في أول رد رسمي على قرار وزارة الخزانة الأميركية بشأن العقوبات على وزراء أتراك، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت 4 أغسطس/آب 2018، أن أنقرة ستجمّد ممتلكات وزيري العدل والداخلية الأميركيين في تركيا إن وجدت، في إطار المعاملة بالمثل.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في المؤتمر العام للجناح النسوي في حزب العدالة والتنمية، اليوم السبت، بالعاصمة التركية أنقرة.
وقال أردوغان: "سنجمد ممتلكات وزيري العدل والداخلية الأميركيين في تركيا إن وجدت".
وشدّد على أن "الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الولايات المتحدة بخصوص القسّ (أندرو) برانسون لا تليق بشريك استراتيجي".
وكانت واشنطن قد أعلنت الأربعاء الماضي نيتها فرض عقوبات على وزيري العدل التركي عبدالحميد غُل، والداخلية سليمان صويلو، متذرعة بعدم الإفراج عن القس الأميركي برانسون الذي تتواصل محاكمته في تركيا.
وجرى حبس "برانسون" في 9 ديسمبر/كانون الأول 2016، على خلفية عدة تهم تضمنت ارتكابه جرائم باسم منظمتي "غولن" و"بي كا كا" اللتين تصنفهما تركيا بأنهما كيانات إرهابية تحت مظلة رجل دين، وتعاونه معهما رغم علمه المسبق بأهدافهما.
الحوار وصل لطريق مسدود
وفشلت الولايات المتحدة وتركيا، أمس الجمعة، في حل الخلاف الدبلوماسي بينهما حول القس الأميركي الموقوف في تركيا، ما يمهّد لجولة جديدة من الصراع بين أردوغان وترمب.
اجتماع بين وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو وصل إلى حائط مسدود بشأن إطلاق تركيا سراح القس أندرو برانسون، الذي تتهمه تركيا بالقيام بنشاطات لحساب رجل الدين عبدالله غولن إثر محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.
أوغلو رد في تصريحات متلفزة من سنغافورة، حيث يشارك مع بومبيو في قمة لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، قائلاً: "نقول منذ البداية إن لهجة التهديد والعقوبات لن تحقق نتيجة. وكررنا ذلك اليوم".
إذ كان بومبيو أعلن قبلها أنه تم إبلاغ "الأتراك أن الوقت نفِد، والوقت قد حان لإعادة القس برانسون، وآمل أن يدركوا أن ذلك دليل على تصميمنا الكبير".
ومضى بومبيو يقول: "يجب أن يعود برانسون إلى بلاده، والأمر نفسه بالنسبة إلى جميع الأميركيين الذين تحتجزهم الحكومة التركية"، مضيفاً: "إنهم يحتجزونهم منذ فترة طويلة، وهم أبرياء".
تصريحاتٌ جاءت بعد يومين من فرض الولايات المتحدة عقوبات على وزيري العدل عبدالحميد غول، والداخلية سليمان سويلو التركيَّين، على خلفية القضية، ما حمل أنقرة على التلويح بإجراءات مماثلة.
إذ قالت الإدارة الأميركية إن الوزيرين لعبا دوراً مهماً في توقيف القسّ برانسون واحتجازه.
والعقوبات المالية مقابل إطلاق القسّ رسائل إنذار لسوق الأسهم
كانت خطوة العقوبات لافتة للنظر؛ نظراً إلى طبيعة العلاقات التاريخية الأميركية-التركية. ففي نهاية المطاف، البلدان حليفان في "الناتو"، وتركيا تستضيف قوات أميركية وقاعدة جوية استراتيجية جنوبي البلاد. ومع أنَّ العقوبات رمزية في معظمها -فهي تستهدف أصول مسؤولَين تركيَّين اثنين فقط في الولايات المتحدة- فإنَّها بعثت برسائل مثيرة للقلق لسوق الأسهم التركية، وتسبَّبت في تراجع الليرة التركية المُثخَنة بالفعل إلى مستويات منخفضة جديدة.
فالقس جندي في لعبة جيوسياسية كبيرة
لكنَّها لم تكن مفاجئة تماماً. فبرانسون، الذي يعيش ويقوم بالتبشير في تركيا منذ أكثر من عقدين، بيدقٌ في لعبة جيوسياسية أوسع كثيراً، وينظر المسؤولون الأميركيون إليه باعتباره "رهينة". وكان اعتُقِل في خضم حملة التطهير الواسعة في تركيا، التي أعقبت محاولة فاشلة لإطاحة حكومة أردوغان في 2016. وتتهم السلطات التركية برانسون بالتواطؤ في الانقلاب الفاشل -مثله مثل عشرات الآلاف من الأتراك- وهو الاتهام الذي ينفيه.
وتولى نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، وهو مسيحي إنجيلي، التعامل مع قضية برانسون بشراسة، وركَّز على تديُّن القس. وهو التركيز الذي انتقده مراقبو الشأن التركي في الولايات المتحدة، الذين يريدون من البيت الأبيض إظهار مزيدٍ من الاهتمام بالسجناء السياسيين الآخرين في تركيا. لكنَّ ترمب أشاد بقبضة أردوغان الحديدية، وأشار طوال فترة توليه المنصب إلى الرئيس التركي باعتباره شخصاً قد يُنجِز الأعمال معه.
وغرَّد بنس على حسابه في تويتر قائلاً: "فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية قاسية على تركيا، وستواصل ذلك إلى أن يطلق الرئيس أردوغان والحكومة التركية سراح القس برانسون، ويعيدان هذا الرجل المؤمن البريء إلى الولايات المتحدة".
اقرأ ايضاً