نعم نعلم أن القمة بين بوتين وترمب كانت سرية ولم يحضرها إلا القليلون، لكن روسيا كشفت تفاصيلها وهذه أبرز القضايا

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/21 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/21 الساعة 16:28 بتوقيت غرينتش
Imagen de archivo. El presidente de EEUU, Donald Trump, se reúne con el presidente ruso, Vladimir Putin, durante la cumbre del G20 en Hamburgo, Alemania, el 7 de julio de 2017. REUTERS / Carlos Barria

قدَّمت روسيا أمس الجمعة 20 يوليو/تموز تفاصيل إضافية بشأن ما قالت إنَّها اتفاقات جرى التوصل إليها في القمة الرئاسية التي عُقِدَت بالعاصمة الفنلندية هلسنكي هذا الأسبوع بين الرئيسين الأميركي والروسي، مُشكِّلةً رواية للقاء دون أن تؤكدها إدارة ترمب أو تقدم رواية بديلة.

وعلى نحوٍ غير مفاجئ، مالت خطوط القصة الروسية للتحيز لصالح وصفات سياسة الكرملين، أحياناً بما يتناقض مع استراتيجية الإدارة الأميركية المعلنة، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأميركية

وقال الجنرال ميخائيل ميزينتسيف، رئيس مركز الدفاع الوطني الروسي، إنَّ روسيا أرسلت بالفعل مقترحات رسمية إلى واشنطن من أجل القيام بجهودٍ أميركية-روسية مشتركة لتمويل إعادة إعمار سوريا التي دمَّرتها الحرب وتسهيل إعادة ملايين السوريين الذين فرّوا من البلاد، وذلك بعد "اتفاقاتٍ جرى التوصل إليها" من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

سوريا كانت الموضوع الرئيسي

وقال ميزنتسيف، مُتحدِّثاً في موسكو في جلسة مشتركة لمخططين من وزارتي الدفاع والخارجية، إنَّ روسيا بدأت بالفعل العمل على الأرض في كلا المجالين، لكنَّ هناك حاجة لموارد إضافية وتنسيقٍ دولي.

وعلى صعيدٍ منفصل، قال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف، إنَّ سوريا كانت الموضوع الرئيسي في محادثات ترمب-بوتين، إلى جانب "إزالة المخاوف الموجودة لدى الولايات المتحدة بخصوص الادعاءات المعروفة بشأن التدخُّل المزعوم في الانتخابات (الأميركية)".

وقال مسؤولون بالإدارة مراراً في الماضي إنَّه لا مساعدة أميركية ولا أوروبية ستذهب إلى أي جزء في سوريا لا يزال تحت السيطرة الآخذة بالاتساع للرئيس بشار الأسد المدعوم من روسيا.

وعند سؤال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي حول المزاعم الروسية المُتعلِّقة بالتوصل إلى اتفاقات في القمة، قال: "كما ذكر الرئيس ترمب، اتفق الجانبان على متابعة ما جاء في لقاءات الرئيسين، وهذه النقاشات جارية. لم تكن هناك التزامات للقيام بأي عمل ملموس، بخلاف الاتفاق على أنَّ كلا الجانبين يجب أن يواصلا المباحثات".

وقال المتحدث، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنَّ مجلس الأمن القومي الأميركي ونظراءه الروس "مستمرون في حوارٍ على مستوى العمل" لمراجعة اقتراحات بوتين من أجل تشكيل "مجموعة إلكترونية (سيبرية)" جديدة و"استئناف مجموعة لمكافحة الإرهاب". وقالت الإدارة إنَّ الرئيسين ناقشا أيضاً تشكيل مجموعات من رجال الأعمال والدبلوماسيين المتقاعدين وضباط الجيش لتقديم أفكار للتعاون، بحسب الصحيفة الأميركية.

عودة اللاجئين وإحلال السلام في سوريا

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، متحدثاً للصحفيين في الولايات المتحدة بعد لقاءاتٍ أجراها في كوريا الشمالية، إنَّه "كان هناك نقاشٌ بين الرئيس ترمب والرئيس بوتين حول الحل في سوريا وكيف قد نُعيد اللاجئين"، لكن لم يُقدِّم تفاصيل.

وقال بومبيو إنَّه "سعيد" بأنَّ ترمب يرغب في زيارة الرئيس الروسي لواشنطن هذا الخريف لمواصلة مباحثاتهما. وقال للصحفيين: "أعتقد أنَّ الأمر برمته جيد".

ويُعَد انسحاب القوات الإيرانية "من جميع أنحاء سوريا" على رأس استراتيجية الإدارة تجاه إيران، التي جرى توضيحها مؤخراً في خطابٍ رئيسي من جانب الوزير بومبيو في مايو/أيار الماضي، ويُمثِّل إقناع روسيا بالمساعدة في تحقيق هذا الهدف مسوغاً رئيسياً لتواصل الإدارة الأميركية مع روسيا.

وتصدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة لرغبة ترمب المعلنة في سحب القوات الأميركية الصغيرة نسبياً الموجودة حالياً في سوريا، حيث نظَّمت وسلَّحت قوات محلية وكيلة للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". ويُنظَر إلى إبعاد القوات الأميركية على الأرض، التي يصل عددها حالياً إلى نحو 2200، باعتباره يُقلِّص أي نفوذ موجود لدى الولايات المتحدة للضغط على كلٍ من روسيا وإيران، بحسب الصحيفة الأميركية.

