محمد بن سلمان: السعودية موجودة قبل أميركا بـ30 عاماً.. لكن مهلاً، هل هذا صحيح فعلاً؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/05 الساعة 21:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/06 الساعة 13:02 بتوقيت غرينتش
This image is a vector illustration and can be scaled to any size without loss of resolution.

في حواره مع وكالة بلومبيرغ الأميركية، عقَّب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على قول ترمب: "لن تبقوا أسبوعين دون الولايات المتحدة".

أجاب بن سلمان قائلاً: "السعودية كانت موجودة قبل الولايات المتحدة الأميركية، إنها موجودة منذ عام 1744، أعتقد قبل أكثر من 30 عاماً من وجود الولايات المتحدة الأميركية".

فما الذي قصده ولي العهد السعودي؟

إنها "إمارة الدرعية"، أو "الدولة السعودية الأولى" التي بدأت في قرية الدرعية الصغيرة التي تقع غرب الرياض الحالية.

 

ما هي إمارة الدرعية؟

هي دولة تأسست في نجد أو وسط الجزيرة العربية عام 1744، أسسها أمير الدرعية محمد بن سعود آل مقرن، واتخذها عاصمة له.

واستمرت الإمارة، التي سُميت لاحقاً الدولة السعودية الأولى، في التوسع، حتى سقطت عام 1818 على يد جيش مصري عثماني بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي، حاكم مصر.

بدأ محمد بن سعود من الدرعية، والتقى محمد بن عبد الوهاب، واتفق الرجلان على إقامة دولة تقيم الشريعة، وتزوج ابن أمير الدرعية بابنة الشيخ كتأكيد للتحالف بينهما.

كانت القرية الصغيرة التي تسمى الدرعية مجاورة لأمراء آخرين، وسرعان ما وقعت اشباكات بين الإمارة وجيرانها، وحدثت أيضاً صراعات داخلية على عرش الإمارة الصغيرة حتى استقرت في عهد محمد بن سعود بعد أن خلع أهل الدرعية سلفه موسى بن ربيعة عام 1720.

في هذه الأثناء، كان محمد بن عبد الوهاب، الشيخ المعروف بحفظه القرآن ودراسته العلوم الشرعية في مكة والمدينة والبصرة، يدعو الناس للتمسك بـ"عقيدة السلف الصالح"، وبدأ مع مجموعة مسلحة بهدم القبور والأضرحة في الأحساء، وأمر حاكم الأحساء بقتله فتوجه الشيخ لأحد طلابه بالدرعية، وسرعان ما توافد عليه طلاب القرية وبينهم أخوا أمير الدرعية محمد بن سعود، وسرعان ما توطدت العلاقة بينهما ووقَّعا وثيقة عُرفت باسم: "ميثاق الدرعية"، أو "تأسيس الدولة السعودية الأولى".

محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الاولى الجالس في الكرسي وعلى يمينه الشيخ محمد بن عبدالوهاب

بعد توقيع الميثاق، بدأ توسُّع التحالف السعودي-الوهابي، واشتعلت حروب كثيرة مع خصوم الدولة الوليدة من الأمراء، وخاصة مع أمير الرياض وأمير ثرمداء، اللذين قاتلا ضد توسُّع إمارة الدرعية، لكن انتصار التحالف الوليد أسقط الرياض في أيدي الدولة الناشئة، ووقعت بعدها العيينة أيضاً، وتوالى بعدها سقوط إقليم العارض.

بعد ذلك، توسعت الإمارة وضمت أقاليم الوشم وسدير والخرج ثم القويعية التي بايعت بن سعود والشيخ عبد الوهاب عام 1755.

لاحقاً، انضمت القصيم وبريدة وجبال شمر في التحالف الجديد، وتوسع السعوديون شرقاً في نجد والأحساء، وهجموا على مناطق كثيرة شرق الرياض، قاموا بإخضاعها بالقوة وضمها إلى لدولتهم.

نهاية الإمارة التي صارت دولة

لم يدم التوسع السعودي طويلاً، فمع بداية القرن التاسع عشر كانت الدولة الناشئة على موعد مع صدام كبير على السيادة على الحرمين الشريفين في مكة والمدينة.

