أضاحٍ متعفنة، والسبب أعلاف من فضلات الدجاج.. فهل تتكرر معاناة المغاربة هذا العام؟

عيد الأضحى الماضي شهد أزمة في أضاحي المغاربة، والمواطنون يترقبون هذا العيد

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/19 الساعة 18:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/19 الساعة 18:52 بتوقيت غرينتش
A woman buys a sheep at a livestock market, ahead of the Eid al-Adha festival, in the Moroccan city of Oujda September 11, 2016. REUTERS/Youssef Boudlal

"فرحتُنا بنَحر الأضاحي لم تدُم طويلاً"، هكذا قال عبد الرحيم، الأب الأربعيني، وهو يستذكر أجواء عيد السنة الماضية، فساعات قليلة كانت كفيلة بإبراز مدى فساد اللحوم، وعدم جاهزيَّتها للاستهلاك الآدمي، وسط مخاوف من تسمُّم من يتناولها.

لم يكن لعيد الأضحى بالسنة الماضية طَعم أو مذاق، فأُسر مغربية كثيرة اكتشفت تحوُّل لون أضاحيها إلى الأخضر والأزرق مصحوباً بروائح كريهة، مع وجود أورام في مناطق مختلفة منها، لتضجَّ مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوى المغاربة، وتمتلئ مقالب النفايات بلُحوم فاسدة.

اشتكى كثير من الناس هذه السنة من ظاهرة تعفن لحم خروف العيد بالرغم من إدخاله للثلاجة وتسائلوا عن السبب، وعندما سألت أحد…

Gepostet von Youssef Mira am Sonntag, 3. September 2017

 

مئات الأسر متضررة

استياء كبير رافق اكتشاف أُسر مغربية تعفُّن لحوم أَضاحيها عقب ساعات فقط من ذبحها، وهو ما حصره محمد كريمين، رئيس الفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، فيما بين 750 و800 أضحية، موضحاً أن الهيئة تعمل حالياً على إحصاء القطيع وترقيمه، بوضع حلقة في إحدى أذني الكبش تحمل رقماً واحداً لا يتكرر، مع تسجيل عنوان الضيعة واسم صاحبها، وأخذ بياناته؛ للرجوع إليه متى ما حدث أي مشكل.

من خلال هذا الإجراء، بات مطلوباً من المغاربة عدم اقتناء أكباشهم إلا من لدن مربِّي الماشية، المعروفين محلياً بـ"الكسَّابة"، والمسجَّلين لدى المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ومما تتوفر على "حَلقات" على مستوى آذانها؛ إذ بات شراء أضاحي غير مرقَّمة من أسواق مفتوحة ومجهولة مصادر العلَف تصرفاً قد يكلف الأسرة غالياً.

هام جداطلب مني الكثير من الناس البارحة واليوم استشارة بخصوص لحوم خروف العيد التي تغيرت واصبح لونها أخضر ورائحتها كريهة…

Gepostet von Mohamed Benabdallah am Sonntag, 3. September 2017

 

تحقيقات وتقصٍّ .. ما الذي أفسد اللحم؟

انتقل المشكل، الذي ألقى بظلاله على أجواء العيد، من الشبكات الاجتماعية ليصل إلى قبة البرلمان، في حين دعا سياسيون ونشطاء مدنيون إلى فتح تحقيقات وتشكيل لجان تقصِّي الحقائق، ما استجاب له الوزير عزيز أخنوش، الذي التزم بإنجاز دراسة مستقلة تتحرى حقيقة ما جرى، أوكلها إلى المعهد الوطني للزراعة والبيطرة بالرباط.

مصادر خاصة بـ"عربي بوست" أكدت أن خلاصات التحقيق باتت بين يدي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية؛ إذ من المزمع أن تُعرض أسباب تعفُّن الأضاحي وفساد لحومها خلال ندوة صحافية، يُحدَّد تاريخها قريباً.

في غضون ذلك، قالت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك لـ"عربي بوست"، إن تجارب قام بها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية أثبتت أن 70% من التعفن كان نتيجة تغذية الخرفان بمخلفات الدواجن، و20% عبر تناول مختلف الأدوية البيطرية، وأخرى خاصة بالإنسان كالهرمونات وحبوب منع الحمل. أما الـ10% الأخرى، فكانت متعلقة بمواد أخرى مختلفة كالخميرة والملح وغيرها.

وكانت وزارة الفلاحة المغربية قد قالت إن معروض الأضاحي تراوح العام الماضي (2017)، بين 5.14 مليون رأس من ذكور الأغنام، و1.75 مليون رأس من إناث الأغنام، و2.11 مليون من الماعز.

