رئاسة برهم صالح تصب في مصلحة العراق والمنطقة.. Middle East Eye: نهجه المتزن مفيد لمواجهة المرحلة العسيرة المقبلة

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/09 الساعة 21:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/09 الساعة 21:18 بتوقيت غرينتش
Barham Salih, Iraq's newly elected president, delivers a speech at the parliament headquarters, in Baghdad

اعتبر محللون أميركيون أن رئاسة برهم صالح تصب في مصلحة العراق والمنطقة بأكملها، وقد تساهم علاقاته مع إيران وواشنطن في ضبط الأمور مع تزايد التوتر بين المعسكرين.

اختيار يحمل أخباراً سارة للبلاد والمنطقة

يُعَد صالح شخصاً مُثقَّفاً جداً وخبيراً، ويسعى بقوة لتعزيز الحوار والتعايش المشترك.

فضلاً عن أنَّه يعرف التعقيدات وأوجه القصور التي تعانيها بلاده، والمصالح المركبة لدول الجوار، وكيفية مخاطبة المجتمع الدولي للإبقاء على دعم العراق.

ومع أنَّ أحكام الدستور العراقي تُقيِّد صلاحياته، فإن الرئيس الجديد سيتمكّن بالتأكيد عبر سلطاته من الارتقاء بوضع الرئاسة في السياسة العراقية.

ومن المأمول أن يكون قادراً كذلك على تخفيف تعقيدات نظامها السياسي.

نهجٌ متزن في ظل التوتر الأميركي مع إيران

يحظى صالح بتقدير في واشنطن وطهران، فقد حافظ على قنوات اتصال فعالة مع العاصمتين، إضافة إلى العواصم الأوروبية الرئيسية والعربية الأخرى.

وسيكون نهجه المتزن وخبرته عاملَيْن مُفيدين في الأوقات العسيرة القادمة، التي يهيمن عليها تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.

وإذا تمكن صالح من التوصل إلى شخص مستعد للإنصات إليه، يمكن أن يؤدي دوراً مهماً في توجيه واشنطن بعيداً عن ارتكاب مزيد من الأخطاء المصيرية في المنطقة.

ويمكنه كذلك أن يلطِّف من شدة بعض "الغرائز الأساسية" القادمة من بعض الدوائر السياسية في طهران.

رئاسة برهم صالح في مصلحة العراق والدليل أولى قراراته

وفور تولي صالح منصبه الجديد، تصرَّف بطريقة مختلفة عن أي سياسي آخر وصل إلى مثل هذا المنصب الرفيع. فبعد ساعتين فقط من تأديته القسم، كلَّف عادل عبدالمهدي رسمياً بتشكيل حكومة جديدة.

كان أي شخص آخر غيره سينتظر أياماً، وربما أسابيع، لمجرَّد أن يُظهِر سلطاته التي حصل عليها للتو، ويُنسَب إليه الفضل في التوافق السياسي حول اختيار عبدالمهدي.

يمكن أن يُشكِّل تزامن انتخاب الرئيس مع تعيين رئيس الوزراء الجديد واحداً من أهم الأحداث الواعدة التي انتظرها العراق لأعوام كثيرة.

البداية في المناطق المحرَّرة من داعش

لا شك أنَّ القيادة العراقية الجديدة تواجه تحديات هائلة؛ إذ إن تقديم حكم رشيد للشعب العراقي سيكون مسألة حتمية لضمان أن التضحيات الكبيرة في مواجهة داعش لم تذهب سدى.

وتعتلي بعض الأولويات قائمة طويلة ممَّا يجب فعله:

تتمثل أولى هاتين الأولويتين في إعادة الخدمات الأساسية إلى السكان، ولا سيما في منطقتين مهمتين: وهما المناطق التي تحرَّرت من قبضة داعش والمناطق الموجودة في جنوبي العراق، التي تعرَّضت لإهمال على مرِّ عقودٍ زمنية، وتقف الآن على حافة كارثة بيئية.

بينما تكمن الأولوية الثانية في محاربة الفساد، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية لجذب الاستثمارات، وإنعاش الاقتصاد، وإعادة الإعمار بعد الحرب.

تُعَد هاتان المسألتان قنابل موقوتة يجب على القادة العراقيين الجدد نزع فتيلها. نعم، تحقق الانتصار في الحرب ضد داعش، لكن هذا لا يعني أن الأمن في البلاد استُعيد من جديد.

فـ20 ألف جهادي ما زالوا طلقاء في البلاد

إذ تشير مصادر عراقية موثوقة رفيعة المستوى إلى أنَّ 20 ألف جهادي على الأقل ما زالوا طلقاء في البلاد، ليس فقط في الجزء الغربي منها، بل في شمالي العاصمة العراقية بغداد وغربيها وغربي الموصل وكركوك.

تأتي هذه الأولوية في المرتبة الثالثة بالنسبة للحكومة العراقية الجديدة؛ فقد انتصرت في الحرب، غير أنها تحتاج إلى استخباراتٍ مضادة وجهود كبيرة، من أجل إبادة داعش كلياً وإحلال السلام.  