فقد تم ضم مكة والمدينة عام 1805، وتوسع السعوديون غرباً وضموا الحجاز، وهاجم بعضهم قوافل عثمانية تجارية، فصدر أمر عثماني لحاكم مصر، محمد علي باشا، بشن حملة على الدولة السعودية الأولى واسترجاع مكة والمدينة للحكم العثماني.

وهنا وقعت المواجهة الكبيرة

هاجم باشا مصر محمد علي باشا الدولة السعودية الأولى نهاية عام 1807، لكن توترات داخلية في مصر أخَّرت إتمام الحملة.

وفي الحملة الثالثة بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي والي مصر، خسر السعوديون معارك كثيرة، ووقعت العاصمة الدرعية في قبضة إبراهيم باشا، الذي دمرها وأنهى الدولة السعودية الأولى، وقبض على حاكمها عبد الله بن سعود، حيث جرى نفيه وإعدامه مع كبار رجال الدولة.

وسقطت الدولة الثانية أيضاً

وانتهت "السعودية الأولى" تماماً، وتلتها الدولة السعودية الثانية التي أنشأها تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود سنة 1818، ولكنها لم تتوسع مثل سابقتها، وبقيت محصورة في العاصمة الرياض وما حولها.

وتسببت الصراعات الداخلية بين الأمراء أحفاد الأمير تركي في إضعاف الدولة، حتى سقطت تماماً على يد آل رشيد حكام إمارة جبل شمر سنة 1891.

ثم جاءت "السعودية الثالثة"

بدأ الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود في تأسيس دولته، مستنداً إلى ميراث الدولتين السابقتين، واستولى عام 1902 على الرياض.

وتوسعت إمارة الرياض حتى ضمت عام 1921 أراضي نجد بعد أن انتصرت في حروبها مع إمارة حائل التي كانت تحكم وسط الجزيرة العربية، وأصبحت تسمى "سلطنة نجد".

ولاحقاً، انتزع عبد العزيز مملكة الحجاز من الهاشميين (الحكام التاريخيين للحجاز وغرب الجزيرة العربية) عام 1926، وبعدها بـ6 سنوات جمع المناطق التي سيطر عليها في كيان واحد وسماها "ألمملكة العربية السعودية".

لكن هل نشأت بالفعل قبل الولايات المتحدة الأميركية؟

على الجانب الآخر من العالم، كانت الهجرة قائمة من أوروبا إلى أميركا على قدم وساق.

وأصدرت المستعمرات البريطانية الـ13 بالقارة الأميركية إعلان الاستقلال في الرابع من يوليو/تموز عام 1776، والذي نص على استقلالهم عن بريطانيا العظمى وتشكيل حكومة اتحادية.

وهزمت الولايات المتمردة بريطانيا العظمى في الحرب الثورية الأميركية، وهي أول حرب لمستعمرين يحصلون على الاستقلال.

لكن الاستيطان الإنكليزي في العالم الجديد بدأ قبل ذلك بأكثر من قرن ونصف قرن، فقد تأسست مدينة جيمستاون سنة 1607 في أراضي فرجينيا، وتلتها مستعمرات أخرى.

وكان أبناء هذه المستعمرات يشتغلون بالزراعة والتعدين والتجارة، وتدفَّق المهاجرون من أوروبا إلى العالم الجديد، حتى حاربوا بريطانيا وانتصروا عليها، وتم التصديق على  الدستور الأميركي الحالي في السابع عشر من سبتمبر/أيلول عام 1787؛ وهو ما جعل تلك الولايات جزءاً من جمهورية واحدة لها حكومة مركزية قوية. كما تم التصديق على وثيقة الحقوق في عام 1791، وتضم 10 تعديلات دستورية، لتضمن الكثير من الحقوق المدنية الأساسية والحريات.

على الجانب الآخر من العالم، كانت "التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية" هي ما يعادل أول دستور مكتوب للحجاز، وكان قبل تأسيس "المملكة العربية السعودية" نفسها، وبالتحديد عام 1926، وكان تطبيقه صعباً؛ بسبب التوترات الداخلية في المملكة الوليدة.

تحميل المزيد