حملات ترقيم.. حلقة في أُذن كل أضحية

طيلة أسبوعين يَلِيان عيد الأضحى، جرت العادة في المغرب ألا تُفتح أبواب الجزارة ولا بائعو الدجاج محلاتهم، وهو ما زاد من معاناة أسرة عبد الرحيم وغيرها من الأسر، الذين اضطروا إلى التخلص من كميات كبيرة من اللُّحوم النيئة دون أن يحظوا بأطباق شهية اعتادها الصغار والكبار، "حصلنا علىكميات من اللحم من جيراننا وبعض أقاربنا؛ حتى نطفئ غضب الأطفال ورغبتهم في تناول وجبات بعينها"، يقول رب الأسرة.

مع اقتراب عيد الأضحى، الذي تفصِلُ المسلمين أسابيعُ معدودةٌ عن الاحتفال به، أعرَب عبد الرحيم عن أُمنيته في ألا تنقلب فرحة العيد غضباً وحزناً كما حدث سابقاً، وهو ما تحاول الحكومة المغربية مواجهته عبر إطلاق حملات تحسيسيَّة لفائدة الفلاحين، للعمل على تسجيل ضيعاتهم لدى المصالح البيطرية التابعة للمكتب والتصريح بأنواع العلف التي يستعملونها.

من جانبه، أكد محمد كريمين لـ"عربي بوست"، أن عملية الترقيم وصلت إلى 3 ملايين رأس من أصل 6 ملايين يُضحِّي بها المغاربة، وعما إذا كانت الهيئة المغربية البيمهنية للحوم الحمراء قد تأخرت في هذه العملية، أجاب المتحدث بأن الخطوة لم تعرف أي تأخير، خاصة أن القطيع المخصَّص للذبح لا يتم تحديده بدقة إلا قبل 3 أشهر فقط من عيد الأضحى، وهو ما انطلقوا فيه منتصف شهر رمضان الماضي.

بعض الاسر تعاني من تعفن لحم الخروف بسرعة البرق وتحولها إلى اللون الأخضرما الاسباب ندعو المصالح المعنية التدخل…!!الصورة من داخل بيت اسرة اكتشفت لحم العيد فاسدا بالمحمدية

Gepostet von ‎عبدالعالي الرامي‎ am Sonntag, 3. September 2017

فضلات الدجاج .. في قفص الاتهام

التدابير الرقابية المتعلقة بأَضاحي عيد الأضحى لم تقتصر على وزارة الفلاحة والصيد البحري والمؤسسات التابعة لها؛ بل تعدَّتها إلى وزارة الداخلية، التي دخلت على خط هذه الفوضى، حيث تم عقد لقاء بمقر الوزارة جمع المهنيين من صيادلة وبياطرة، في حين توجَّهت أصابع الاتهام صوب سوق الأدوية البيطرية.

محمد كريمين، الذي حضر لقاءً جمعه بوَزيري الفلاحة والداخلية، لفت إلى أن الاجتماع انصبَّ حول مراقبة الأعلاف التي تُعطى للماشية، باعتبارها من أبرز الأسباب التي خلقت المشكل، يقول المتحدث في هذا الصدد لـ"عربي بوست": "بعض الماشية قُدِّمت لها فضلات الدجاج؛ لاحتوائها على البروتين، بهدف تسمينها، إلا أن لحومها تعفنت وأصدرت روائح كريهة بمجرد ذبحها".

من أجل ذلك، اتفق المسؤولون الحكوميون مع مهنيي الدجاج على عدم نقل فضلات ومخلفات الدجاج إلا برخصة، للإدلاء بها في أثناء نقلها، وطرحها خارج الأماكن والمطارح الخاضعة للمراقبة، في حين شهد اللقاء تحسيس الصيادلة والبياطرة بضرورة تقديم نصائح للمواطنين ومربي الماشية.

ورغم أهمية انعقاد لقاءات على أعلى مستوى؛ تفادياً لكل ما يمكن أن يشوش على المرور العادي لأداء المغاربة شعائر عيد الأضحى، انتقد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، تغييب فعاليات المجتمع المدني باعتبارها صلة الوصل مع المستهلك، وأوضح أن الجامعة تعمل حالياً على إجراء البرامج التوعوية بشكل مباشر، وباعتماد وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وغيرها.

الخراطي أشاد بمجهودات المكتب الوطني لسلامة المنتجات الغذائية، لافتاً عبر "عربي بوست" إلى مستوى التأهيل والتكوين بها، وداعياً إلى سد الطريق أمام ذوي النيات السيئة والباحثين عن الربح السريع واللامشروع ممن يشكلون المصدر الرئيسي لمختلف الأضرار الاجتماعية والاقتصادية التي تلحق المستهلك المغربي.

تحميل المزيد