«سرقوا قرنيته!»: القانون يسمح بنزعها دون موافقة المتوفى، والدين يحرّمه.. أما المصريون فيتساءلون

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/02 الساعة 17:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/02 الساعة 17:28 بتوقيت غرينتش
An ophthalmologist conducts free cataract surgery on a patient in Manila January 16, 2011. In celebration of the 400th anniversary of the University of Santo Tomas, the Tzu Chi Foundation, a Buddhist charitable organization, has collaborated with doctors from the university's ophthalmology department to provide free cataract removal operations for 400 patients from needy families. REUTERS/Cheryl Ravelo (PHILIPPINES - Tags: HEALTH SOCIETY EDUCATION)

أثار مقطع فيديو جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، لأسرة تستغيث وتدَّعي أنه تمت سرقة قرنية نجلها، ردود فعل غاضبة في الشارع المصري، خاصة بعد اعتراف مستشفى قصر العيني الحكومية بصحة الواقعة، وبأنها استأصلت بالفعل الطبقة السطحية من قرنية المواطن المتوفى الذي يستغيث ذووه بالفيديو، مؤكدة في الوقت نفسه أن ما فعلته أمر قانوني.

فضيـــــــــــــــــــــحة

"أأغيثونا"فضيـــــــــــــــــــــحة القصر العيني يسرق قرنية مريض متوفي والأسرة تستغيث

Geplaatst door ‎محمد جمال هلال‎ op Zondag 29 juli 2018

القانون يسمح بنزع القرنية.. ليست سرقة إذاً!

دفعت موجة الانتقادات التي أثارها المقطع المصور عميد كلية طب قصر العيني، الدكتور فتحي خضير، إلى الظهور في العديد من البرامج التلفزيونية؛ لتأكيد أن ما فعله أطباء مستشفاه أمر قانوني 100%، وأن ما جرى استئصاله هو الطبقة السطحية للقرنية، التي تعد نسيجاً وليست عضواً؛ وذلك من أجل إنقاذ آلاف المواطنين من العمى.

بمراجعة حديث "خضير"، تبيَّن استناد مشروعية عملية استئصال قرنيات المتوفين دون إذن ذويهم إلى القانون رقم 79 لسنة 2003، بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 103 لسنة 1962، والخاص بتنظيم بنوك قرنيات العيون؛ وإلى قرار وزير الصحة رقم 234 لسنة 2003، بتعديل بعض أحكام قانون رقم 103 لسنة 1962؛ وكذلك إلى الكتاب الدوري رقم 22 لسنة 2008 الصادر من النائب العام بشأن إعادة تنظيم بنوك قرنيات العيون.

يسمح القانون والقرار الوزاري وكِتاب النائب العام المشار إليها، للمستشفيات المرخص لها بإنشاء بنوك قرنيات العيون وللمستشفيات الأخرى التي يحددها وزير الصحة، بالحصول على قرنيات العيون من: أ- قرنيات عيون الأشخاص الذين يوافقون موافقة كتابية على نقلها بعد وفاتهم بغير مقابل. ب- قرنيات قتلى الحوادث. ج- قرنيات عيون الموتى بالمستشفيات والمعاهد المرخص لها بإنشاء بنوك قرنيات العيون.

وبحسب النصوص القانونية ذاتها، "لا يشترط موافقة أحد، سواء كان المتوفى أو ورثته أو ذويه، قبل الحصول على قرنيات العيون في الحالات المنصوص عليها بالفقرتين ب، ج"، أي قرنيات عيون قتلى الحوادث والمتوفين بالمستشفيات والمعاهد المرخص لها بإنشاء بنوك قرنيات العيون.

مفاجأة أخرى تكشَّفت بالبحث؛ وهي أن القانون المصري رقم 5 لسنة 2010، الذي ينظم نقل الأعضاء البشرية وزراعتها، وتسمح وزارة الصحة بناء عليه بالتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، بشرط وجود وصية موثقة في الشهر العقاري- يستثني في مادته رقم 26 استئصال القرنيات، من أحكام هذا القانون عبر الإبقاء على القانون 103 لسنة 1962 ساري المفعول.

