملفات عدة.. إليك تطورات قضيتي السياحة والمفاعل النووي

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/18 الساعة 21:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/19 الساعة 01:23 بتوقيت غرينتش
Russian President Putin and Egyptian President al-Sisi attend a signing ceremony following their meeting in Sochi

 إنشاء منطقة صناعية روسية في مصر، تعاون عسكري، واتفاقية شراكة شاملة، عناوين كبرى ميَّزت الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لروسيا مؤخراً، ولكن ماذا عن عودة السياحة الروسية إلى مصر ، هل تم الإتفاق بشأنها؟.

في تاسع قمة بينهما، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، محادثات بمنتجع سوتشي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وفي أثناء المحادثات، وقَّع بوتين والسيسي اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي، فضلاً عن مذكرة تعاون متبادل بين وزارتي الخارجية في البلدين بشأن الموضوعات السياسية الاستراتيجية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Izvestia الروسية.

ووفقاً لما صرح به بوتين، جرت المحادثات مع الرئيس المصري في أجواء يسودها الانسجام والتخطيط لأعمال مستقبلية، وتم التباحث بشأن عودة السياحة الروسية إلى مصر.

زيادة كبيرة في التبادل التجاري

وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الروسي، أفاد فلاديمير بوتين بأنه "خلال العام الماضي (2017)، ارتفع حجم التجارة بين البلدين بنسبة 68%، بمبلغ يناهز 6.7 مليار دولار.

كما ارتفع في الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني 2018 إلى أغسطس/آب من السنة الجارية، بنسبة 28% مقارنة بعام 2017″.

في الوقت نفسه، تقوم موسكو والقاهرة بتنفيذ مشاريع مشتركة واسعة النطاق.

أبرزها مشروع المنطقة الصناعية في قناة السويس

ومن أبرز المشروعات التي سبق الاتفاق بشأنها، توقيع الجانبين في مايو/أيار 2018، على اتفاقية تقضي بإنشاء منطقة صناعية ولوجيستية روسية في منطقة قناة السويس.

وستضم هذه المنطقة العديد من المؤسسات، من ضمنها مصانع الأدوية.

وسيسهم إنشاء هذه المنطقة بمصر في ضخ أموال أجنبية بالبلاد. أما بالنسبة لروسيا، فيسهّل عليها ذلك وصول بضائعها إلى دول أخرى في المنطقة، حسب الصحيفة الروسية.

وروسيا تَعِد بضح مزيد من الاستثمارات؛ فهي تتعامل مع مصر كمعبر للقارة الإفريقية

وقال بوتين إن روسيا تخطط لإنجاز استثمارات في المنطقة، تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار، ما يضمن خلق أكثر من 35 ألف وظيفة جديدة.

ومن المفترض أن يتم توجيه المنتجات المصنَّعة في هذه المنطقة ليس فقط إلى مصر، ولكن أيضاً إلى الشرق الأوسط والأسواق الإفريقية.

وفي الوقت الراهن، يستعد الجانب الروسي والمصري لعقد مفاوضات بشأن إنشاء منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي ومصر.

وعلى الأرجح، ستُعقد الجولة الأولى من المفاوضات قبل نهاية العام الجاري (2018).

كما أن هناك تعاوناً عسكرياً مشتركاً

كما كان التعاون المتزايد بين البلدين في المجال العسكري حاضراً خلال الزيارة.

فقد أشار الرئيس الروسي إلى المناورات التكتيكية المشتركة للقوات الجوية والتي تجري في مصر خلال هذه الأيام.

ويطلَق على هذه المناورات، التي أضحت أمراً تقليدياً، اسم "المدافعون عن الصداقةـ2018″، ويشارك فيها نحو 200 جندي روسي.

وذكرت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق، أنه من المقرر أن تُستخدم عدة مطارات، وأكثر من 15 طائرة هليكوبتر وطائرات لأغراض مختلفة، بالإضافة إلى مشاركة 10 وحدات عسكرية، وأكثر من 400 جندي من البلدين، في هذه المناورات.

