تحافظ السعودية على مواقع تراثية تعود لعصور ما قبل الإسلام، مثل واحة لنخيل التمر من العصر الحجري، مبتعدةً بذلك عن خط شديد التحفظ من الإسلام السُّني انتهجته البلاد عقوداً، في وقت تسعى فيه للانفتاح.
وتعتبر الوهابية، وهي نهج إسلامي يراه البعض متشدداً ظهر في السعودية منذ نحو 250 عاماً، أن تبجيل الأشياء، خاصة تلك التي سبقت حياة الرسول محمد في القرن الـ7، تتساوى مع عبادة الأصنام، ودافعت عن إهمال تلك الأشياء أو تدميرها تماماً.
لكن في ظل الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تعهد بتشجيع نهج وصفه بأنه أكثر اعتدالاً للإسلام، وتخفيف القواعد الاجتماعية الصارمة مثل حظر قيادة المرأة للسيارات، خصصت المملكة مليار دولار للحفاظ على تراثها.
ويرجع تاريخ الكثير من المناطق التراثية إلى آلاف السنين، وقد يؤدي الاهتمام بها إلى حدوث رد فعل عكسي من جانب الأصوليين.
وبين هذه المناطق منطقة الأحساء، وهي من كبرى الواحات الزراعية الطبيعية في العالم، والتي أصبحت الشهر الماضي (يونيو/حزيران 2018) خامس موقع سعودي مدرج على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو).
وبالإضافة إلى ينابيع المياه الدافئة المتدفقة وأشجار النخيل على مساحات شاسعة، تحتوي المنطقة التي تبلغ مساحتها 25 ألف فدان على مواقع أثرية تعود إلى العصر الحجري الحديث.
وفي السعودية أيضاً مدائن صالح، وهو موقع آخر مدرَجٌ على قائمة "اليونيسكو" عبارة عن مدينةٍ، عمرها 2000 عام منحوتة في صخور الصحراء الشمالية على يد الأنباط، وهي الحضارة العربية التي بَنَتَ أيضاً مدينة البتراء في الأردن المجاور. ومدائن صالح الآن مركز لمشروع سياحي بقيمة مليارات الدولارات تقوم السلطات بتطويره بدعم فرنسي.
ووصف الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية، إدراج الأحساء في قائمة مواقع التراث العالمي لـ"اليونيسكو" بأنه "قصة نجاح".
وقال: "نحافظ على هذه الواحة منذ 50 عاماً، وتحرص الدولة على أن تستمر الأحساء واحة نضرة متجددة…".
وأضاف أن ما يصل إلى 150 موقعاً مهماً تم تدميرها أو فُقدت عمداً في التنمية العمرانية، قبل أن تتبنى الحكومة سياستها الجديدة لحماية الآثار القديمة قبل الإسلام.
وتأمل السعودية أن يؤدي إنعاش وإحياء مثل هذه المواقع إلى تعزيز الهوية الوطنية واجتذاب السياح المحليين والأجانب، في إطار محاولة لتنويع اقتصاد البلاد بعيداً عن الاعتماد على النفط.
وتهدف الإصلاحات إلى زيادة إجمالي الإنفاق السياحي إلى 46.6 مليار دولار في عام 2020، ارتفاعاً من 27.9 مليار دولار في عام 2015.