يبدأ أكثر من مليوني مسلم، قدِموا من مختلف بقاع الأرض، مناسك الحج الأحد 19 أغسطس/آب 2018، في مكة المكرمة، من يوم التروية الذي يسبق الركن الأعظم بالحج؛ وهو الوقوف بعرفة.
ويشارك أكثر من مليوني مسلم في الحج هذا العام (2018)، بحسب الإحصائيات الرسمية، مقابل 1.86 مليون حاج في 2016 و24 ألفا فقط في 1941.
ويؤدي الحجاج الطواف حول الكعبة مع بداية الشعائر، ثم يقومون بالسعي بين الصفا والمروة قبل أن يتوجهوا إلى مِنى في يوم التروية، ومنها إلى عرفات على بُعد 10 كيلومترات.
وبعد يوم الوقوف في عرفات، ينزل الحجاج إلى منطقة مزدلفة فيما يعرف بالنفرة، ويجمعون الحصى فيها لاستخدامها في شعيرة رمي الجمرات. وفي اليوم الأول من عيد الأضحى، يقوم الحجاج بالتضحية بكبش ويبدأون شعيرة رمي الجمرات في منى.
تحدٍّ لوجيستي كبير
ويشكل الحج تحدياً لوجستياً كبيراً للسلطات التي أعلنت الجمعة 17 أغسطس/آب 2018، أنها مستعدة لتأمين حسن سيره.
وأطلقت السلطات السعودية هذا العام (2018)، مبادرة "حج ذكي" الذي يتمثّل بتطبيقات هاتفية تساعد الحجاج في كل شيء من الترجمة إلى الخدمات الطبية مروراً بمناسك الحج.
ووضع الهلال الأحمر السعودي تطبيق "أسعفني" لمساعدة الحجاج الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة. وبإمكان السلطات تحديد مكان الحجاج باستخدام التطبيق.
كما أطلقت وزارة الحج والعمرة تطبيق "مناسكنا" للترجمة للحجاج الذين لا يتكلمون العربية ولا الإنكليزية.
أكبر تجمع بشري في العالم
ويعدّ الحج من أكبر التجمعات البشرية سنوياً في العالم. ويشكل أحد الأركان الخمسة للإسلام، وعلى من استطاع من المؤمنين، أن يؤديه على الأقل مرة واحدة في العمر.
ويترافق الحج عادة مع تدابير أمنية مشددة؛ إذ تخللته خلال أعوام سابقة حوادث تدافع أودت بحياة 2300 شخص في 2015، بينهم عدد كبير من الحجاج الإيرانيين.
ويشارك حجاج إيرانيون في مناسك هذا العام، بعد أن كانت طهران علقت مؤقتاً إرسال مواطنيها إلى الحج بعد حادثة التدافع.
ومرّ موسم الحج العام الماضي (2017) من دون حوادث كبرى، إلا أن الأزمة مع قطر ألقت بظلالها على الحدث الديني السنوي وتبادلت الرياض والدوحة الاتهامات بتسييس المناسك.
ترجمة على مدار الساعة
ويعمل 80 مترجماً في قسم الإرشاد على مدار الساعة؛ لمساعدة الحجاج باللغات الإنكليزية والفرنسية والفارسية والمالاوية والتركية والصينية والهوسا، بالإضافة إلى الأوردو، التي تعد اللغة الأكثر انتشاراً في الحج.
ويرتدي المترجمون سترات رمادية اللون، عليها اسم اللغة التي يتحدثونها؛ ليقترب منهم الحجاج الذين يحتاجون إلى مساعدة.
ويقترب حجاج من شاب يرتدي سترة رمادية اللون تدل على أنه مترجم، للاستفسار عن اللافتة التي عُلقت بجانبه في الطريق إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة حول ترجمة خطبة يوم عرفة بلغات مختلفة.
ويشرح المترجم باللغة الفرنسية للحجاج كيفية استخدام تطبيق على الهاتف للاستماع إلى الترجمة الفورية بلغات مختلفة للذين لا يتحدثون اللغة العربية منهم.
ويقول مازن الصاعدي المسؤول في إدارة الترجمة بالمسجد الحرام، إن "نحو 80%" من القادمين إلى مكة ليسوا من العرب. ويضيف: "اللغة الأردية هي أكثر اللغات انتشاراً بين الحجاج، تليها اللغة الإنكليزية".
وفي شوارع المدينة، يمشي حجاج عرب وآسيويون وأوروبيون وأفارقة وغيرهم بعضهم بقرب بعض، ولا يوجد بينهم أي أمر مشترك سوى الدين.
ولا يتحدث كثيرون أي لغة سوى لغاتهم الأصلية ولا يفهمون اللغة العربية؛ ما يؤدي في بعض الأحيان إلى صعوبات في التواصل.
وكانت الإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين ومصر قطعت علاقاتها مع قطر في الخامس من يونيو/حزيران 2017، بعدما اتهمتها بدعم "الإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة. وفرضت هذه الدول حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على قطر.
وأكدت السلطات السعودية هذه السنة السماح للحجاج القطريين بحضور الحج.
من جهة أخرى، تأتي مناسك الحج هذا العام بينما تشهد السعودية موجة غير مسبوقة من التغييرات، بينها السماح للسيدات بقيادة السيارات الذي بدأ تطبيقه في حزيران/يونيو الماضي، وانفتاح على الخارج، ووسط أزمة سياسية مستمرة بين السعودية وقطر.