ميج 29 الني أعلنت روسيا عن بدء توريدها إلى مصر/Wikipedia
ميج 29 الني أعلنت روسيا عن بدء توريدها إلى مصر/Wikipedia

وفيما يتعلق بتزويد مصر بالأسلحة الروسية، فهناك محادثات جارية بشأن منح مصر مجموعة واسعة من المعدات العسكرية التي قد تحتاجها لأغراض دفاعية.

وسبق أن وقَّعت مصر صفقات لشراء أسلحة روسية بقيمة مليارات الدولارات، من ضمنها الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر الهجومية، عندما زار بوتين القاهرة في ديسمبر/كانون الأول 2018.

كما وقَّع المسؤولون على اتفاق مع روسيا لبناء محطة للطاقة النووية في الضبعة، حسب تقرير لوكالة "أسوشييتد برس" الأميركية.

وقال يوري أوشاكوف، مستشار الشؤون الخارجية لبوتين، قبل اللقاء، للصحافيين، إن الرئيسين سيناقشان تنفيذ عقد المصنع النووي، بالإضافة إلى آفاق استئناف الرحلات إلى منتجعات البحر الأحمر، وغيرها من القضايا.

وقال إنه سيتم تقديم عرض إلى السيسي عن الأسلحة الروسية، وضمن ذلك تلك التي أعربت مصر عن رغبتها في شرائها.

وهناك تشابه لافت في المواقف إزاء قضايا المنطقة

تتبنى موسكو والقاهرة الموقف ذاته إزاء بعض القضايا السياسية. ففي المقام الأول، تعتبر كل من روسيا ومصر "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية، حسب الصحيفة الروسية.

كما تجمع كل من روسيا ومصر رؤية مشتركة بشأن حل الأزمات المختلفة التي ما زالت مستعرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وخلال الزيارة، أشار بوتين إلى ضرورة بذل جهد جماعي من أجل إعادة بناء الاقتصاد السوري، وخلق ظروف ملائمة لعودة اللاجئين.

وبالنسبة لليبيا، يحاول الجانبان الروسي والمصري تنسيق الأعمال فيما بينهما هناك، وفقاً للصحيفة الروسية.

مواقف السيسي وبوتين تجاه خليفة حفتر متشابهة
مواقف السيسي وبوتين تجاه خليفة حفتر متشابهة

وفي هذا الصدد، قال بوتين إن "روسيا ومصر ستواصلان البحث بشكل مشترك، عن طرق للتغلب على الانقسام السياسي الداخلي الذي ينخر ليبيا، حتى تستعيد سيادتها وتحافظ على وحدة أراضيها".

من جانبه، ذكر الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه شارك نظيره الروسي وجهة نظره الخاصة حول الوضع في ليبيا، قائلاً: "أطلعت الرئيس الروسي على جهود القاهرة الرامية إلى توحيد الجيش الوطني الليبي، من أجل إنجاز مهامه على أكمل وجه".

وأضاف السيسي: "لقد ناقشنا أيضاً نتائج الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، التي أظهرت بوضوحٍ مدى خطورة الاعتماد على الجماعات المسلحة فيما يتعلق بالمسائل الأمنية".

ولكن، يظل هَمُّ السيسي الأكبر هو عودة السياحة الروسية إلى مصر

عودة السياحة الروسية إلى مصر ، هي الكلمات التي يريد المصريون أن يسمعوها من بوتين أكثر من أي شيء، بعد نحو 3 سنوات من تعليقها بسبب تفجير طائرة روسية فوق سيناء.

وفي هذه الزيارة كسابقاتها لم تخرج هذه الكلمات من فم بوتين، ولكن الرئيس المصري استمع منه على الأقل لكلمات مشجعة، ولكن غير حاسمة بشأن احتمال عودة السياحة الروسية إلى مصر .

إذ صرّح بوتين بعد المحادثات التي جمعته مع السيسي، قائلاً: "لاحظنا أن الجانب المصري بصدد اتخاذ التدابير اللازمة لزيادة مستوى الأمان بالبلاد. لذلك، سنسعى في المستقبل القريب إلى استئناف الرحلات الجوية المتجهة نحو شرم الشيخ والغردقة".

