قالت صحيفة The New York Times الأميركية السبت 14 يوليو/تموز 2018، أنها أجرت حواراً مع أحد أفراد الأسرة الحاكمة في إمارة الفجيرة الإماراتية والذي وصل للعاصمة القطرية الدوحة طالباً اللجوء.
وقال الشيخ راشد بن حمد الشرقي النجل الثاني لحاكم إمارة الفجيرة، الذي كان يشغل منصب رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، إن حكام أبو ظبي لم يتشاوروا مع حكام الإمارات الآخرين قبل المشاركة في حرب اليمن منذ ثلاث سنوات.
والشيخ راشد بن حمد الشرقي (31 عاماً)، هو الابن الثاني لحاكم الفجيرة، وهي واحدة من أصغر الإمارات السبع وأقلها ثروةً في دولة الإمارات.
وظهر الشيخ راشد في صباح يوم 16 مايو/أيار الماضي، على نحوٍ غير متوقع، في مطار العاصمة القطرية الدوحة طالِباً اللجوء.
وبحسب ما أكَّده الشيخ راشد للصحيفة الأميركية، أنَّه كان يخشى على حياته بسب خلافٍ مع حكام أبوظبي، الإمارة الغنية بالنفط التي تهيمن على الإمارات.
ورفض ممثلون عن السفارة الإماراتية في واشنطن التعليق على المسألة، ولم تتمكَّن الصحيفة من التواصل مع حكام الفجيرة.
انتقادات لأول مرة
ووفقاً لباحثين في شؤون المنطقة، يبدو أنَّ رحلة الشيخ راشد إلى الدوحة هي المرة الأولى في التاريخ الممتد قرابة 47 عاماً للإمارات التي ينتقد فيها عضوٌ بإحدى العائلات الحاكمة السبع هناك حكامها علناً. وفي مقابلةٍ مع صحيفة The New York Times الأميركية، اتهم الشيخ راشد الحكام الإماراتيين بالابتزاز وغسيل الأموال، ولو أنَّه لم يقدم أيَّ دليلٍ يدعم ادعائه، بحسب الصحيفة الأميركية.
وتحدث علناً كذلك عن التوتُّرات بين الإمارات، والتي لم تكن تُناقش من قبل إلا همساً، لاسيما الاستياء بشأن قيادة أبوظبي للتدخل العسكري الإماراتي في اليمن.
واتهم حكام أبوظبي بأنَّهم لم يستشيروا حكام الإمارات الست الأخرى قبل الالتزام بإرسال قواتهم إلى الحرب التي دخلت الآن عامها الثالث ضد المتمرديين الحوثيين في اليمن. لكنَّ الجنود من الإمارات الأصغر، مثل الفجيرة، هم من ملأوا خطوط الجبهات وشكَّلوا معظم قتلى الحرب الذين تفيد التقارير الإخبارية الإماراتية أنَّهم أقل من 100 بقليل.
وقال الشيخ راشد: "هناك قتلى من الفجيرة أكثر بكثير من أيِّ إمارة أخرى"، مُتَّهِماً أبوظبي بإخفاء الحصيلة الكاملة للقتلى.
وقال إنّه قرَّر إجراء المقابلة أملاً في أن يحمي الاهتمام العام بقضيته أسرته في الفجيرة من الضغط من جانب أبوظبي، وبدا أنَّه يأمل في إمكانية أن يمنحه التهديد بكشف المزيد ورقةَ ضغطٍ في وجه أبوظبي كذلك. فقال: "أنا أول شخص في أسرة حاكمة يخرج من الإمارات ويحكي كلَّ شيء حولهم".
الصمت أو الابتزاز!
وفي المقابلة، اتهم الشيخ راشد أجهزة استخبارات أبوظبي بابتزازه عبر التهديد بنشر مقاطع فيديو مُحرِجة له ذات طبيعة شخصية. ووصف مقاطع الفيديو بأنَّها "مفبركة"، لكنَّه رفض كشف محتواها.
وادعى الشيخ راشد أنَّ أجهزة الاستخبارات ضغطت عليه لتحويل عشرات الملايين من الدولارات نيابةً عنها إلى أشخاص لم يكن يعرفهم في بلدان أخرى، وهو ما يبدو أنَّه ينتهك القوانين الإماراتية والدولية المعنية بغسيل الأموال.
فقال: "قالوا: "أرسل المال إلى هنا" و"أرسل المال إلى هناك" كجزءٍ من أجندتهم"، مضيفاً أنَّه حوَّل أموالاً يصل إجماليها إلى نحو 70 مليون دولار إلى الأردن ولبنان والمغرب ومصر وسوريا، وإلى بلدان بعيدة وصولاً إلى الهند وأوكرانيا.
وبحسب الصحيفة الأميركية لم يقدم الشيخ راشد دليلاً يدعم هذا الاتهام، قائلاً إنَّ فواتير هذه المعاملات المالية لا تزال في الفجيرة.
ووفق روايته، بدأ الشيخ راشد رفض مزيد من الطلبات قبل أسابيع من سفره إلى بريطانيا ومن ثم اللجوء إلى قطر حين أتى عميلٌ للاستخبارات الإماراتية على ذكر أسرته، حكام الفجيرة. وقال الشيخ راشد إنَّه فسَّر تعليقات العميل على أنَّها تعني أنَّ أجهزة الاستخبارات أرادت منه السعي ليحل محل أخيه الأكبر كوليٍّ لعهد الفجيرة.
وقال باحثون يدرسون الخليج إنَّ قادة الإمارات الأخرى كثيراً ما تذمَّروا سراً من هيمنة أبوظبي على دولة الإمارات وسياسياتها الخارجية. فقال ديفيد روبرتس، وهو أستاذٌ يدرس الخليج بجامعة كينغز كوليدج في لندن: "من النادر خروج سياسات النخبة كتلك علناً في الإمارات".