أميركا لا تصدق الروس

ولا تُصدِّق الاستخبارات الأميركية بأنَّ الروس سيفون بوعودهم. إذ قال مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية دانيال كوتس الخميس 19 يوليو/تموز في منتدى أسبن للأمن: "تقييمنا أنَّه من المستبعد أن يكون لدى روسيا الرغبة أو القدرة للتطبيق الكامل والتصدي لقرارات ونفوذ إيران" في سوريا. وأضاف: "سيكون على روسيا تقديم التزامات أكبر بكثير في سوريا من ناحيةٍ عسكرية ومن ناحيةٍ اقتصادية. وتقييمنا أنَّهم ليسوا متحمسين لفعل ذلك".     

وأمس الجمعة، قال السفير الروسي لدى إيران ليفان جاغاريان إنَّه لا نية لدى موسكو للضغط على إيران للانسحاب، ونفى أي توتر بين البلدين.

وقال لوكالة أنباء Interfax الروسية: "إنَّنا نتفاعل بنشاطٍ مع إيران، على الأرض وفي المسار السياسي". وأضاف أنَّه "كما هو الحال بالنسبة للحضور العسكري الروسي" في سوريا، فإنَّ الحضور العسكري الإيراني هناك "شرعي لأنَّ حضورنا العسكري وحضور إيران العسكري يأتي بطلبٍ من الحكومة الشرعية للجمهورية العربية السورية".

وبقدر ما ركَّز الرئيسان ترمب وبوتين على سوريا خلال مؤتمرهما الصحفي في هلسنكي، قال كلاهما إنَّهما يعملان لمعالجة المخاوف الإسرائيلية بشأن القوات الإيرانية قرب حدودها، حيث يقاتل الأسد لاستعادة منطقة لا تزال تحت سيطرة المعارضة جنوب غرب سوريا.

وأعلن المكتب الإعلامي للكرملين الجمعة أنَّ بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحادثا هاتفياً، وكذلك فعل وزيرا دفاعيهما. وذكرت وكالة Interfax عن السفير الروسي لدى إسرائيل قوله إنَّهما توصلا إلى "تفاهم" بشأن انسحاب "وحدات مسلحة معروفة بعينها.. لكيلومترات كثيرة" من الحدود السورية مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.

وصرَّح مكتب نتنياهو فقط بأنَّ الرجلين تحدثا بشأن التطورات في المنطقة، وأنَّ نتنياهو "أشار إلى أنَّ إسرائيل ستواصل التحرك ضد الترسُّخ العسكري الإيراني في سوريا".

رحلة البحث عن المعلومات

كان كوتس من بين عديدين من مسؤولي الأمن القومي البارزين الذين قالوا إنَّهم لم يجرِ إطلاعهم بعد على قمة هلسنكي. وفي حين التقى وزير الدفاع جيم ماتيس ترمب الخميس، فإنَّ قادة عسكريين كباراً آخرين لا يزالون يتوقعون الحصول على معلومات من الرئيس أو مستشاره لأمن القومي جون بولتون الأسبوع المقبل. ومن المقرر أن يُدلي بومبيو، الذي شارك في لقاءٍ موسع حضره المساعدون بعد اللقاء الفردي بين ترمب وبوتين، بشهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأربعاء المقبل 25 يوليو/تموز.

وقدَّم السفير الأميركي لدى روسيا جون هانتسمان إحاطة أولية لدبلوماسيي الدول الحليفة في موسكو بعد القمة. ويوم الخميس، أطلع مسؤولٌ في مجلس الأمن القومي الأميركي في واشنطن ممثلين من دول "العيون الخمس" –كندا، وبريطانيا، وأستراليا، ونيوزيلندا- التي تمثل جزءاً من اتفاق استخباراتي متعدد الأطراف مع الولايات المتحدة، وأكَّد لهم المسؤول أنَّه "لم تُعقَد أي اتفاقات" في هلسنكي ولم تجرِ أي "مفاوضات"، وذلك وفقاً لأحد الحضور.

الوضع في أوكرانيا كان على الأجندة أيضاً

ونُوقِشت قضية أوكرانيا أيضاً في اللقاء. وكانت الأزمة في أوكرانيا قضية ذات حساسية خاصة لحلفاء الولايات المتحدة، وذلك بالنظر إلى إشارة ترمب السابقة بأنَّه يجب أن تنتمي شبه جزيرة القرم -التي ضمتها روسيا في عام 2014- لروسيا، بحسب الصحيفة الأميركية.

وكان بومبيو قد أخبر نظيره الروسي سيرغي لافروف، في لقاءٍ منفصل في هلسنكي، بأنَّ رجل روسيا المُكلَّف بقضية أوكرانيا، فلاديسلاف سوركوف، يجب أن ينخرط بشكلٍ بنَّاء مع المبعوث الأميركي كورت فولكر. وعانى الرجلان للتوافق على دخول قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى شرق أوكرانيا، حيث تواصل القوات الحكومية قتال الانفصاليين المدعومين من روسيا.

وفي الإحاطة التي قدَّمها مجلس الأمن القومي الأميركي للحلفاء، لم يذكر مسؤول بالمجلس ما قال بوتين الخميس إنَّه اقتراح قدَّمه لترمب لإجراء استفتاء في المناطق الانفصالية في أوكرانيا. وأمس الجمعة، قالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية هيذر نويرت إنَّ إدارة ترمب "لا تفكر في دعم أي استفتاء".

وبحسب وكالة Interfax، قال السفير الروسي أنتونوف –الذي كان هذا الأسبوع قناة رئيسية للادعاءات الروسية بشأن القمة- مُتحدِّثاً في وقتٍ سابق الجمعة بنادي فالداي للحوار بموسكو: "القضية الأوكرانية لم تكن في قلب" مباحثات ترمب-بوتين.

علامات:
تحميل المزيد