ورغم هذه النصوص القانونية، فإن رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص الطبية بوزارة الصحة، الدكتور علي محروس، قال في تصريحات صحافية إن "مسألة نقل القرنية من متوفى دون علم أهله لا تجوز، ويعاقب عليها القانون"، كما أكد عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب خالد هلالي، أن "واقعة قصر العيني لن يتم السكوت عنها، وستُغلَّظ العقوبات على المسؤولين عنها"، دون أن يوضحا الدوافع القانونية التي يستندان إليها.

لكنَّ الدين يحرمها!

أكد عميد كلية طب قصر العيني، الدكتور فتحي خضير، في تصريح تلفزيوني، وجود فتوى من مفتي الجمهورية عام 2003 تسمح بالحصول على الطبقة السطحية من قرنية المتوفى، باعتبارها نسيجاً وليست عضواً، لكن بالرجوع إلى موقع دار الإفتاء المصرية تبيَّن أنه لا وجود لهذه الفتوى.

حقيقة سرقة قرنية متوفى في مستشفى قصر العيني

واقعة استصال قرنية متوفي حقيقية، عميد مستشفى قصر العيني قال إنهم أخذ الطبقة السطحية للقرنية عشان يستغلوها في إنقاذ المصابين بالعمى وفقًا للقانون اللي بيسمح لها بده.✅✅.لمزيد من التفاصيل عن القانون اضغط هنا: https://bit.ly/2M21g2n#الحقيقة_فين

Geplaatst door ‎متصدقش‎ op Woensdag 1 augustus 2018

بدلاً من ذلك، وجدنا فتوى صدرت عام 2013، من المفتي الدكتور شوقي علام، بعنوان "نقل القرنية من متوفى"، وفي ثناياها ساوى المفتي بين التبرع بالقرنية بعد الموت والتبرع بأي عضو آخر، ووضع عدة ضوابط للتبرع، يهمنا منها الضابط رقم 3، الذي ينص على: "أنْ يَكونَ الميتُ المنقولُ منه العضو قد أَوْصَى بهذا النَّقْل في حياته وهو بِكَامِلِ قُوَاهُ العقلية وبُدُونِ إكْرَاهٍ مادِّيٍّ أو مَعْنَوِيٍّ، وعالِماً بأنه يُوصِي بعُضوٍ مُعَيَّنٍ مِن جسده إلى إنسانٍ آخَر بعد مَمَاتِهِ، وبحيث لا يُؤَدِّي النقلُ إلى امْتِهَانٍ لِكَرَامَةِ الآدَمِيِّ، بمَعْنَى أنه لا تَتَضَمَّنُ الوصيةُ نَقْلَ كَثِيرٍ مِن الأعضاء بحيث يَصِيرُ جَسَدُ الآدَمِيِّ خَاوِياً؛ لأنَّ هذا يُنَافِي التكريمَ الوارِدَ في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾". وهذا يعني أنه لا يجوز نقل القرنية دون وصية.

وبالنسبة للكنيسة القبطية الأرذوكسية، كبرى الكنائس المصرية، فقد حث البابا شنودة في إحدى عظاته على التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، قائلاً: "التبرع بالأعضاء أحسن من أن يأكلها الدود"، دون أن يوضح إن كان هذا يجب أن يتم بإذن المتوفى ووصيته أو بغيرهما.

وهناك دول أخرى فعلتها قبل مصر

جزء كبير من الغضب بعد حادثة استئصال قرنية المواطن المشار إليها آنفاً، كان سببه عدم حصول المستشفى على إذن المتوفى قبل وفاته أو إذن ذويه بعد وفاته.