أما الرئيس المصري، فقد قال في كلمته أمام البرلمان الروسي، إن عودة السياحة الروسية إلى مصر واستئناف الرحلات الروسية للمناطق السياحية بالبحر الأحمر التي توقفت عام 2015، لهو أمر ضروري لصناعة السياحة المصرية،.

ووزير الخارجية الروسي يتحدث بدوره عن موضوع السياحة، ولكنه أيضاً لم يحسم الأمر

وفي عمود نشرته صحيفة "الأهرام" المصرية قبيل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لموسكو، الأسبوع المقبل، أشاد لافروف بما وصفه بـ"شراكة متعددة الأوجه" مع مصر.

وتطرق لافروف إلى موضوع عودة السياحة الروسية إلى مصر ، قائلاً في التعليق الذي نُشر بالعربية في الصحيفة: "من المهم اليوم مواصلة الجهود المشتركة التي تستهدف دعم سلامة المواطنين في البلدين، وضمن ذلك على متن الطائرات".

بوتين ولافروف تحدثا بشكل فيه تلميح إيجابي عن عودة السياجة الروسية إلى مصر ولكن دون حسم/REUTERS
بوتين ولافروف تحدثا بشكل فيه تلميح إيجابي عن عودة السياجة الروسية إلى مصر ولكن دون حسم/REUTERS

وأوقفت روسيا حركة الطيران المدني إلى مصر في أكتوبر/تشرين الأول 2015، بعد أن فجَّر متشددون إسلاميون قنبلة على متن طائرة روسية كانت قد غادرت منتجع شرم الشيخ السياحي؛ ما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 224 شخصاً.

ومنذ ذلك الحين، سمحت مصر للخبراء الروس بتفتيش ترتيبات أمن مطارها عدة مرات، ووقَّع البلدان على اتفاقية تشمل أمن الطيران المدني، من أجل عودة السياحة الروسية إلى مصر.

واستؤنفت الرحلات الجوية بين موسكو والقاهرة في أبريل/نيسان 2018، لكن مصر تأمل ضمان عودة الرحلات الجوية الروسية إلى منتجعاتها في البحر الأحمر.

وكان تعليق السياحة الروسية بمثابة ضربة لصناعة السياحة في مصر، وهي مصدر رئيسي للعملة الصعبة، خاصة أن الروس كانوا يشكلون نسبة مهمة من السياح الوافدين إلى مصر.

الأمر الذي أكسب عودة السياحة الروسية إلى مصر طابعاً اقتصادياً ورمزياً في الوقت ذاته.

المفاعل النووي مقابل عودة السياحة.. حقيقة الصفقة العالقة

وربطت تقارير إعلامية بين تأخير عودة السياحة الروسية وصفقة تشييد الروس المفاعل النووي المصري، وسط حديث عن مساومات متبادلة بين البلدين حول الملفين.

وقال موقع مدى مصر  في تقرير نشر منذ فترة أن جهات حكومية وأمنية مصرية- فضلاً عن قسم التشريع بمجلس الدولة- أبدت تحفظات عديدة على العقود الفنية

غير أن رئاسة الجمهورية أبدت حماسة شديدة لإطلاق المشروع بصرف النظر عن تلك الملاحظات، حسب الموقع.

وخلال زيارة السيسي إلى روسيا الأخيرة، عقد وزير الكهرباء المصري، محمد شاكر، لقاء مع مسؤولي الشركة الروسية المسؤولة عن إنشاء المحطة النووية، أكدوا خلاله التزامهم التام بكل بنود التعاقد على تنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج النووي المصري لتوليد الكهرباء، حسبما ذكر موقع "اليوم السابع" المصري.

وقال أيمن حمزة، المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية، إن الشركة الروسية المسؤولة عن إنشاء المحطة النووية أعلنت أنه سيتم الانتهاء من الأعمال الخاصة بتصميمات المفاعلات النووية الأربعة بقدرة 1200 ميغاوات لكل مفاعل فى 2020.

ونقل الموقع عن المتحدث قوله أنه سيتم البدء في إنشاء أول مفاعل نووي بالعام نفسه.

تحميل المزيد