ومع ذلك، يُستشعَر نسيمٌ منعش بسبب التطورات السياسية الجديدة؛ إذ ينأى العراق بنفسه عن الطائفية الدينية والعرقية التي كانت مشهودة من قبل.

وصار لدى الكتل السياسية ترتيبات عابرة للطائفية والعرقية.

نضجٌ سياسي لدى جمهور الناخبين السنّة

تتجلَّى إحدى علامات النضج السياسي في العراق في أنَّ وحدات الحشد الشعبي ذاتها -وهي ميليشيا مدعومة من إيران أدَّت دوراً رئيسياً في هزيمة داعش- صارت منخرطةً في تقديم خدماتٍ لجهمور الناخبين السُّنَّة الساخطين.

جديرٌ بالذكر أنَّ سُنَّة العراق تأثَّروا من جراء تحول ميزان القوى في البلاد، ووحشية داعش، والدمار الذي فرضه الصراع في الأعوام الأربعة الماضية.

ويأتي انتخاب صالح لرئاسة الجمهورية بعد أن اتَّخذ نواب البرلمان قرارهم باستقلالية، وجاء ذلك ضد رغبة الحزب السياسي الكردي الرئيسي المتمثل في الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وتخوف من استمرار النظر عبر عدسة القوى المتنازعة

وبالرغم من هذه التطورات المشجعة، اعتبر موقع Middle East Eye البريطاني، أن التحليلات والتغطيات الإعلامية المتعلقة بالعراق ستواصل اتباع المنهجية الصفرية.

وذلك استناداً إلى "العقلية الثنائية التي ترى تطورات البلاد عبر عدسة لعبة القوى بين الولايات المتحدة وإيران وحلفائهما الإقليميين"، على حد وصف الصحيفة.

جديرٌ بالذكر أنَّ النتائج السياسية الأخيرة في بغداد لم تنجُ من مثل هذا التوصيف، وتوقعت الصحيفة أن هذا الاتجاه سيستمر على الأرجح.

إذ تشير شائعات راسخة إلى أنَّ اختيار عادل عبدالمهدي لمنصب رئيس الوزراء جاء نتيجة اتفاق ثلاثي بين أهم الشخصيات الشيعية صاحبة النفوذ في المنطقة: وهم قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني؛ وحسن نصرالله، أمين عام حزب الله اللبناني؛ والزعيم العراقي مقتدى الصدر.

ومن ثَمَّ، فإذا كان العراق مباراة ملاكمة، فقد فاز سليماني على بريت ماكغورك -موفد الرئيس الأميركي للتحالف الدولي ضد داعش في العراق- بفارق النقاط.

بينما تشير تقارير أخرى إلى وصول أموالٍ طائلة إلى بغداد من الخليج للتأثير في النتائج السياسية العراقية الأخيرة تأثيراً مُضرِّاً بمصالح إيران.

ويُذكَر أنَّ وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس اتهم طهران باتباع ممارسة مماثلة في الحملة الانتخابية الأخيرة في الربيع ماضي.

ولكن من المبكر الافتراض أن قادة العراق الجدد في معسكر إيران

تقول الحقيقة الوحيدة المؤكدة حتى الآن، إنَّ حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي السابق الذي كان الخيار الأول لواشنطن في منصب رئيس الحكومة- قد نُحِّيَ جانباً.

وبالرغم من جدارته في الصراع الناجح ضد داعش، اتَّضح أنَّ بعض التحفظات عليه في طهران، والمعاملة الباردة تجاهه من مرجعية النجف مسألتان لا يمكن تخطّيهما.

بغضّ النظر عن ممارسات الاستشراف، سيكون خطأً كبيراً الاستعجالُ في وضع القادة العراقيين الجدد في معسكر إيران.

غير أنه سيكون خطأً أكبر الاعتقادُ بأنهم على استعدادٍ لقبولِ الرواية المناهضة لإيران التي تقدمها واشنطن والرياض وإسرائيل، وإلحاق العراق بالائتلاف المناهض لإيران المُشكَّل في العواصم الثلاث.

مهمة يجب على الرئيسين الجديدين تأديتها إلى جانب خدمة الشعب العراقي

لسوء الحظ، تكون الرواية المناهضة لإيران في العواصم الغربية والعربية في بعض الأحيان أقرب إلى الوساوس.

ومن ثَمَّ، فإن صالح وعبدالمهدي سيضطران إلى تبديد الشكوك التي تقول إن ثمة خطةً نظَّمتها إيران وراء الهيكل المؤسسي العراقي المشهود مؤخراً، كما لو أنَّ ليس لديهما شيءٌ أهم من ذلك ليفعلانه.

يمتلك كلاهما السمعة والمصداقية والخبرة والجرأة لتحقيق هذا الهدف، إضافة إلى الهدف الأهم بكثير: تلبية مطالب الشعب العراقي.

علامات:
تحميل المزيد