تبيَّن بعد البحث أن هناك العديد من دول العالم لا تقْدِم على استئصال أي عضو أو نسيج من جسد المتوفى دون وصية منه أو إذن من أقاربه، مثل هولندا التي يراجع أطباؤها بعد الوفاة سجل المانحين، وهل المتوفى مسجل كشخص مانح أم لا، فإذا لم يكن مسجلاً أو ترك الأمر لأسرته لتحديد ما يُفعل بجسده بعد الموت، فيتم الرجوع إلى العائلة للحصول على موافقة بالتبرع، ويحق للمتوفى قبل الوفاة وكذلك لعائلته بعدها رفض التبرع بأعضائه.

ورغم ذلك، توجد العديد من الدول أيضاً التي تعتبر المتوفى بها متبرعاً بأعضائه آلياً ما لم يرفض ذلك قبل وفاته، منها فرنسا على سبيل المثال، التي أقرت قانوناً مطلع عام 2017، يجعل من جميع المواطنين متبرعين مفترَضين بأعضائهم بعد الوفاة، ما لم يرفضوا ذلك صراحة عبر التسجيل في سجل رفض التبرع، أو بالتوقيع على رفض كتابي وتركه مع أحد الأقارب، أو تقديم شهادة شفوية إلى أحد الأقارب الذين سيحتاجون بعد ذلك للإقرار بهذه الرغبة للفريق الطبي المكلف فحص جثمان المتوفى.

الأمر ذاته ينطبق على إسبانيا، التي أقرت قانون الموافقة المفترضة على التبرع ما لم يوصِ المتوفى بخلاف ذلك قبل أكثر من 25 عاماً، وهو ما جعلها الآن دولة رائدة في التبرع بالأعضاء، وتحث بريطانيا الخُطى منذ مطلع العام الجاري (2018)، لإقرار قانون الموافقة المفترضة هي الأخرى.

والقوانين مليئة بالتفاصيل

أثارت حادثة استئصال قرنية متوفى قصر العيني دون إذن أهله، المخاوف من وجود نصوص قانونية خفية أخرى، تسمح للمستشفيات في مصر باستئصال أعضاء من أجساد المتوفين دون وصية منهم أو إذن من ذويهم.

باستثناء القانون رقم 178 لسنة 1960 بشأن تنظيم عمليات جمع وتخزين وتوزيع الدم ومُركّباته، والقانون رقم 103 لسنة 1962 في شأن إعادة تنظيم بنوك العيون، فإن القانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية، هو المنوط به تنظيم عمليات التبرع كافة ونقل الأعضاء والأنسجة وزراعتها.

وبناء على القانون الأخير، لا يجوز إجراء أي عملية نقل للأعضاء البشرية سوى بوجود إذن كتابي من المتبرع الحي، ووصية موثَّقة بالشهر العقاري لمن يرغب في التبرع بعد وفاته.

ورغم صدور القانون الأخير ولائحته منذ نحو 8 سنوات، فإنه لم يفعَّل منه سوى جزء واحد وهو الخاص بالتبرع بالأعضاء من الأحياء إلى الأحياء؛ إذ منحت اللجنة العليا لزراعة ونقل الأعضاء البشرية بوزارة الصحة، منذ إقرار القانون عام 2010 وحتى أواخر عام 2017، 16 ألف موافقة على نقل الأعضاء، كلها من أحياء إلى أحياء.

وفيما يخص نقل الأعضاء من المتوفين حديثاً إلى الأحياء، لم تفتح وزارة الصحة المصرية باب تلقي الوصايا الموثقة من الشهر العقاري لمن يرغب في التبرع بالأعضاء بعد وفاته، سوى في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017، وإلى الآن لم يجرِ التطبيق الفعلي لعملية التبرع بالأعضاء البشرية بعد الوفاة، أي إنه لم تُجرَ عملية قانونية واحدة في مصر لنقل الأعضاء من المتوفين حديثاً إلى الأحياء، وذلك باعتبار أن القرنية نسيج وليست عضواً، كما أكد عدد من أساتذة الطب المصريين.

علامات:
تحميل المزيد